د. ليندة ولد قابلية، المديرة العامة للوكالة الوطنية للدّم:

الجزائريـون سبّاقـون للتـــبرّع في الأزمات

حوار: نضيرة نسيب

  ندعو المواطنين للتبرّع  وعدم التخوّف من كورونا

 رمضان فرصة لمساعدة من هم بحاجة لقطرة دم

في لقاء خاص مع «الشعب ويكاند» ، أوضحت المديرة العامة للوكالة الوطنية للدم، الدكتورة ليندة ولد قابلية، أن جهود الوكالة متواصلة لملء الخزانات الاحتياطية للدم التي انخفضت في السنة الماضية، جرّاء مرور البلاد بجائحة كورونا، مع تخوّف المواطنين من العدوى وعزوفهم أثناء مختلف فترات الغلق نتيجة الحجر.  تتجدّد الدعوة، بمناسبة شهر رمضان، إلى ترسيخ فعل التبرّع بالدم لدى جلّ المواطنين ليصبح فعلا طبيعيا وعفويا ليؤسِّس، بحسبها، بالضرورة ثقافة مرجعية على امتداد العام كلّه.

-  الشعب ويكاند:  فيما يتمثل التبرّع بالدم، وما هي أهمية الدّم كمادّة حيوية؟

 الدكتورة ليندة ولد قابلية: تتوّفر في بلادنا نصوص قانونية خاصّة تسيّر عمليات التبرّع بالدم، باعتبار الدّم مادة حيوية مؤمّنة ومضمونة، لأن المتبرّع قبل أن يقوم بإعطاء قطرة من دمه يخضع إلى تدابير وقائية مهمّة، نذكر من بينها الفحص الطّبي الذي يشمل طرح أسئلة على الشخص بهدف الكشف عن أي مانع صحّي لا يسمح بالتبرّع.
ويتم التأكد من ذلك عن طريق إخضاع دم المتبرّع إلى فحوصات مختلفة، حيث يستفيد المقبل على عملية التبرّع من أربعة فحوصات للدّم يضاف إليها الكشف المخبري المحدّد لنوعية الزُمرة الدموية، بالإضافة للتأكد من خلوّه من أي أمراض مُعدية خطيرة، نذكر منها الكشف عن مرض السيدا والتهاب الكبد الفيروسي بي وسي، ومرض الزهري المعروف بالسيفيليس.
 كما تتمثل أيضا أهمية توفّر عنصر الدّم الحيوي في حياتنا، في كونه ليس لديه بديل وفي حالة عدم توّفره يمكن فقدان أرواحا عديدة خصوصا في الحالات الاستعجالية جراء الحوادث أو الولادات ومختلف العمليات الجراحية التي تستلزم حقن الدم وعند العديد من المصابين بأمراض مزمنة ومرضى السرطان، لذلك تسعى الوكالة إلى ترسيخ فعل التبرّع بالدّم في حياة كل جزائري، بصفة عفوية وطبيعية، عن طريق جعله عادة حميدة يلجأ إليها الأشخاص دون تردّد، لأن أيا منا في يوم من الأيام يمكنه أن يحتاج لكمية من الدّم في حالة مستعجلة ومختلفة، وهنا تأتي في باله فكرة المدوامة على التبرّع بالدّم.

- ما هي خصوصية فعل التبرّع بالدّم؟

 فعل التبرّع بالدّم يخضع لقواعد أخلاقية، أولاً وقبل كل شيء، وهي السرية وبدون مقابل مادي، وهو فعل غير إجباري في بلادنا، بل هو طوّعي وتطوعي، وأيضا هذا ما يتوافق مع توصيات المنظمة العالمية للصّحة، ولا يمكن أن يتاجر بمادة الدّم، بالرغم من أن هناك بعض البلدان، مثل أمريكا وألمانيا، أين يباع الدم فيها، إلا أنه وكنتيجة لذلك، تم ملاحظة فيما بعد أن نوعية الدّم في أغلب هذه الحالات غير صالحة للحقن، بالنظر للأمراض التي قد  يحملها هؤلاء المتبرّعون الذين بإمكانهم أن يكونون من مدمني المخدّرات وبحاجة ماسّة للمال حيث بامكان البعض منهم أن يحملوا بعض الأمراض الخطيرة والتي يمكن نقلها عبر الدم مثل السيدا وغيره من الأمراض المعُدية والتي تنتقل عبر الدم، لهذا السبب، كما سبق وأن ذكرت يحرص القائمون على عمليات التبرّع ضمان نوعية جيّدة وآمنة لكميات الدّم المتبرّع بها.
كما رافقت هذه الاحتياطات المعمول بها، وفق البروتوكول الصّحي المسّطر من طرف وزارة الصّحة، إجراءات أخرى صارمة، تتعلّق بالعمل على تحقيق الحماية القصوى للمتبرّعين وللعاملين بالقطاع، تفاديا للعدوى من فيروس كوفيد 19 عن طريق التعقيم الكلّي لأماكن تواجدهم في مراكز حقن الدّم، بالإضافة إلى تطبيق التباعد واتباع نظام المواعيد حيث يتم إعطاء موعد محدّد ومسبق للمتبرّعين لتجّنب الانتظار الطويل في مراكز الجمع، ويهدف من خلال ذلك تحقيق حماية مزدوجة تخصّ مستخدمي الصّحة والمواطنين المتبرعين على السواء، سعيا وراء استكمال عملية التبرّع في مأمن عنها.

