الفنان المسرحـي عبـاس فيصـل لـ “الشعـب”:

الكوميديا النّاجحة تستثمر في النّقد الاجتماعي

فاطمة الوحش

 أكّد الفنان المسرحي عباس فيصل أن الكوميديا استطاعت، في السنوات الأخيرة، أن تفرض نفسها بقوة على الساحة المسرحية الجزائرية، لتتحوّل إلى واحد من أكثر الأجناس الفنية جذبًا للجمهور، سواء من حيث الحضور أو التفاعل. وأوضح في تصريح لـ “الشعب” أن هذا النجاح لم يأتِ من فراغ، بل يعود إلى جملة من العوامل الفنية والاجتماعية التي جعلت من الكوميديا قالبًا محببًا وقريبًا من المتفرج الجزائري.

 أشار عباس فيصل إلى أن اعتماد الكوميديا على اللغة العامية، لعب دورا محوريا في تقريب العروض المسرحية من الجمهور، معتبرا أن “بساطة اللغة لا تعني بالضرورة بساطة الطرح، بل هي أداة للوصول السريع إلى المشاهد، وإثارة تفاعله وانفعاله مع ما يُعرض فوق الخشبة”.
ولفت فيصل إلى أنّ الكوميديا الناجحة غالبا ما تستثمر في النقد الاجتماعي، الذي يعكس يوميات المواطن وانشغالاته، ويعيد صياغتها في قالب فني مؤثر.
وقال في هذا الصدد: “حين تضحك على معاناتك، فأنت تتجاوزها، والكوميديا تمنحك هذه الإمكانية”.
ومع ذلك، لم يُخفِ عباس فيصل تخوّفه من بعض التحديات التي تواجه هذا اللون المسرحي، وعلى رأسها مسألة الموازنة بين الإضحاك والتأثير الفني، موضّحا أن “بعض العروض تكتفي بإثارة الضحك السريع، دون أن تبني خلفه بنية درامية متماسكة أو رؤية فنية متكاملة، وهذا ما يجعلها عرضة للنسيان بمجرد انتهاء العرض”.
وفي المقابل، ثمّن الفنان المسرحي الأعمال التي استطاعت أن تمزج بين المتعة والرسالة، مستشهدًا بعدد من التجارب الجزائرية الرائدة في هذا المجال، مثل أعمال عبد القادر علولة ورشيد قسنطيني، التي وصفها بـ “المدرسة التي أثبتت أن الكوميديا يمكن أن تكون وسيلة راقية لطرح الأسئلة الكبرى، لا مجرد تسلية عابرة”.
أما عن علاقة الجمهور بهذا التحول، فقد بيّن المتحدث أن الكوميديا ساهمت في إحياء الحركة المسرحية، خاصة من خلال استقطاب شرائح جديدة، وعلى رأسها الشباب. وقال: “في الوقت الذي كان فيه المسرح الجاد يجد صعوبة في جلب الجمهور، جاءت الكوميديا لتعيد إليه الحياة، ولو بشكل جزئي، لأنها تمسّ الناس من حيث يشعرون”.
لكنه نبّه في الوقت ذاته، إلى خطر الركون إلى السّطحية، مضيفا: “الخطر الحقيقي هو أن يعتاد الجمهور على الكوميديا السهلة، فيرفض لاحقًا أي عمل يتطلب منه جهدًا فكريًا أو تأمليًا.. وهذا ما قد يؤدي إلى تراجع التجارب المسرحية العميقة التي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى”.
وشدّد عباس فيصل في الأخير، على ضرورة أن يعمل صناع المسرح على رفع سقف التحدي، من خلال إنتاج أعمال كوميدية ذكية، تحترم ذكاء الجمهور وتعيد للكوميديا مكانتها كفنٍّ راقٍ قادر على الإضحاك، والتأثير، وطرح الأسئلة في آنٍ واحد

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19830

العدد 19830

الأربعاء 23 جويلية 2025
العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025
العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025
العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025