حــين يُصبح التواصـل الاجتماعي «مضرّا بالصحـة»

«ترانـــد الباراسيتامــول».. اللّعـب بـ«الجرعــات» مدمّر..

جمعتها: نضيرة نسيب

 في عصر منصّات التواصل الاجتماعي، أصبحت التحديات الرقمية والمواضيع الرائجة لا تفارق حياتنا اليومية. وحاليا من بين هذه الظواهر الخطيرة التي تصنف في الخانة الحمراء، يبرز ما يعرف بـ»تراند الباراسيتامول»، نعم إنه تراند شاع مؤخرا بالرغم من إمكانية عدم تصديق الأمر إلا أن الترويج لاستخدام هذا الدواء بشكل مفرط أو خارج نطاقه الطبي خاصة لدى فئة من الأشخاص في مقتبل العمر، إما للتجربة أو لمجرد المشاركة في التحديات الرقمية رغم أن الباراسيتامول يستخدم بشكل واسع لمعالجة الألم والحمى، إلا أن الجرعات الزائدة منه قد تكون مدمرة للصحة، وخاصة على مستوى الكبد. هذا التقرير يسلط الضوء على المخاطر الصحية التي قد تنجم عن هذه الظاهرة على عدة مستويات أهمها الصحية والاجتماعية.

يُعرف الباراسيتامول (المعروف أيضًا بالأسيتامينوفين) في المجال العلمي على أنه مسكّن ألم وخافض حرارة شائع الاستخدام لعلاج العديد من الحالات البسيطة مثل الصداع، آلام العضلات، والحمى. يعمل هذا الدواء بشكل آمن وفعّال عندما يستخدم وفقا للجرعات الموصى بها. ومع ذلك، عندما يتجاوز الأفراد الجرعة المحدّدة، فإن الباراسيتامول يمكن أن يتسبب في أضرار جسيمة للجسم، لا سيما للكبد.

ظاهرة خطيرة على منصّات التواصل

 انتشرت في الآونة الأخيرة فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وأنستغرام تروّج لتناول الباراسيتامول بجرعات كبيرة، حيث يطلق تحدي الأشخاص بين الأشخاص لتناول كميات غير مناسبة من الدواء. يعتقد البعض خطأً أن تناول الباراسيتامول قد يساعد في التخلص من التوتر أو تحسين الأداء العقلي والجسدي، وهو اعتقاد خاطئ يحمل عواقب صحية وخيمة. وبدلا من أن يكون الدواء أداة علاجية، أصبح في بعض الأحيان جزءًا من تحديات يتم مشاركتها بشكل واسع على الإنترنت.

احذروا التسمم الكبدي..  

 من البديهيات عند تناول جرعات مفرطة من الباراسيتامول، يمكن أن تتسبب المادة الكيميائية في تحفيز تكوين مركبات سامة في الكبد وهذا ما يغفل عنه كثيرون فالجهل بخطورة المركبات التي يحتويها دواء مسكن مثل البراسيتامول التي يمكنها أن تدمر خلايا الكبد وتؤدي إلى فشل كبدي حاد، وإذا ما حدث هذا الأمر لقدر الله يتطلب علاجا سريعا للغاية في الحالات الشديدة، قد يحتاج المريض إلى زراعة كبد.
وتبدأ أعراض التسمم بالباراسيتامول عند تناول الشخص جرعة مفرطة بالغثيان، التقيؤ، فقدان الشهية، والشعور بالإرهاق العام. ومع تفاقم الحالة، قد تتطوّر الأعراض إلى مشاكل خطيرة في الكبد، مما يهدّد حياة الشخص.
وفي حالة ما إذا تم تأخير التدخل الطبي في حالات التسمم الحاد، قد يؤدي ذلك إلى الوفاة بسبب فشل الكبد أو فشل أعضاء أخرى في الجسم. تشير الدراسات إلى أن التأخر في العلاج يؤدي إلى تدهور سريع في الحالة الصحية ويزيد من خطر الوفاة.

لا بديل عن التوعية

في ظل انتشار هذا «التراند» على منصات التواصل الاجتماعي، تتزايد الحاجة إلى نشر الوعي حول الاستخدام الصحيح للأدوية وأثر الجرعات الزائدة على الصحة العامة. يجب أن تتخذ منصات التواصل الاجتماعي تدابير لحظر التحديات الضارة التي قد تؤدي إلى التسمم أو أضرار صحية أخرى. كما يتعين على المؤسسات الصحية تعزيز دورها في نشر الوعي بين الشباب والمجتمعات المحلية، وتوضيح أن الأدوية ليست أدوات للترفيه أو التجربة، بل هي مواد طبية يجب استخدامها بحذر وتحت إشراف طبي. إن تراند الباراسيتامول، وغيره ليس مجرد موضة عابرة أو تحدي ممتع، بل هو خطر حقيقي قد يؤدي إلى عواقب صحية مدمرة. لقد أصبحت منصات التواصل الاجتماعي منصة لنشر المعلومات المغلوطة حول الأدوية، مما يستدعي تدخلا سريعا من المختصين في المجال الطبي ومعظم الفاعلين في المجتمع ولا يمكن التهاون في مثل هذه الظواهر التي تمس الصحة العامة، ويجب على الجميع أن يكونوا على دراية بمخاطر تجاوز الجرعات المحددة لأي دواء، خاصة الباراسيتامول.
 لا للتلاعب بالصحة..
 من الضروري إثبات خطورة هذا الفعل ونشره والترويج له لا يمكن البتة المخاطرة في المسائل الصحية، والمفتاح في الوقاية يكمن في نشر الوعي العلمي والفهم السليم لكيفية استخدام الأدوية.
بينما يعتقد الكثيرون أن اتباع التراندات أمر عابر، إلا أن «تراند الباراسيتامول» يعكس قمة الجهل الطبي في عصر تتسارع فيه المعلومات المغلوطة. إن الاستهتار بالصحة واتباع هذه الممارسات قد يؤدي إلى عواقب لا يحمد عقباها.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19757

العدد 19757

السبت 26 أفريل 2025
العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025
العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025
العدد 19754

العدد 19754

الثلاثاء 22 أفريل 2025