المدونة الأدبية من أبرز المنجزات.. بن تومي لـ«الشعب”:

الجزائــر المنتصـرة.. خُطى واثقــة لترسيـخ الاستقلال الثقافي

فاطمة الوحش

يرى البروفيسور اليامين من تومي أن الجزائر، وهي تعيش مرحلة الجزائر المنتصرة، لا تكتفي بالاحتفاء بمنجز الاستقلال السياسي، بل تمضي بثقة نحو ترسيخ استقلالها الثقافي والفني، خاصّة من خلال روايتها الوطنية التي عبّرت عن التحوّلات العميقة التي عرفها المجتمع الجزائري عبر العقود. وقال في تصريحه لـ«الشعب”، إن سؤال الاستقلال لم يعد مقتصرا على الجغرافيا والسيادة الوطنية، بل أصبح مطروحًا بقوّة في الحقل الثقافي، لا سيما على مستوى المدونة الأدبية التي تُعد اليوم أحد أبرز منجزات الجزائر الجديدة.

وأكد الكاتب اليامين بن تومي، أن الجزائر تُعد استثناء في تاريخ ما بعد الكولونيالية، لأنها لم تكن فقط بلدا مقاوما، بل تحولت إلى مرجع ثقافي عالمي وموضوع دائم في الأدب والفكر، ألهم نصوصا إبداعية ونقدية وفلسفية كبيرة. وأضاف أن هذه المكانة لم تكن لتتحقق لولا التحام الأدب بروح المقاومة والانتصار، مما يجعل من المدونة الأدبية، وخصوصًا الرواية، واحدة من أبرز تجلّيات الجزائر المنتصرة في بعدها الثقافي والفني.
وأوضح المتحدّث، أن الرواية الجزائرية، منذ الاستقلال، واكبت بناء الدولة الوطنية، وأدّت دورا تأسيسيا في نقل هموم المجتمع وتحوّلاته. واستشهد بأعمال محمد ديب، وكاتب ياسين، وعبد الحميد بن هدوقة، الذين صنعوا معا سردية مقاومة أدبية موازية للمشروع الوطني، حيث أصبحت الرواية ناطقا باسم الدولة الحديثة، تتابع تحوّلات السبعينيات والثمانينيات، وتنتقد ظهور الطبقات الريعية، كما في أعمال الطاهر وطار، التي واجهت بشجاعة انحرافات بعض المسارات الاقتصادية.
وقال بن تومي، إن هذا الدور النقدي التنويري جعل من الرواية الجزائرية عنصرا فاعلا في مسار التحوّل الوطني، لا سيما في فترة ما قبل أحداث أكتوبر 1988، حيث شكلت نصوص واسيني الأعرج، وعبد المالك مرتاض، ومحمد العلي عرعار، وحبيب السايح، أرضية فكرية موازية لسيرورة التغيير، وأسهمت في فتح النقاش حول العدالة الاجتماعية والحقوق والحرّيات. وأضاف أن هذه المرحلة عززّت موقع الرواية كقوّة اقتراحية وتنويرية داخل الجزائر المنتصرة، التي لم تكتف بالمكاسب السياسية بل عملت على ترسيخ مشروع ثقافي وطني جامع.
من جهة أخرى أبرز الأستاذ، أن الرواية القادمة من الجنوب الجزائري لعبت دورا رياديا في استعادة سؤال الهوية الوطنية، خاصة مع أسماء مثل عبد الله كروم، والحاج الصديق زيواني، وعبد القادر ضيف الله، الذين أعادوا للرواية الجزائرية بوصلة الانتماء، في الوقت الذي انزلقت فيه بعض كتابات الشمال نحو قضايا غير وطنية. وقال: “لقد بشرّت هذه الأعمال بانبعاث جديد للرواية الجزائرية، وكتبت فصلا آخر في مشروع الجزائر المنتصرة ثقافيًا”.
وأكد بن تومي، أن الرواية الجزائرية، عبر كل تحوّلاتها، لم تكن مجرد مرآة للمجتمع، بل كانت فاعلا فيه، ومحرّكا للوعي الجماعي، وسفيرا للثقافة الجزائرية في المحافل الدولية. وأوضح أن هذه الرواية، التي تعمّقت في رسم معالم الوطن وتعريف القارئ غير الجزائري به، قد أنجزت استقلالا جماليا حقيقيا، يُضاف إلى الاستقلال الجغرافي.
وختم بقوله، إن الرواية الجزائرية استطاعت أن تتحرّر من التبعية الجمالية، وتؤسس سردياتها الخاصة، وتعبر عن وجدان أمة، وتحتفل بانتصاراتها الكبرى، ليس فقط في ميادين السياسة، بل في مجالات الثقافة والفنّ والروح.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19813

العدد 19813

الخميس 03 جويلية 2025
العدد 19812

العدد 19812

الأربعاء 02 جويلية 2025
العدد 19811

العدد 19811

الثلاثاء 01 جويلية 2025
العدد 19810

العدد 19810

الإثنين 30 جوان 2025