يعتبر التكوين حقّا من حقوق الصحفي والجسر الذي يوصله إلى الاحترافية ويحصّنه من الزلات التي قد يقع فيها لجهله ببعض الأمور. ونظرا لأهميته البالغة في العمل الميداني، فإن المؤسسة الإعلامية يتوجب عليها تخصيص 2 بالمائة من ميزانيتها للتكوين، وقد قامت جريدة «الشعب» بتنظيم دورات تدريبية في مقر المؤسسة، وخضع صحافيوها إلى تكوينات وتدريبات خارج المؤسسة.
خضع صحافيو مؤسسة «الشعب» إلى تكوين وتدريب حول مواضيع مختلفة، منها تقنيات التحرير، المنهجيات الجديدة في الإعلام «الصحافة الاستقصائية»، الألوان الصحفية، كما شاركوا في دورات تدريبية وتكوينية خارج مقر الجريدة، للتخصص في بعض المجالات منها حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الطفل على وجه أخص، وفي مجال البيئة وحماية التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى تكوين في كيفية تغطية الحدث الجواري وإدارة الأزمات، خاصة وأن الجزائر عاشت حوادث مثل حادثة سقوط الطائرة العسكرية ببوفاريك، والفيضانات في ولايات مختلف من البلاد بسبب التغيرات المناخية... وكان آخر تكوين تناول موضوع حول الـ»فايك نيوز»، أو المعلومات المغلوطة التي تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الاستاذ بن زروق : ضعف الأداء الإعلامي مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الإعلامية والجامعات
هل التكوين الذي يتلقاه الطالب في كلية الإعلام كاف؟ سؤال طرحناه على جمال بن زروق، أستاذ الإعلام والاتصال عميد كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية بجامعة سكيكدة، الذي يؤكد على إعادة النظر في مشاريع التخصصات الأكاديمية من خلال توحيد مسميات المقاييس ومضامينها، بالإضافة إلى التركيز على المقاييس الأساسية ذات الارتباط الوثيق بمجال الإعلام، من خلال وضع برامج تكوين تعتمد وحدات تساعد الصحفيين على تطوير قدراتهم ومعارفهم بهدف تأمين تغطية صحفية تستجيب للقواعد المهنية والمعايير الأخلاقية والمسؤولية الصحفية، سواء في القطاع الإعلامي العمومي أو الخاص السمعي البصري والورقي والالكتروني...
تُظهر الدراسات الإعلامية التي تُجرى عبر عديد المؤسّسات الإعلامية، خاصة في العقد الأخير، زيادة عدد حاملي شهادات الإعلام والاتصال في الصحف والإذاعات والقنوات، على حساب النوعية. ويعتقد بن رزوق، أن التكوين الإعلامي في الجزائر بات يتّسم بنوع من الضعف، لكونه لم يعد مواكبا لما تتطلّبه مهنة الصحافة اليوم، وذلك لارتباطه بالجانب الكمي، حيث أصبحت الجامعات تعاني من عدم القدرة على الاستجابة للأعداد الكبيرة من الطلبة الراغبين في دراسة التخصص، خاصة من حيث توفر الاستوديوهات السمعية البصرية ووسائل الإيضاح المختلفة، مما ينقص من قيمة التكوين في حد ذاته، من حيث تمكن الصحفيين من أبجديات العمل الإعلامي.
أما عن وضع الأداء الإعلامي لبعض الصحفيين، فيمكن إرجاعه – بحسب المتحدث - ليس للتكوين الإعلامي فقط، بل إلى تمكن الصحفي أحيانا من اللغة مثلا أو كيفية تسيير المعلومة أو التعامل معها، لأن هذه المزايا لا يكتسبها فقط في التكوين، بل هي نتيجة للتجربة الميدانية.
قال بن زروق، إن الكثير من الطلبة المتخرجين حديثا يجدون أنفُسٓهم في قاعات التحرير دون سابق معرفة بأبجديات العمل الصحفي وتِقنياته. ومع ذلك، يتم استغلالُ رغبَتِهم في العمل والتّعلُم بتكليفهم بمواضيع أو مهام تفوق تجربتهم، مشيرا إلى اعتماد بعض المؤسسات الإعلامية على المؤثرين «الشخصيات المشهورة في شبكات التواصل الاجتماعي» بداعي الشهرة وتكليفهم بتقديم برامج يؤثر بشكل كبيرة على نوعية المنتوج الإعلامي، حيث يجعله متوجها نحو الاستعراض والمشهدية أكثر من الاحترافية والموضوعية.
وبالنسبة للأستاذ بن زروق، فإن ضعف الأداء الإعلامي مسؤولية مشتركة بين المؤسسات الإعلامية من جهة والجامعات ومراكز التكوين من جهة أخرى، ويرى أن التكوين في مجال الإعلام ليس ما تقدمه الجامعات في مناهجها ومقرراتها، بل أن الأمر يتطلب الرسكلة وتحيين المعلومات من طرف الصحفي أو المؤسسة في حد ذاتها، من خلال برمجة الدورات التدريبية وتمكين الصحفيين من أهم التقنيات الحديثة.
وأكد في هذا الإطار، على ضرورة تكثيف الجانب الميداني في التكوين ويكون من خلال توفير استوديوهات للسمعي البصري وتكثيف التربصات في مختلف وسائل الإعلام وتنظيم دورات تدريبية لفائدة الصحافيين المتربصين، توفير إطار للتعاون بين كليات الإعلام والاتصال ومختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية، مع أهمية تنقيح وتطوير البرامج والمناهج الدراسية والبيداغوجية المعتمدة في الكليات والاستفادة من التطور التكنولوجي ومن نتائج بحوث الدراسات العليا في عملية التكوين العلمي.