تتواصل بمختلف بلديات تيبازة عملية المراجعة السنوية للقوائم الانتخابية وفقا للتعليمات الجديدة الصادرة عن وزارة الداخلية والجماعات المحلية، والقاضية بإعفاء المقيمين الجدد من التحول للبلدية الأصلية لتجسيد عملية الشطب، إضافة الى إرفاق القوائم بعقود الميلاد تجنبا لإدراج فئة المتوفين بها.
غير أنّ الذي لمسناه من خلال تحقيق ميداني شمل عدّة بلديات بالولاية يكمن في عزوف الذين بلغوا السن القانونية للانتخاب عن التسجيل بذات القوائم لأسباب متشعبة، يلخّصها بعضهم في عدم سماعهم بالعملية أصلا، ويراها آخرون بأنّها مضيعة للوقت ولا يمكنها أن تجلب لهم ما يؤمّن لهم مستقبلهم، لاسيما حينما يتعلق الأمر بالمقبلين على امتحان البكالوريا، بحيث أشار العديد من أفراد هذه الفئة الى أنّ إنشغالهم بمراجعة دروسهم وتحضيرهم الجيّد للامتحان عطلهم من عملية التنقل الى دار البلدية لغرض التسجيل، كما اشمئزّ آخرون من الازدحام والاكتظاظ المزعج على مستوى الحالة المدنية لبعض البلديات، الأمر الذي لا يشجّع بتاتا على التريّث هناك لاتمام عملية التسجيل، كما أشار آخرون الى أنّهم تجاوزوا السن القانونية ولم يفكّروا في عملية التسجيل بالقوائم الانتخابية لأسباب أرجعها هؤلاء الى عدم التفات الادارة تجاههم من حيث الشغل والتكفل بالانشغالات اليومية، مؤكدين على أنّهم يسعون حاليا من أجل تدبير شؤونهم لوحدهم دون الارتباط بالشأن العمومي بالتوازي مع رفض الكثير من البالغين السن القانونية هذه السنة لعملية التسجيل، معتقدين بأنّ ذلك لن يفيدهم.
وفي كلّ هذه الحالات وحالات أخرى محتملة يعزف فيها المواطن عن الانخراط في واجب الانتخاب، فإنّ الأمر يرتبط بالدرجة الأولى بضعف العمل التوعوي والتحسيسي والاعلامي لفائدة المواطن، الأمر الذي أسفر عن انهيار مفهوم المواطنة وعدم تقبّل المواطن لأبسط حقوقه التي تمنح له من حيث مساهمته في انتقاء ممثليه على المستويين المحلي والوطني، وهي الوظيفة التي تخلّى عنها المجتمع المدني ضمن برامج التواصل بين المواطن والادارة التي تقاعست أيضا فيما يتعلق بالتقارب مع المواطن من حيث التكفل بحقوقه وحثّه على أداء واجباته. كذلك البلديات التي شنّت حملة تحسيسية واسعة بشأن هذه العملية في حدود تصورها لم تتمكن من استقطاب فئة الشباب الذين بلغوا السن القانونية بشكل لافت، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في مجمل العلاقات التي تربط السلطات المحلية بالمواطن بشكل مباشر.
وتواصل بلدية القليعة هذه الأيام عملية ارفاق القوائم الانتخابية بأرقام عقود الميلاد وفقا للتعليمات الواردة اليها من الوزارة الوصية والمتعلقة بهذا الشأن، بحيث أشار رئيس البلدية الى أنّ ذات العملية تهدف الى تجنّب تسجيل المتوفين ضمن القوائم الانتخابية الرسمية، مشيرا الى أنّ مصالحه أحصت ارفاق أكثر من 25 ألف مسجل بأرقام عقود الميلاد الى حدّ الساعة، على أن يتم إتمام العملية كلها مع نهاية الشهر الجاري لاسيما وأنّ فرقا خاصة تمّ تجنيدها مؤخرا خصيصا للوفاء بهذا الغرض. ومن بين التعليمات الجديدة التي عكفت بلدية القليعة على تجسيدها هذه المرة، إعفاء طالبي الشطب من التنقل الى بلدياتهم الأصلية أو السابقة، بحيث تتم هذه العملية بشكل آلي ما بين البلديات عن طريق النظام الشبكي الذي وضعته وزارة الداخلية تحت تصرف البلديات.
أما على صعيد الهيئة الناخبة، فقد أشار رئيس بلدية القليعة الى أنّها بلغت حدود 39714 ناخب أواخر فترة المراجعة الانتخابية للعام المنصرم، في حين استقبلت مصلحة الحالة المدنية 343 طلب للتسجيل منذ افتتاح فترة المراجعة الحالية بداية من الفاتح أكتوبر مقابل 335 طلب آخر للشطب من القوائم، بحيث تبقى هذه الارقام غير بعيدة تماما عما يتم تسجيله خلال فترة المراجعة الانتخابية لكل سنة على مدار السنوات الفارطة، مع الاشارة الى أنّ مصالح البلدية اجتهدت في استغلال مختلف أنماط الاتصال بالسكان، لاسيما الذين بلغوا السن القانونية لغرض تمكين مجمل ذوي الحق الانتخابي من ممارسة حقوقهم، بحيث تمّ نشر إعلانات بمختلف الأحجام والأشكال بمجمل المواقع والساحات العمومية، بما في ذلك مداخل الأحياء والمساجد، ناهيك عن الاشارة الى ذات العملية عن طريق موقع البلدية الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، غير أنّ الذي يبرز جليا من خلال الأرقام المسجلة كون معظم طالبي التسجيل الجدد ينحدرون ممّن أقدموا على تغيير أماكن إقامتهم، فيما يبقى عدد الذين يسجلون أنفسهم لأول مرّة ضئيلا نسبيا مقارنة مع العدد الاجمالي للمسجلين.