التنمـية الثقافيـــة.. رافــد إنسـاني واقتصــادي حيـوي
تُحيي الجزائر في الخامس من شهر جويلية الذكرى الثالثة والستين لعيدي الاستقلال والشباب، حيث استعادت فيه الجزائر حريتها وسيادتها بعد احتلال فرنسي دام مائة واثنين وثلاثين عاما، وتأتي هذه الذكرى والعالم يشهد تغيرات كبيرة، ومستجدات عديدة، وتطورات متلاحقة على جميع الأصعدة، كما تشهد بلادنا تحديات عديدة خصوصا في زمن العولمة وما تفرضه من تبعات مختلفة، بحسب ما أكده البروفيسور العيد جلولي، في تصريح لـ«الشعب”.
يقول البروفيسور جلولي إن هذه التحوّلات تتطلب منا التحضير الجيّد لمواجهتها والتقليل من مخاطرها، وهو ما تعمل الدولة الجزائرية على إنجازه في جميع المجالات والميادين، وأبرز جلولي هنا أن “التحدّي المطروح في القرن الواحد والعشرين ونحن نحتفل بعيدي الاستقلال والشباب، يتمثل في تحقيق تعبئة ثقافية شاملة تحاول ما وسعتها المحاولة أن تبرز عناصر هويتنا الجامعة، دون إقصاء أو تهميش ينخرط فيها الجميع، من أجل مواجهة العولمة القائمة على الغلبة وهوس القوّة وفرض سيطرة الثقافة الغربية بلا حدود، تحت شعار عائم ومبهم وهو.. نحو عالم بلا حدود ثقافية”.
وانطلاقا من هذا التحدّي،”تأتي التعبئة الثقافية كأداة للتعبير عن هوية المجتمع الجزائري وأصالته وامتداداته التاريخية، كما تعتبر هذه التعبئة شكلا من أهم أشكال المقاومة.”
وهنا أوضح البروفيسور جلولي أن المتتبع للمنجز الثقافي للجزائر في عهدها الجديد، يدرك أن الدولة الجزائرية عازمة على تحقيق التعبئة الثقافية، انطلاقا من الحملة التي أطلقتها لحماية الإرث الثقافي الجزائري، من خلال مراجعة شاملة للقانون المتعلق بالتراث الصادر عام 1998، ومراجعة النصوص ذات الصلة بغية تعديلها بهدف إدراج مواد خاصة بحماية التراث اللامادي مثل الأنماط الموسيقية التقليدية، والفنون المطبخية المتنوعة واللباس والزي التقليدي، مشيرا إلى أننا قد عشنا قبل سنوات فراغا محزنا بسببه بات تراثنا عرضة للنسيان والإهمال، بل ومحاولة سرقة هذا التراث ونسبته لجهات خارجية.
وقال إن الجزائر تسعى عبر وزارة الثقافة والفنون والمراكز التابعة لها خصوصا المركز الوطني للبحث فيما قبل التاريخ والأنثروبولوجيا والتاريخ، إلى تسجيل أكبر عدد ممكن من تراثنا الذي أهمل لسنوات طوال لدى اليونسكو من أجل تثمينه وصونه.
ومن خلال هذا التحرك، يقول “ندرك أن الدولة الجزائرية مصممة على حماية وصيانة التراث الثقافي الوطني ودعمه، وهذا التحرك أثمر عن تسجيل أكثر من اثنا عشر عنصرا من تراثنا اللامادي وأحد عشر موقعا ثقافيا وطبيعيا، شمل الحدائق والحصون والحظائر الثقافية والتراث الأثري والقصور والأضرحة وأنظمة السقي وفن العمارة ومدن القوافل والمناظر الخاصة، وغيرها ضمن قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو”.
وأضاف أن هذا الاهتمام من التشريع والتصنيف، قد ارتقى إلى الترويج الالكتروني عبر وضع منصات وتطبيقات إلكترونية، تتيح للزائر والمتصفح استكشاف المواقع التاريخية والأثرية.
وبالإضافة لهذا المنجز أشار محدثنا إلى أن هناك اهتماما آخرا في حقل الثقافة أيضا تشرف عليه وتنجزه وزارة الثقافة والفنون، وهو الاهتمام بالمهرجانات الثقافية الدولية والوطنية والجهوية والمحلية، وأيضا تكريس جوائز متنوّعة وإقامة مؤتمرات وملتقيات ومعارض مختلفة، وكلها تهدف إلى تحقيق التنمية الثقافية التي تضفي لحياة الانسان الجزائري المعنى المنشود للاستقلال.