الشّاعرة حورية عمران:

غيــاب حركة نقــدية أثّرت سلبـا على دور الشّعـــر

أمينة جابالله

 يواجه جيش الشعراء في الجزائر والعالم العربي على حد سواء، تحديات ذات صلة بإعادة الاعتبار للشِعر وإعطائه المكانة التي يستحق، ويسعون إلى تحقيق ذلك من خلال الجهود الحثيثة التي تتجسد في الملتقيات والفعاليات والأمسيات والتظاهرات، وسائر الأنشطة التي من المفروض أن يكون على شرفها الالتفاف حول الرقي والاعتناء بقدسية مقومات القصيدة الشعرية ووحدة الوزن والقافية، بعيدا عن المضاربة بالأحاسيس التي لا أسهم لها في بورصة الفن والإبداع، وهذا حسب رأي بعض الشعراء.

 ذكرت الشّاعرة حورية عمران بأنّ الكثير من الأدباء والنقاد توقّعوا منذ عقدين أن تتربّع الرواية على عرش الفنون الأدبية، وبالفعل حظيت الرواية باستقبال شريحة كبيرة من القراء باعتبارها تمس قضايا الناس ومشاكلهم، عكس الشعر ـ تقول ـ الذي هجره القرّاء بسبب الرمزية والذاتية، وبعده عن قضايا الناس.
وأشارت إلى أنّ نسبة المبيعات تحصدها الروايات عكس دواوين الشعر، معتبرة من خلال سؤالنا هل فعلا تقهقر وتراجع الشعر باعتباره أهم فنون الأدب أم أنه في حالة ركود تتلوها النهضة؟ وهل نستطيع القول إنه انتهى زمن الشعر؟
إنّ المؤشّرات تؤكّد فوز وتربع الرواية بلا شك، لكن زمن الشعر لم ولن ينته ليس فقط بالجزائر بل بالعالم العربي أيضا، كما جاء على لسانها في هذا السياق: «ما حدث للشعر يمكن تشبيهه بالرجل المريض، وهو ما حدث للإمبراطورية العثمانية، وأن هذا الرجل المريض في فترة نقاهة وسيشفى، ومن هنا يجب تثمين ما قام به نزار ودنقل محمود درويش والشابي وغيرهم..والذين كانت لهم قاعدة جماهرية وأوصلوا الشعر ليتربّع على كل الفنون».
وعن واقع الشعر في الجزائر وما يقابله من تحديات تحدّثت حورية عمران عن عزوف الجمهور عن قراءة الشعر، وغياب دور الثقافة لتفعيل اللقاءات الشعرية المباشرة مع الجمهور، قائلة بأنه لا ندوات ولا أمسيات شعرية تربط الشاعر بجمهور القراء، إضافة لغياب الحركة النقدية والتي أثّرت سلبا على تفعيل دور الشعر في العصر الحديث.
ومن التّحدّيات الكبرى التي تراها الأخيرة بأنّها السبب في تزلزل إمارة الشعر، هو الإعلام المرئي والرقمي الذي جعل ثقافة الصورة والمشهد أهم من ثقافة الكلمة، وليس هذا فحسب، «بل نظرا لتأثير المادة على البشر وللظروف الاقتصادية والثقافية الصعبة، تغيّرت أفكار الناس فأصبحت القراءة شبه منعدمة، وصار المرئي والمحسوس والملموس أكثر واقعية من التخيل والمشاعر. كل هذا أثّر سلبا على الحركة الإبداعية، أيضا ارتفاع أسعار الطباعة وضعف سوق مبيعات الدواوين الشعرية أثّر على جماهيرية الشعر»، حسب قول المتحدّثة.
في النهاية بالرغم من المرحلة الصعبة التي يمر بها الشعر والشعراء، سيبقى فنّا قائما بذاته وسيعيد مجده، وليس من المجدي أن يقارن بالرواية أو غيره، وهو نفس واقع الشعر بالعالم العربي، وواقع الشعر بالجزائر لا يختلف عن واقع الشعر بالعالم العربي، حيث أنّه في ظل تردي الوضع الاقتصادي والثقافي، وفي ظل غياب القراءة وفي ظل تعششش فكرة «القراءة ما توكلنيش الخبز»، أصبحت كل الفنون الأدبية تعاني أهمها الشعر، وفي غياب سلطة النقد والنقد البناء زاد من ركود الشعر، حيث يتهم الشّعر أنه مرتبط بالوجدان ولا يساير ولا يحاكي قضايا المجتمع، إضافة إلى منصات التواصل الاجتماعي، وغياب اللقاءات الأدبية والندوات واللقاءات الشعرية، ساهمت في ركود الشعر. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19547

العدد 19547

الأحد 18 أوث 2024
العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024