- هل سجّلتم في الماضي حالات عدوى تخصّ أمراض خطيرة مثل السيدا في تاريخ التبرّع بالدم في الجزائر؟  
 نعم ولا، نعم سجلنا حادثتين، تم تداول أخبارها في وسائل الإعلام وأحدثت ضجّة إعلامية كبيرة، وأقول كلمة لا النافية قطعا، لأنه تبيّن بعد إجراء البحث الميداني بالتعاون مع وزارة الصّحة، أنه لا أساس لذلك من الصّحة، حيث تمكّنا من العودة إلى المتبرّع الأصلي، علما أنه تتبّعنا كل المراحل التي مرّت عبرها عملية التبرّع تلك بالعودة إلى الوراء بسنوات حيث نملك دفاتر تقيّد فيها كل خطوة، كما سبق وأن ذكرت، وتوّصلنا حينها إلى المتبرّعين الأصليين وتأكدنا من عدم صحّة احتمالية العدوى عن طريق كيس حقن الدم بإعادة إجراء التحاليل للمتبرّع نفسه وتبث أنه غير مصاب بالعدوى، وهذا ما ينفي إمكانية نقله لها وعدم تسبّبه في الإصابة ، ونحن هنا ندعو الإعلام قبل نشر أي معلومة التقرّب من المصالح المعنية للتأكد، لأن نشر مثل هذه المعلومات يعدّ أمرا خطيرا، يجعل الأشخاص يعزفون عن التبرّع، وهذا فعلا ما حدث لنا في تلك الفترة حيث أحدث الإعلام ضوضاء كبيرة، إلا أننا استطعنا بعد البحث في القضية نفي أي احتمالية للعدوى عن طريق حقن الدّم، كما سبق وأن ذكرت، وبعدها مباشرة سجّلنا عزوفا كبيرا عن التبرّع جرّاء ذلك، عملت وكالتنا مباشرة على استعادة ثقة عدد المتبرّعين من جديد، ونقول إنه بمقدرتنا أن نتحقّق من حالة الإصابات لعلّ وعسى تم حدوثها فعلا وهنا أيضا كاحتمال فقط يتوفر لدينا كل الامكانات لتحديد مكان الخطأ، ومن سببه وفق التنظيم المعمول به على كل المستويات لاسيما داخل الوحدة ذاتها حيث يمكن تحديد من أخطأ ويمكننا معاقبته، لأنه لا قدّر الله خطأ لا يُغتفر.   

-   نعود إلى أهم الإجراءات المتبّعة في شهر رمضان وفي ظل انتشار جائحة كورونا، في ما يخصّ التبرّع بالدّم؟

 سطّرت الوكالة الوطنية للدّم برنامجا خاصًا، بالتنسيق مع مجموعة من الشركاء المرافقين لها في كل عمليات التبرّع على مجموعة من المستويات بهدف إعادة ملء خزّانات الدّم في مختلف ربوع الوطن، وخصّت الوكالة شهر رمضان لهذا العام بالنظر للتقليد الذي رسّخ في السنوات الماضية، (باستثناء العام الماضي، أين كان فيها شهر رمضان مرفوقا بحجر كلّي)، حيث نظمت الوكالة حملات توعية وتحسيس بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية بوضع شاحنات لجمع الدّم بالقرب من المساجد والجمعيات الخيرية في الأحياء والساحات العمومية والتي تسهر على جمع الدم من المصلّين بعد الانتهاء من تأدية صلاة التراويح، وتحت وصاية وزارة الصّحة التي وضعت تدابير وقائية صارمة، ولعلمكم تجرى العملية ذاتها على مستوى مختلف النقاط 240 المبرمجة لحقن الدم بكل أرجاء الوطن والمتواجدة داخل وخارج  المستشفيات والتي تبقى أبوابها مفتوحة طيلة السهرات الرمضانية.

