مهدي وليد: برامـج التكويــن ضروريـة في عصـر الاقتصـاد الرقمـي
واضـح: إطـلاق صندوق تمويـل المؤسّسات التكنولوجيـة
في إطار تعزيز التعاون الرقمي وتكثيف تبادل الخبرات بين الدول الإفريقية، افتتحت، أمس، فعاليات الطبعة الخامسة من قمة إفريقيا لتكنولوجيا الإعلام والاتصال 2025، التي تعد منصة استراتيجية تهدف إلى تطوير رؤى مشتركة حول معالم مستقبل رقمي واعد وشامل، يستجيب لتطلعات شعوب القارة ويواكب التحولات التكنولوجية المتسارعة.
قال وزير المواصلات السلكية واللاسلكية سيد علي زروقي، أمس، خلال إشرافه على افتتاح فعاليات القمة الإفريقية لتكنولوجيا الإعلام والاتصال في طبعتها الخامسة بقصر المعارض، بحضور وفد وزاري وإطارات مجمع اتصالات الجزائر، إنّ الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تولي أهمية بالغة للتحول الرقمي، وتعمل على تعزيز البنية التحتية للاتصالات، حيث تجاوز عدد المشتركين في شبكة الألياف البصرية 2 مليون مشترك، مع مواصلة العمل لإطلاق تكنولوجيا الجيل الخامس في أقرب الآجال.
وتابع الوزير: “نسعى إلى دعم الابتكار الرقمي والمقاولاتية باعتبارهما ركيزتين أساسيتين في بناء اقتصاد وطني قائم على المعرفة والتكنولوجيا الحديثة، ولهذا شرعنا في عملية إعادة هيكلة الوكالة الوطنية للرقمنة والابتكار، بهدف تعزيز أدائها ورفع قدرتها على مواكبة التحولات المتسارعة في المجال الرقمي، كما يتم العمل على إنشاء مراكز مهارات حديثة ومتكاملة مجهّزة بأحدث الوسائل التكنولوجية، من أجل تكوين الكفاءات الشابة وتأهيلها لسوق العمل الرقمي”.
وأضاف بأنّ التحديات المعقدة والمتعدّدة التي تواجه القارة الإفريقية، سواء في المجالات الاقتصادية أو التكنولوجية أو الاجتماعية، “تتطلب اليوم - أكثر من أي وقت مضى - توحيد الجهود وتعزيز العمل المشترك بين الدول”، معتبرا أنّ “التكامل الإقليمي والتعاون المتبادل لم يعد خيارا، بل ضرورة ملحة لمواجهة التحديات العالمية، وضمان مستقبل أفضل لشعوبنا”.
بخصوص خطة البريد لعام 2025، والرؤية الاستراتيجية المعتمدة لتحقيق تحول رقمي فعال وشامل في الجزائر، قال الوزير: إنّ “التحول الرقمي لا يمكن أن يكون حقيقيا بدون بنية تحتية قوية”، وأفاد بأنّ “التحدي الجوهري الذي نواجهه اليوم يتمثل في ترسيخ بنية تحتية رقمية متينة تعتبر الأساس لكل تقدم رقمي مستدام”.
وأكّد الوزير عمل مصالحه على توسيع شبكة الألياف البصرية، حيث بلغ عدد المشتركين أكثر من 2 مليون مشترك، و«الجزائر تفتخر بكونها أصبحت أول دولة إفريقية توفّر تدفقا يصل إلى 2.5 ميغابيت في الثانية للمستخدم، ما يضعها في صدارة الدول الإفريقية في مجال الإنترنت عالي التدفق، كما أنها تغطي أكثر من 8.3 بالمائة من مساحة إفريقيا، وقد نجحت في ربط كل المدن بشبكات الألياف البصرية، كما تم تغطيتها بتقنيات الجيل الثاني والثالث والرابع، وتستعد قريبا لإطلاق خدمات الجيل الخامس”.
