لقي قرار وزارة لداخلية والجماعات المحلية بعدم التنازل عن الأماكن الشاطئية بالبلديات الساحلية مواقف متباينة من طرف الشباب المتعود على كراء والتعاقد مع المجالس المنتخبة بهدف استغلالها من جهة ومصالح البلديات من ناحية ثانية، فيما ركز المواطنون وخاصة السكان المجاورين لهذه الفضاءات باعتماد هذه الشواطئ مشاريع استثمارية مؤقتة مبنية على الرغبة التنافسية للتنشيط السياحي الإقتصادي.
ترسيم هذه الوجهة السياحية ذات الطابع المحلي بشواطئ الشلف الممتدة على طول 120 كيلومترامن حدود ولاية تيبازة إلى تخوم منطقة مستغانم والمشكلة من 26 شاطئا في السباحة مسموحة حسب قرار مديرية القطاع السياحة ومصالح الحماية المدنية واللجنة الولائية المشرفة على العملية رفقة البلديات المعنية وهذا بإعتماد الموافقة على الشاطئ الأخير المجاور لميناء المرسى بأقصى الجهة الغربية للولاية.
غير أن النشاط الفوضوي الذي ظلّ يميز هذه الشواطئ والذي طالما انتقدته «الشعب» من خلال المعاينات الميدانية ونقل تصريحات الزوار لهذه الشواطئ الذين عبروا عن تذمرهم لعملية التسيير الإرتجالية التي طبعت المواسم المنصرمة يقول ع.عبد المجيد ممن أبدوا غضبهم من المظاهر التي ميزت بهذه شواطئ الشلف التي عادة ما تمنح لشباب وخشن المعاملة يفرض منطقه ورغبته على المترددين على الشواطئ. وهو نفس الإنطباع الذي أدلى به ملايكة جلول وعبد اللطيف دحماني ورفيق عبد الصمد ممن إلتقيناه بشاطئ داتي وواد القصب بالمخرج الغربي لمدينة تنس، حيث سرد لنا هؤلاء العراك والمناوشات التي ظلّت تميز يومياتهم خاصة أيام العطل الأسبوعية مع من نصّبوا أنفسهم ملاكا لمداخل الشواطئ. الأمر الذي جعلهم ينادون بفسخ عقود هؤلاء مع المصالح البلدية التي انسحبت من عملية المراقبة ومتابعة هؤلاء.
ومن ناحية ثانية لم يتوقف هؤلاء الشباب في استعمال العصي والهروات بالإتفاق مع من ينصبون أنفسهم حراسا على السيارات في الطرق العمومية، وكأن بهؤلاء هم الذين ينظفون الشوارع والطرقات ويقومون بعملية التهيئة وتزفيت المسالك وغرس الأشجار التي مع الأسف سبق وأن اعتنت بها المصالح الغابية كما هوالحال بكل من بني حواء وبوشغال وماينيس يقول محدثونا الذين طالبوا الجهات المعنية وخاصة البلديات بالوقوف على فضاءاتها لتكون مكسبا لمداخلها الضائعة وتدعي هذه الأخيرة بضعف مداخلها وعجزها يقول بعض المسيرين ممن هم على دراية بتسيير ميزانية البلديات التي عادة ما تعتمد على إعانات الولاية وما توفرها الدولة لها، في تذب أموال طائلة غير مستغلة في جيوب البزنسيين والسماسرة خاصة مع قدوم كل فصل صيف.
يحدث هذا، في وقت أن كراء هذه الفضاءات يشوبه كثيرا من الإختلالات والغموض فيما يشير آخرون إلى حدوث تجاوزات في تحديد أسعار الكراء التي لا تخدم مصلحة البلدية والتي عادة ما تقع تحت طائل التواطؤ المكشوف حسب ما يتداوله الشارع بهذه المناطق التي لم تستفد من المواسم الصيفية التي من المفروض أن تنشط بالناحية التجارية والإجتماعية بالنظر الى الأعداد الهائلة التي تزور سواحل الشلف من عدة ولايات، خاصة عين الدفلى وتسمسيلت وتيارت وغيليزان وولايات أخرى.
هذا الزخم من الزوار لم تستغله البلديات الساحلية لتنشيط تنميتها المحلية كما هوالشأن بواد قوسين وبني حواء وسدي عبد الرحمان والمرسى وتنس والتجمعات السكانية التي تحوّلت إلى مراكز شاطئية وفضاءات غابية مطلة على الجبهة البحرية.
هذا الواقع الذي طبع هذه الشواطئ وباقي شواطئ الولايات الساحلية عجّل بإتخاذ قرار عدم التنازل عن هذه الفضاءات من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية. وهو القرارالذي يراه البعض مجحفا في حقهم، كونه سيحرمهم من تأمين لقمة العيش التي إعتادوا على جنيها من عائدات موسم الإصطياف، خاصة وأنه يكلفهم ولوازم ويفتح لهم باب التشغيل لأعوان لتوفير الخدمة للمصطافين يقول ف. ك البالغ من العمر 36 سنة وزميله س. ف البالغ من السن 27 عاما والطالب الجامعي خ. ط 21 سنة. حيث أكد لنا هؤلاء رفضهم لهذا القرار لأن ما يكسبونه لا يعد سوى مصروف الجيب والتكفل ببعض الإنشغالات الشخصية.
ومن جانب آخر، طالب محدثونا من الزوار الدين دفعهم حرّ الأيام المنصرمة إلى اللجوء إلى الشواطئ بمنح هذه الفضاءات لتسيير المجالس البلدية التي تتكفل بعملية التوظيف المؤقت لإثراء خزينتها وإنعاش مداخلها بهدف توفير الأموال للقيام بمبادرات وتحسين الإطار التنموي للمنطقة التي عادة ما ترضع من ثدي خزينة الولاية، هو ما يعني الركود لهذه المجالس وغياب المبادرات المحلية التي تلقى غضب السكان ومواطني البلديات الساحية.
وفي ذات السياق، يتخوف البعض الآخر من وضع تسيير هذه الفضاءات بين أيدي المنتخبين وهو ما يعني القضاء على شواطئ المنطقة كون حالة الإهمال والتسيب التي مازالت مطبوعة لدى هذه المجالس في المجال التنموي تعطي إشارة سودوية إذا ما تكفلت البلديات بعملية التسيير ـ يقول سكان البلديات ـ التي زرناها لإنجاز هذا الإستطلاع الميداني رفقة بعض العارفين بالقطاع.
فيما يرى الآخرون أن تحويل هذه الفضاءات الى استثمار مؤقت ضمن إلتزامات محدّدة من شأنها تفعيل النشاط السياحي، ويمنح بالتالي تشغيل اليد العاملة خاصة المختصة، في انتظار ترسيم قوانين استثمارية لهذا النوع من النشاط الموسم والذي قد يخرج عن الناحية الموسمية إذا لقي الدعم والعناية والمتابعة.
هذا ويمل أبناء هذه المناطق الساحلية أن توضع هذه الفضاءات تحت يد القطاع ضمن إجراءات صارمة لا تهين الزوار، بل تحقق التنمية الشاملة لهذه النواحي التي مازالت عذراء بخصوص المشاريع الإستثمارية، لأن ما تحقق مازال قليلا غير مستغل بالشكل المناسب بل حور عن أهدافه حسب معاينتنا للناحية التي حذر أبناؤها من جعل مصير هذه الفضاءات كمصير المستثمرات الفلاحية التي استنزفت واستغلت بشكل بشع وبعضها بيع وغزاه الإسمنت، فاختفى منتوجه وعائداته وصارت الأراضي الخصبة في خبر كان.