- كيف تم تنظيم مختلف هذه العمليات خلال جائحة كوفيد-19؟
 خلال فترة تراجع نسبة التبرّعات مع عزوف المواطنين عن التبرّع، تخوفا من العدوى بفيروس كورونا، نظمت الوكالة أيضا حملات إعلامية وتحسيسية مكثّفة من أجل تفادي انعدام توفّر مادة الدّم، لأن ذلك يرهن حياة عدد كبير من المواطنين الذين هم في حاجة ماسّة لقطرة دم. وتهدف الوكالة الوطنية للدم من خلال حملاتها الإعلامية إلى شرح أهمية التبرّع بالدم، كما وجهت رسالتها في هذا الشهر الفضيل إلى مختلف فئات المجتمع لتلقى صدى إيجابيا من طرف عدد كبير من المواطنين وتدعوهم من خلالها للالتحاق بمختلف الأماكن المخصّصة لعمليات التبرّع بالدم القريبة من مقرّ سكناهم.
 
- ما هي أهم الحالات التي تحتاج لحقن الدم؟

 الآلاف من المرضى في كافة أرجاء الوطن بحاجة ماسّة لحقن الدم بصفة مستعجلة طوال السنة وخصوصا مع عزوف وتخوّف المواطنين من التبرّع بالدم جراء انتشار جائحة كورونا في السنة الماضية، مما أدى إلى تسجيل نقص في المخزون الاحتياطي لبنوك الدم حيث انخفض عدد المتبرّعين، بالمقابل بهدف معالجة الوضع، منذ بداية الجائحة، تبرمج الوكالة حملات إعلامية متعاقبة ومستمرة تحسّس من خلالها أهمية التبرّع بالدم والحفاظ على حياة الأشخاص على غرار المصابين بحوادث المرور في الاستعجالات والعمليات الجراحية الخاصة بمرضى القلب، وجراحة العظام والولادات عن طريق الجراحة القيصرية والمرضى المصابين بأمراض الدم والسرطان والمرضى الذين يخضعون للعلاج الكيميائي.

 -  ما هي التزامات الوكالة لطمأنة المواطنين في حالة وجود رغبة لديهم في التبرّع بالدم؟  

 بالرغم من الوضعية الصعبة التي تمرّ بها البلاد، فإن الوكالة وبالتنسيق مع مختلف الخبراء قدّمت توصيات خاصة وأعطت توجيهات لكل هياكل حقن الدم بهدف الحرص على توفيرها لكل المرضى ومستخدمي الصّحة، العاملين بهذه المراكز لحمايتهم من أي عدوى على السواء.
 لأن طمأنة وحماية المتبرّع بالدم مهمة لضمان قدوم عدد كبير من المتبرّعين، بالنظر للحاجة الماسة إلى كمّيات معتبرة من الدم والتي تبقى قائمة طوال العام، سواء كان هناك وباء أم لا، نحتاج لتبرّع المواطنين بالدم بدون انقطاع ولكي يُقدّم هؤلاء على التبرّع، نسهر على طمأنتهم ونقوم بتخصيص أماكن محدّدة ومؤمّنة تسّخر لمجمل عمليات التبرّع، لأنه لا يجب الاكتفاء بدعوة المواطنين إلى المستشفى فقط خصوصا مع تخوّفهم من العدوى، ولعلمكم هناك مرضى مُزمنين يتفادون الذهاب إلى الطبيب المعالج المتواجد بالمستشفى، دون التفكير في التبرّع خصوصا في بداية الأزمة الصحّية.
ويتمثل دور الوكالة الوطنية للدّم في طمأنة المواطنين بسلامة المكان وأنه مؤمّن ومخصّص للتبرّع بالدم فقط لاسيما على مستوى شاحنات جمع الدم أو مراكز حقن الدم بالنظر للوضعية الصّحية المستعجلة لعدد كبير من المصابين والذين يحتاجون للدم في كل الأوقات، ومن مختلف الفئات التي تبقى بحاجة إلى هذه المادة الحيوية حيث لا يمكننا الترّاخي عن الدعوة السامية لإنقاذ حياة بفضل قطرة دم.

