إن من جميل الأمور أن العامة لا يخفون مشاعرهم، أو لا يمكنهم إخفاؤها، وهذا قد يكون جارحاً في بعض الأحيان، لكنه من أصدق المعايير وأوضحها، وهناك موهبة حري بالداعية إلى الله أن يمتلكها، وهي قراءة القلوب، فهي تعني فهم ما يشعر به الناس نحو هذا الداعية، هل يحبونه أم يبغضونه أم لا يبالون به؟ وذلك من خلال علامات الوجوه وزلات الألسن، فهذه من الصعب إخفاؤها.
فإذا رأيت من العامة الحب لك والتعلق بكلامك، ومحاولة تطبيقه فاعلم أنك في فضل من الله، فاسع إلى المزيد منه، بالإخلاص التام في القول والعمل.
أما إذا رأيت منهم الجفاء عنك والإعراض عن كلامك ففتش: من أنت؟ وما تقول؟ وماذا تفعل؟
بعد هذا هناك أمور جدير بالداعية الانتباه إليها تخص الدرس الخطبة نفسها منها:
إياك أن تجعل من نفسك موضوع الحديث، فبعض الكلمات قد لا يكون مدحاً مباشراً للنفس، لكنه يفصح عن اعتداد كبير بها، وهي مزعجة للسامع، منفرة من الخطيب.
التعريض بالناس ممنوع، بعض الخطباء يعرِّضون بالناس أو ببعضهم بعد حوادث معينة، ويظنون أنهم ببعض المواراة لن يعرف أحد من يقصدون، فيتكلمون بكلام جارح فاضح، ويظنون أنهم يحسنون صنعاً.
لا تكلف الناس ما لا يطيقون،لا ينبغي للخطيب أن يكون مثالياً إلى درجة السذاجة، فيطالب الناس أن يكونوا ملائكة لا يخطئون ولا يزلّون، بل إن من الحكمة والواقعية توقع الأخطاء والزلات، والتعامل معها بسمو وبعد نظر.
لا تتكلم في الهلاميات والفلسفات والكلام غير المفهوم.
ليست العبرة بطول الخطب ولا بكثرة الكلام لكن في تأثيره.
المهمة لا تنتهي بالانتهاء من الخطبة أو الدرس.
من الخطأ أن يسرع الخطيب أو المحاضر بالمغادرة بعد كلامه، فالناس لديهم حاجات وشكاوى وهموم واستفسارات، وهم معتادون أن يبوحوا بها لمن يرون من أهل الصلاح والخير.
لا تحرم من حولك من كلمة طيبة ومن بسمة صادقة، فالكلمة الطيبة والبسمة الصادقة مفتاح تملك به القلوب، فمن كان عديم البضاعة منهما ليس له حظ في حب الناس أو التأثير فيهم.
- عليك أن تصبر على أذى الناس، وتحمل شكاواهم، والسعي بينهم بالخير واعلم ان لك الأجر في الدنيا قبل الآخرة.
في الختام، الخطيب والداعية المخلص ينتظر الأجر من الله، على أنه ينال من حب الناس ودعائهم ورفعهم من مكانته وتقديمهم له، ما يجعله في خير كثير، وقد قال ابن القيم رحمه الله طوبى لمن بات وألسن الناس تدعو له، والويل لمن بات وألسن الناس تلعنه”.
وحب الناس للمرء ودعاؤهم له من عاجل بشرى المؤمن، فنسأل الله أن يعجل لنا البشرى في الدنيا قبل الآخرة.