توفـــيرالمنتـــوج للســـوق الوطنيــــة بشكــــل كـــــــافٍ أولا تصديـــــــــر فوائـــــــض الموســـــم
أصبح القطاع الزراعي في مقدمة القطاعات المُنتجة في الجزائر، وصار يُساهم في ضخّ كميات هائلة من المواد الزراعية والحيوانية بالأسواق الوطنية، مؤديا ذلك إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من المحاصيل واسعة الاستهلاك، وتوفيره ملايين مناصب العمل المباشرة وغير المباشرة للجزائريين، في انتظار دخوله بقوة عالم التصدير خارج المحروقات في قادم الأشهر والأعوام.
ثمّن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي ترأّسه أمس الأول، المجهودات المبذولة في قطاع الفلاحة وأصبح أثرها محسوساً مؤخراً، موجّهاً بعد استماعه لعرض حول المخطط الفلاحي 2024 - 2025م، بتبنّي إستراتيجية متكاملة للتخفيف من الاستيراد، بالموازاة مع الاستفادة من المخطط الوطني الجديد الخاص باستغلال المياه المستعملة التي ستعود بالنّفع على الإنتاج الفلاحي، مع اعتماد استشراف دقيق وواضح يوفر المنتوج الفلاحي للسوق الوطنية بشكل كافٍ أولاً، ثمّ المرور بعد ذلك إلى تصدير المنتجات المعنية بالفوائض هذا الموسم.
وفي هذا الشأن، قال أستاذ العلوم الفلاحية بجامعة العربي التبسي في ولاية تبسة، الدكتور سلطاني نجم الدين، إنّ الجزائر تسعى منذ الاستقلال إلى تعزيز جهازها الإنتاجي الزراعي، بهدف التحرر من التبعية الغذائية للخارج، وأطلقت العديد من المخططات والبرامج التنموية للنهوض بهذا المجال الحيوي، وجعله قادرًا على تحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني، وتوفير مصادر تمويل للخزينة العمومية، لاسيما في السنوات الأخيرة التي عرفت فيها الفلاحة انتعاشة ملحوظة في إنتاج كثير من الشُّعب الإستراتيجية.
وأوضح الدكتور سلطاني، في تصريح لـ “الشعب”، أنّ النتائج الأولية للإحصاء الفلاحي الأخير في البلاد، أشارت إلى حدوث نمو وتوسّع كبير للنشاط الفلاحي بزيادة أكثر من 230 ألف مستثمرة فلاحية جديدة، وهذا يعود للانخراط الكبير للفلاحين والموالين والمربين في العملية الإنتاجية، معتبراً هذا الارتفاع دليلا على السير الفعلي الحسن لعملية استصلاح الأراضي، مع بروز مناطق جديدة للنشاط الفلاحي وتطور ملحوظ حدث في القطاع الفلاحي إجمالاً مقارنة بنتائج الإحصاء الثاني سنة 2001م.
وأضاف محدثنا، أنّ قطاع الفلاحة الجزائري شهد مؤخرا استصلاح أكثر من 500 ألف هكتار من الأراضي الواقعة بالولايات الجنوبية، بغية الرفع من القدرات الوطنية في مجال انتاج الحبوب والبقوليات واسعة الاستهلاك، وبلوغ الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي بشكل كامل.
وأشار سلطاني إلى ضرورة مواصلة سياسة تشجيع الاستثمارات الكبرى في الجزائر سارية المفعول، قصد تحقيق الاكتفاء الذاتي والغايات الغذائية المنشودة، من دون استنزاف الموارد الأساسية من خصوبة، تربة ومياه ري، وكذا تحفيز الاستثمار أكثر في المساحات الكبرى خصوصا في المناطق الصحراوية التي فاقت مردودية الإنتاج فيها 75 قنطارا في الهكتار الواحد؛ لأن المساحات الشاسعة تسهل جمع المحصول والتحكم في جميع التقنيات الفلاحية، ومع ذلك لابد من استحداث قانون خاص بالمستثمر الفلاحي، وعدم وضعه في نفس الخانة مع الفلاح.
واقترح المختص ذاته، دمج أكبر للخبراء والمهندسين في مجال التنمية الفلاحية، والاعتماد على الكفاءات العلمية للباحثين، وإشراكهم في التخطيط وتنفيذ مشاريع القطاع، وتجسيد الأفكار الجيدة والمفيدة لهم، بهدف تحقيق الأمن الغذائي الشامل بشكل سريع، خاصة في شعبة إنتاج الحبوب، والعمل على انخراطهم في تحسين نوعية وكمية الإنتاج الحيواني، بالإضافة إلى نشر نتائج البحوث والمقالات باللغة الوطنية على نطاق واسع بين الفلاحين المحليين لتمكينهم من الاستفادة من نتائجها، واكتساب الخبرات والمعارف اللازمة للرفع من نمو القطاع الفلاحي إلى مستويات كبرى ومستديمة.
إلى ذلك، لفت سلطاني إلى انخفاض هطول الأمطار في الجزائر تدريجياً منذ عام 1975، منوّها إلى أهمية إنشاء سدود جديدة عبر المناطق التي تشهد فضانات من حين إلى آخر، واستغلال مياه الأمطار المقدرة بحوالي 96 مليار متر مكعب سنويا، ويُخزَّن منها أقل من8.5 مليار فقط عبر 81 سدا في الوطن، وترشيد استغلال المياه الجوفية في الصحراء المقدرة تقريبيّا بـ 40 ألف مليار متر مكعب، من أجل ضمان استدامة الموارد الأساسية للفلاحة، فضلا عن استعمال المياه الناتجة من تحلية مياه البحر المعنية بحجم حوالي 1.39 مليار متر مكعب، واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بنسب تدريجية في السقي الزراعي.
ومن جانبه، أكّد رئيس المنظمة الوطنية للفلاحين المنتجين والمحولين، مبارك بن جدي، أنّ غايات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في قطاع الفلاحة واضحة المعالم، وقد أولاه عناية مخصوصة، والتزم بترقيته، وتوفير كل الإمكانات والطاقات المتعلقة به مثل زيادة مساحات زراعة الحبوب بكل أنواعها بغرض سد احتياجات الأسواق المحلية، وإتاحة المكننة الزراعية العصرية للمنتجين، ورفع حجم الاستثمارات الفلاحية بشراكات داخلية وأجنبية لتوسيع المساحات المستغلة عبر التراب الوطني خاصة في الجنوب الكبير.
واعتبر بن جدي في تصريح أدلى به لـ “الشعب”، بلوغ الاكتفاء الذاتي الوطني من محصول القمح الصّلب وباقي المنتجات الأساسية قريب المنال في ظل الازدهار الحاصل بالقطاع، شريطة الاستمرار في إتاحة الشروط والمناخ الملائمين لتجسيد الخطط المسطرة المرتبطة بتطوير مختلف أصناف الزراعات الإستراتيجية، ناهيك عن الاعتماد على تقنيات الإنتاج الحديثة والمكننة المتخصصة في جني المحاصيل الجديدة التي دخلت مؤخرا حيز الإنتاج محليا.
وتابع المتحدث ذاته، أنّ الموسم الزراعي الفارط حقّق نتائج جدّ إيجابية ونوعية، بدليل التّمكّن فعليا من توفير أكثر من 80 % من احتياجات مادة القمح الصلب الأكثر استهلاكاً في الأوساط المجتمعية الوطنية.
رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون جعل من قطاع الفلاحة أولوية أساسية في السياسات التنموية الوطنية، قصد تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، والحفاظ على السيادة الوطنية، يختم مبارك بن جدي.