أوضح البروفيسور العيد جلولي، المختص في أدب الطفل، في حديث مع «الشعب»، ان الاهتمام بأدب الطفل وثقافته جزء من الاهتمام بالأطفال لذلك إذا أردنا أن يكون لهذا الأدب مكانة في الحاضر والمستقبل فلابد من الاهتمام بهذه الشريحة على جميع الأصعدة، بدءا بتأسيس مجلس أعلى للطفولة، كما هو في كثير من البلدان، وتشجيع الكتاب الكبار للمساهمة في الكتابة للأطفال، وتأسيس جوائز تشرف عليها وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم العالي وحتى وزارة المجاهدين، ذلك أن الاهتمام بالطفولة مسؤولية الجميع.
أوضح جلولي أن الحديث عن أدب الأطفال يجرنا إلى وصف واقع الطفولة في الجزائر وعن هذا الأدب في المجالين: الإبداعي والنقدي، مشيرا إلى أنه وقبل التطرق إلى هذين المجالين لابد أن نتحدث عن واقع الطفولة ببلادنا، ذلك أن الاهتمام بالأطفال لا يزال محصورا في المدرسة وبعض الجوانب الصحية المتعلقة بصحة الأم ورعاية الطفل ولم يتطور إلى مشروع متكامل ضمن رؤية واضحة من أجل إعداد الطفل، كما تفعل بعض الدول التي تدرك أهمية الطفولة كصانعة للمستقبل».
أبرز المتحدث أن الاهتمام بالطفولة إذا قورن بما يقدم للشباب على سبيل المثال في الجانب الرياضي والثقافي لا يزال دون المستوى المطلوب، وحتى الاهتمام بالشباب -بحسبه- ليس نابعا عن قناعة بأهمية هذه الشريحة، ولا عن رؤية حضارية نابعة من إيمان القائمين على ذلك بأهمية الشباب في بناء حاضر الأمة ومستقبلها، بقدر ما هو نابع من دوافع سياسية مؤقتة أظهرت فشلها في الواقع من خلال ظاهرة تمرد الشباب ورفضهم لكل سلطة «سلطة الأب، سلطة المعلم، سلطة الدولة» خصوصا في السنوات العشرين الماضية.
الخيال العلمي الغائب الأكبر
في توضيحاته حول الموضوع، قال البروفيسور العيد جلولي «عندما طلب مني التطرق إلى آفاق أدب الأطفال في الجزائر ترددت كثيرا، ذلك أن الحديث عن الآفاق يعني الحديث عن المستقبل، والحديث عن المستقبل ينطلق من الحاضر، ولا يوجد في حاضر هذا الأدب ما يجعلنا نتفاءل بالمستقبل ونتحدث عن الآفاق»، فإذا جئنا للجانب الإبداعي فإن أدب الأطفال يعاني اليوم أزمة كتابة، وأزمة نشر.
فيما يخص أزمة الكتابة، بحسب محدثنا، الكثير مما يكتب للأطفال تجاوزه الزمن، كما أن من يزعم أنه كاتب للأطفال مازالت تدور موضوعاته في فلك الغيبيات والمغامرات وقصص الفانتازيا والغول والجنية، في حين أن هناك موضوعات جديرة، اليوم، بالاهتمام كموضوعات الخيال العلمي وحقوق الطفل وموضوعات قريبة الصلة بواقع الطفل.
هذه المواضيع غائبة عن التناول والمعالجة ولعل مرد ذلك -يضيف- أن معظم من كتب للأطفال هم من كتاب الدرجة الثانية الذين لم يرزقوا موهبة الكتابة لهذه الفئة، وليس لهم إطلاع على ما ينشر للأطفال في الدول التي سبقتنا في هذا المجال، أو الدول التي تهتم بهذا الأدب إبداعا ونقدا.
أما من امتلك القدرة على الكتابة فإنه لا يتجه لأدب الأطفال لأنه لا يصل به إلى النجومية، ولأن المؤسسات الرسمية لم تعط هذا النوع من الأدب الاهتمام الكافي، لهذا يبقى هذا الأدب في منطقة الظل والهامش، أما بالنسبة للنشر فنحن وبعد مرور عقود من الاستقلال لا نملك مؤسسة رسمية ولا دور نشر متخصصة في نشر كتاب الأطفال، وما ينشر اليوم لا يخرج عن التجارية والعشوائية والارتجال وعن الجانب المتعلق بالمنجز النقدي الذي يتناول هذا الأدب فإن الدراسات المنجزة في هذا المجال قليلة ومعظمها انجز كمذكرات ورسائل وأطروحات جامعية لنيل درجة علمية، ثم سرعان ما يترك هؤلاء الباحثين هذا الأدب ويتجهون إلى مجالات بحثية أخرى لأسباب يطول ذكرها في هذا الحيز الضيق.