 

بالأرقام..
سجّلت الوكالة الوطنية للدّم مجموعة من الإحصائيات تتعلق بنسب التبرّع بالدم لا سيما من حيث الانخفاض المسجل بنسبة 13 ٪ في العام الماضي 2020، مقارنة بعام 2019، كما أبرزت الدكتورة ليندة ولد قابلية نقطة مهمة وتتمثل في اعتماد الوكالة على هذه الإحصائيات كمرجعية أوّلية لتسطير مختلف استراتيجياتها الإعلامية في التوعية والتحسيس، أمام الوضعية الصحّية لجائحة كورونا.  
في هذا الصدد، تسعى الوكالة للدم عبرها في المساهمة لجلب أكبر عدد ممكن من المتبرّعين بالدم من فئة الشباب والتي يتراوح عمرهم ما بين 28 سنة و 45 سنة، بنسبة تقدر تقريبا بـ 50 ٪، وفق ما أفادتنا به المديرة العامة للوكالة الوطنية للدم، وهي تدعو هذه الفئة للتبرع بالدم، وإليكم أهم الأرقام التي في جعبتها:
-  13 ٪ هي نسبة انخفاض مخزون الدّم الاحتياطي في سنة 2020 مقارنة مع سنة 2019.
- 240 مركز حقن الدم متوّفر تقريبا على مستوى كل المستشفيات الوطنية على امتداد كل التراب الوطني.
- 570 ألف كيس دم تم جمعه في سنة 2020.
- 50 ٪ من المتبرّعين يمثلون الفئة العمرية ما بين 28 سنة و45 سنة.
- 25 ٪ من المتبرّعين من فئة الشباب يتراوح سنهم مابين 18 سنة و27 سنة.
-  90 ٪ من المتبرّعين رجال، يقابله نسبة 10 ٪ فقط من المتبرّعات نساء.


أخطاء شائعة

من المهم التبرّع بالدم دوريا من طرف الأصحّاء، لأنه يجدّد الخلايا ويحمي الجسم من الأمراض حيث يقوّي المناعة على عكس ما يظنه الكثيرون، كما يتم خفض ضغط الدم المرتفع، فهذه العملية يمكن تشبيهها تقريبا بنفس الفعّالية التي تحدثها الحجامة في الجسم  حيث تحسن اللّياقة البدنية للأفراد على كل المستويات، لذلك لا يمكن اعتبار التبرّع بالدم إضعافا للمناعة، صحيح هناك تخوّف كبير من هذا الأمر لدى المواطنين الذين يعزفون عن التوّجه إلى مراكز التبرّع، نحن نشجعهم على القيام بهذا الفعل أولا بالنظر لفوائده الصّحية وثانيا باعتباره فعلا إنسانيا بالدرجة الأولى، لأنه يمكنّنا من إنقاذ حياة الأشخاص الذين هم في حاجة ماسة لقطرة دم، فمن أحيا شخصا كأنه أحيا الناس جميعا.

 ميكروسكوب

يحوي الكيس الواحد من الدم مجموعة من ثلاث مكوّنات:

1 ـ الكرّيات الحمراء: وهذا العنصر يستعمل عامة في حالات النزيف، فيما يخصّ الجراحات بمختلف أنواعها، من بينها العمليات القيصرية في الولادات وحالات الأنيميا الحادة أو فقر الدم المزمن، كما هو الحال لدى مرضى الدم.
2 ـ الصفائح: أما هذا العنصر يحتاجه المرضى الذين يعانون من انخفاض في نسبة الصفائح مثل مرضى السرطان، ويمكن استخراج هذه المادة على طريقتين سوى بالطريقة العادية من الدم الكامل أوعن طريق الآلة، وهذه الطريقة تفيد هؤلاء المرضى، لأنه عن طريق الآلة يمكن سحب كمية كبيرة من الصفائح تساوي ستة أكياس في التبرع العادي.
3 ـ البلازما: وهي مادة يحتاجها الأشخاص الذين أصيبوا بحروق كبيرة، وفي السابق كان يحتاجها المصابون بمرض الهيموفيليا وحاليا أصبحوا يعالجون عن طريق أخذ أدوية مشتقة من الدم والتي أصبحت متوّفرة لديهم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024