استعرضت مجلة «الجيش»، الركائز الأساسية لصون الأمن القومي للبلاد وتحقيق النهضة الاقتصادية والريادة الإقليمية، مبرزة أهمية المقاربة الشاملة المنتهجة لمجابهة التحديات والمخططات الدنيئة التي تستهدف بشكل محدد «الارتقاء الاستراتيجي» للجزائر.
في عددها لشهر لجوان، أبرزت المجلة عبر افتتاحيتها بعنوان «احترافية عالية تغذيها قيم الوفاء»، حرص القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، على تطوير القدرات الدفاعية «وبناء جيش قوي مهاب الجانب»، باعتباره مرتكزا أساسيا لقوة الأمم.
وأشارت المجلة إلى إدراك الجزائر «لحجم التحديات الراهنة والمستقبلية الواجب رفعها في عالم يموج بالتقلبات والتجاذبات وفي ظل أوضاع دولية وإقليمية يطبعها التوتر وعدم الاستقرار».
وأكدت «الجيش» على النجاح المستمر لتقوية المنظومة الدفاعية، الرامية إلى بناء جيش قوي وعصري «قطع خلال السنوات القليلة الماضية أشواطا كبرى على درب عصرنة وتحديث كافة مكوناته، ليبقى على الدوام الدرع الواقي للوطن وضامن وحدته وسيادته واستقلاله، سائرا على النهج الذي أرسى معالمه جيش التحرير الوطني بالروح والعزيمة نفسها، وبالمبادئ والقيم ذاتها»، وهو ما نوّه به السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني السيد عبد المجيد تبون.
ولا يتوقف الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، عن تقديم الشواهد وبعث رسائل الطمأنة والتحفيز لكافة الجزائريين، عن مدى جاهزيته القتالية وتحكمه في ناصية أشد الأسلحة فتكا ومعظم التكنولوجيات الحربية الحديثة، بحسب «الجيش».
وقالت المجلة، إن المكاسب المحققة في الجانب الدفاعي تعد «ثمرة للرؤية المتبصرة للقيادة العليا للجيش الوطني الشعبي وللجهود المضنية لكافه منتسبيه، وهي جهود تشمل مختلف المستويات والمجالات، على غرار التكوين والتجهيز بأحدث المعدات والأسلحة والتحكم في ناصية التكنولوجيات الدقيقة والمعقدة، وكذا التدريب والتحضير القتالي المستمر».
النجاح الباهر للتمرينين التكتيكيين «الحصن المنيع 2025» بإقليم الناحية العسكرية الثالثة و»صمود 2025» بالناحية العسكرية الثانية من كافة النواحي، «يعكس الجاهزية العالية لمقاتلينا واستعدادهم للدفاع عن الوطن وتأمين موجبات وحدته وصون سيادته»، وفقا لم أكدته المجلة التي أبرزت -في هذا السياق- تعليمات الفريق أول السعيد شنقريحة القاضية بـ»المزاوجة الرصينة والمتوازنة بين اكتساب المهارة القتالية والتمرس العملياتي والاحترافية العالية، من جهة، وبين تشبع القلوب والعقول بقيم الانتماء للوطن وروح الوفاء لعهد الشهداء وإجلال واجب التضحية والفداء في سبيل إعلاء راية الجزائر الأزلية والدفاع عن نظامها الجمهوري من جهة أخرى».
الركيزة الأساسية الثانية التي سلطت عليها افتتاحية «الجيش» الضوء، تمثلت في ارتباط الأمن القومي للبلاد بأمن جوارها الإقليمي، وهنا يأتي دور الدبلوماسية الجزائرية، ليتناغم مع ما يبذل من جهود لتأمين الحدود وحماية حرمة التراب الوطني.
وقالت المجلة في السياق: «بالموازاة مع الاستعداد الدائم للجيش الوطني الشعبي لمواجهة ودحر أي خطر قد يمس بأمن وسلامة وطننا الغالي، ومن منطلق الحيلولة دون العبث بأمن جوارها، تبذل بلادنا جهودا حثيثة عبر دبلوماسية نشطة، تسعى إلى استعادة الاستقرار السياسي والأمني في جوارنا الذي يشهد اضطرابات غير مأمونة». وذكرت بأن هذا الدور الدبلوماسي المشهود، ينسجم تماما مع مبادئ السياسة الخارجية الراسخة «التي تقوم على حسن الجوار ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها الوطنية ووحدتها الترابية، ناهيك عن فض النزاعات والأزمات سلميا، وتغليب لغة الحوار والمفاوضات ورفض منطق السلاح».
المرتكز الثالث الذي ركزت عليه الافتتاحية، تمثل في البعد الاقتصادي والتنموي الذي تضعه الجزائر ضمن مقاربتها الشاملة للتعامل مع التحديات في جوارها الإقليمي وتحديدا منطقة الساحل الإفريقي.
و»إلى جانب التزامها الثابت بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، كأحد التحديات الكبرى التي تواجهها منطقتنا» -تقول المجلة- «تتجاوز المقاربة الجزائرية الشاملة في هذا الخصوص، لتشمل البعد الاقتصادي عبر تعزيز التنمية في مـحيطها الإقليمي، عبر تقديم المساعدات الإنسانية وتمويل المشاريع التنموية ذات البعد الإقليمي، بما يسهم في إجهاض كل المخططات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة».
وتثبت تطورات الأحداث في المنطقة، خاصة في العقدين الأخيرين، صحة المقاربة الجزائرية، إذ عجزت الحلول المتطرفة القائمة على استخدام القوة أو الاستعانة بالتدخلات العسكرية الخارجية، عن استعادة السلم والاستقرار، بل أدت إلى تفاقم الأوضاع في كل مرة وتضييع المكتسبات المحققة.
وكمحصلة للركائز القائمة على كفاءة المنظومة الدفاعية والدور المحوري للدبلوماسية، إلى جانب مسار النهضة الشاملة وتماسكها بفضل قيم الانتماء والإخلاص للوطن، تؤكد «الجيش» أن الجزائر ستتمكن من رفع كل التحديات داخليا وخارجيا، وستستمر في «الرقي الاقتصادي وفي الارتقاء الاستراتيجي، وسيبقى أعداؤها، على غرار أسلافهم عبر التاريخ، يجرُّون أذيال الخيبة ويتجرعون مرارة الهزيمة وفشل مخططاتهم الدنيئة»، مثلما أكده السيد الفريق أول السعيد شنڤريحة خلال زيارته الأخيرة إلى الناحية العسكرية الثانية.