أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر، د. قتال:

إصلاحات نوعية في المنظومة القضائية

خالدة بن تركي

تعتبر العدالة نتيجة طبيعية ومنطقية لوجود قضاء نزيه ومؤهل، لأنه من حق المواطن الاستفادة من قضاء حر، كفء ونزيه، حيث منذ أن تولى رئيس الجمهورية زمام أمور الدولة الجزائرية، لم يستثن في خطاباته والتي ضمت تعهدات كثيرة في شتى المجالات، رغبته الجامحة في تأسيس مستقبل جديد لقطاع العدالة، يكون ضامنا لحماية الدولة سلطة وشعبا، فسعى لتأسيس عدالة وقضاء نزيهين يخضعان إلا للقانون.

يرى أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر الدكتور منير قتال، أنه من أهم الإصلاحات التي عرفتها منظومة العدالة بأجهزتها القضائية وقوانينها وفي كل المهن المرتبطة بها، تزامنا ومرور سنتين عن أداء رئيس الجمهورية القسم، تتجلى أساسا في تعديل دستوري ضامن للنزاهة والحياد والفعالية وإرساء دستور الجزائر الجديدة لمعالم إصلاح شامل لمنظومة العدالة، حيث أوضح ضمن الديباجة أن الشعب الجزائري يسعى إلى عدالة نزيهة ومستقلة وإلى المساواة وضمان حرياته المختلفة.
استقلالية الجهاز القضائي
وأضاف محدثنا، تكريسا لمراد هذا الشعب الأصيل، منح الدستور الجديد دفعا جديدا نحو استقلالية الجهاز القضائي ككل، فأقر هذا الدستور في الفصل الرابع، أن القضاء سلطة مستقلة ولا تخضع إلا للقانون دون غيره، وهو متاح للجميع وتقوم مبادئه على الشرعية والمساواة ودوره يتمثل في حماية حريات وحقوق المجتمع وأفراده. ومن جهة أخرى، التطرق إلى المسار الوظيفي للقضاة وإدارته من خلال المجلس الأعلى للقضاء، وبهذا تم توسيع صلاحيات هذا الأخير وتوسيع المشاركة فيه.

وكرس أيضا- يضيف الدكتور- مبدأ عدم نقل القاضي وعدم عزله إلا في الحالات التي يحددها القانون، وإعطاء ضمانات قانونية لكل من المتقاضين ولهيئات الدفاع، معتبرا أنها مهن مرتبطة بالقضاء وإلزام أجهزة الدولة باحترام وتنفيذ الأحكام القضائية، كما تم توضيح دور المحكمة العليا للدولة، وأتى هذا التعديل بالمحكمة الدستورية لأول مرة في تاريخ الجزائر.
معالم مرحلة قضائية جديدة
وذكر أستاذ القانون، أن رئيس الجمهورية استهل افتتاح السنة القضائية، شهر أكتوبر الفارط، بالتعبير عن قناعته الراسخة برسم معالم مرحلة قضائية جديدة، وعن حرص على تحسين الوضعية الاجتماعية للقضاة وتوفير الحماية التامة لهم، مما يدل على التوجه نحو إعطاء السلطة القضائية مكانتها المستحقة من أجل المضي قدما نحو جهاز قضائي نزيه وقوي ومستقل تتوافر فيه جميع الضمانات للقيام بدوره في المساءلة ومكافحة كل أشكال اللاّقانون واللارقابة.
وعرج في حديثه أيضا، على الإصلاحات التي مست العدالة والمنظومة القانونية، خاصة على ضوء الحالة الاقتصادية المتوترة التي تعيشها الجزائر، ما جعلها بيئة لنمو الجريمة الاقتصادية بكل أشكالها، مما حتم على الدولة سن قوانين مستقلة لردعها، حيث ووفقا لقانون الإجراءات الجزائية تم إنشاء قطب جزائي متخصص في الجريمة الاقتصادية والمالية وكان بمثابة إضافة نوعية لقطاع العدالة
ويكمن دور هذا القطب -بحسبه - في معالجة قضايا الفساد المالي والاقتصادي وكل الجرائم البسيطة والمعقدة المرتبطة بهما والمنصوص عليها في قانون العقوبات وقانون مكافحة التهريب والقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، والقانون المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج.
وبهذا ـ استطرد يقول ـ قد نتمكن من وضع حد لخطورة الفساد الاقتصادي والمالي وتخفيف الضغط على المحاكم العادية، ولأول مرة سيكون لدينا قضاة جزائريون متخصصون في الجرائم الاقتصادية الوطنية والعابر للحدود.
ردع للهجمات السيبرانية
وبخصوص الجريمة الإلكترونية، تم استحداث قطب جزائي جديد متخصص في الجرائم السيبرانية والجرائم المرتبطة بها. فالجزائر تشهد حربا إلكترونية تستخدم فيها كل وسائل تكنولوجيا المعلومات. فعلى سبيل المثال، نشر الأكاذيب الزائفة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تساهم في تضليل الرأي العام وأيضا قرصنة بيانات المواطنين والمؤسسات. كل هذا تم اعتباره ضمن نطاق الهجمات السيبرانية على الجزائر وبالتالي تم استحداث هذا القطب الجزائي المتخصص سيضمن الحد من هكذا انتهاكات، كما ستحال القضايا إليه مباشرة من المحاكم العادية. ومع الوقت، سنصل إلى منظومة قضائية متخصصة ومتحكمة رادعة للهجمات السيبرانية.
 من جهة أخرى، توسعت السياسة الجزائية لتتصدى لجرائم أخرى لردع المخالفين وتمكين العدالة منهم، فكانت تعديلات فورية في قانوني العقوبات والإجراءات الجزائية، وكذا القانون التجاري، حيث خصت هذه التعديلات جريمة المضاربة وجرائم حرق الغابات.
واعتبر الأستاذ قتال منير، الإضافات التي عرفها قطاع العدالة نوعية في طريق رسم معالم مرحلة تؤسس فعلا لاستقلال حقيقي للقضاء وإصلاحا لمنظومة العدالة ككل. ويبقى التحدي مستمرا، فأفراد المجتمع متعطشون لإثراء الساحة القانونية بالمزيد من التشريعات العضوية والعادية المتعلقة بالسلطة القضائية وبالمزيد من الإصلاحات العميقة في قطاع العدالة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19547

العدد 19547

الأحد 18 أوث 2024
العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024