وفي جلسة نقاش بين الوزارات الثلاث حول التحول الرقمي بالجزائر والاتحاد نحو رقمنة القطاعات المنظم على هامش المعرض، أكّد مسؤول القطاع أنّ البنية التحتية تتطلب هي الأخرى تضافر جهود مختلف القطاعات: وزارة التكوين والتعليم المهنيّين، وزارة التعليم العالي، وزارة المؤسّسات الناشئة واقتصاد المعرفة، ومحافظة السامية للرقمنة، حيث يتم العمل المشترك لخلق بيئة حقيقية داعمة للتحول الرقمي.
ومن أبرز المشاريع المشتركة في هذا السياق - يقول الوزير- مراكز تنمية المهارات “سكيل سنترزس”، التي تستكمل برامج التعليم والتكوين وتوفر فضاءات حقيقية للشباب لصقل كفاءاتهم وتحويل أفكارهم إلى مشاريع، تهدف إلى مساعدة الشباب على أخذ الخطوة الأولى، وتشجيعهم على الانخراط في عالم الابتكار.
وفي هذا الصدد، تم إطلاق برنامج لهيكلة وإعادة تأهيل الحاضنات التكنولوجية، التي يبلغ عددها حاليا أربعة، موزّعة عبر الجزائر العاصمة، وهران، عنابة، ووادي سوف، كما يتم العمل على وضع خطة لتحسين مردودها واستقطاب مستثمرين وشركاء دوليّين، بهدف تحويل هذه المناطق إلى مراكز جذب تكنولوجي ومساهم رئيسي في النمو الاقتصادي.
وتولي الوزارة، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، اهتماما بالغا بتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، سواء المحليّين أو الأجانب، وذلك من خلال توفير بنية تحتية متطورة وخدمات متكاملة، تساهم في خلق بيئة استثمارية جاذبة، ومحفّزة للنمو والتطور.
30 عرض تكويــن جديــد
من جانبه، أكّد وزير التكوين والتعليم المهنيّين ياسين المهدي وليد، على أهمية برامج التكوين والتعليم المهنيّين في دعم التحول الرقمي وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أنّ هذه البرامج تعد أداة أساسية لسدّ الفجوة بين مخرجات التكوين واحتياجات سوق العمل، خاصة في ظل التطورات المتسارعة التي يعرفها قطاع التكنولوجيا والمعلومات.
كما شدّد الوزير على ضرورة تحديث المناهج واعتماد تخصّصات جديدة تواكب الابتكارات الرقمية، مثل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، وتطوير البرمجيات، بهدف تأهيل جيل من المهنيّين القادرين على الاندماج السريع والفعال في عالم الشغل الرقمي. وأشار المهدي وليد إلى الشركات الجزائرية العاملة في المجال الرقمي، التي تعاني من نقص حاد في الكفاءات، ما يفرض التحرّك سريعا لسد هذا العجز، ومن هذا المنطلق، تعمل وزارة التكوين والتعليم المهنيّين على مراجعة شاملة لبرامجها، مع التركيز على المهارات الرقمية المطلوبة في السوق مثل تحليل البيانات، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني وتطوير النماذج الرقمية.
وقال الوزير إنّ التكوين المهني قادر على لعب دور محوري في تسريع عملية التحول الرقمي في الجزائر، لا سيما من خلال شراكات استراتيجية مع شركات عالمية تكنولوجية، ما يتيح تكوين تقنيّين مختصين في تكنولوجيات دقيقة مثل “هواوي، ازيير، وفييم”. وأكّد المهدي وليد في الختام، أنّ الوزارة تعمل حاليا مع المجمّع الجزائري للنشاطات الرقمية لتطوير أكثر من 30 عرض تكوين جديد، سيتم إطلاقها مع الدخول القادم، لتلبية احتياجات سوق الشغل الرقمية وتوفير فرص تشغيل حقيقية للشباب.
التكنولوجيا في صلب اهتمـام القطــاع
بدوره، أكّد وزير اقتصاد المعرفة والمؤسّسات الناشئة، نور الدين واضح، على أهمية دعم القطاعات الحيوية التي تشكّل العمود الفقري لاقتصاد المعرفة، وعلى رأسها التكنولوجيا، والتعليم، والتكوين المهني.
وقال الوزير: “منذ اليوم الأول لتسلمي مهامي، كانت الرؤية واضحة: بناء وزارة تضع التكنولوجيا في صلب عمل المؤسّسات، فهذه الوزارة أنشئت لتكون حاضنة للابتكار والمشاريع الناشئة، وهو ما ترجم عمليا من خلال تطوير الآليات والبنى التحتية التي تواكب متطلبات العصر الرقمي”.
وأضاف: نعمل اليوم بتكامل كبير مع قطاعات حيوية مثل التعليم العالي، والتكوين المهني، وتكنولوجيا الإعلام والاتصال، فالمورد البشري هو أساس كل بناء اقتصادي ناجح، وإذا كان لدينا رأس مال بشري كفء، يمكننا أن نفتح كل الآفاق ونحقّق التحول الرقمي المنشود”.
كما أشار إلى إطلاق صندوق خاص لتمويل المؤسّسات التكنولوجية، بالتنسيق مع قطاع تكنولوجيا الإعلام والاتصال، يهدف إلى دعم المشاريع ذات القيمة المضافة العالية في مجال الرقمنة، والذي يهدف من خلاله إلى دعم بيئة ريادية حقيقية، يمكن من خلالها تحقيق اقتصاد رقمي قوي، قادر على المساهمة بشكل فعال في الناتج.
منصة لتقاطع الـرؤى وتكامـل الجهـود
من جهته، قال الرئيس المدير العام لمجمّع اتصالات الجزائر، خالد زرات، إنّ الرقمنة تجاوزت، كونها مجرّد أدوات، لتصبح محورا لتحسين حياة المواطنين وتحقيق المساواة في الوصول إلى المعرفة والخدمات، ووسيلة لخلق قيمة مضافة في الاقتصاد المنتج، لذا فإنّ مجمّع اتصالات الجزائر يلعب دورا فاعلا ومحوريا في هذه الديناميكية، ليس فقط كمزود للبنية التحتية، بل كمسرّع حقيقي للتحول الرقمي.ويتم ذلك من خلال الاستثمارات الاستراتيجية في الشبكات والخدمات، مرافقة المؤسّسات الناشئة ضمن بيئات اختبار واقعية، تطوير حلول رقمية موجهة للإدارات والمؤسّسات الاقتصادية، ترشيد الاستثمار في البنية التحتية وضمان تغطية عادلة، إلى جانب توجيه الذكاء الاصطناعي نحو تلبية حاجيات وطنية ملموسة.
جدير بالذكر أنّ القمة الإفريقية لتكنولوجيا الإعلام والاتصال، عرفت في يومها الأول إقبالا لافتا لأصحاب الشركات والمهتمين بريادة الأعمال، وهذا للإطلاع على آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا الإعلام والاتصال في القارة الإفريقية، خاصة وأنّ هذا الحدث عرف مشاركة 150 عارضا من مختلف الدول الإفريقية، وهذا لتبادل الخبرات، واستعراض أحدث الابتكارات، وبناء جسور التعاون بين الفاعلين في مجال الرقمنة.وستشهد القمة على مدار ثلاث أيام، تنظيم أربعة منتديات متخصصة: الحكومة الإلكترونية، الطاقة والغاز، الصحة والتكنولوجيا، والنقل بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وهذا لإيجاد الحلول الرقمية، تشجيع تبادل الخبرات، والسعي نحو السيادة الرقمية الإفريقية، بقيادة الجزائر الواعية بمكانتها إفريقيّا.