لازال حجم مشاريع قطاع الإستثمار بولايتي الشلف وعين الدفلى بعيدا عن الإمكانيات والقدرات التى تتوفر عليها المنطقتين في ظل ترسانة القوانين والإجراءات المنظمة لهذا القطاع الهام الذي بإمكانه إنعاش عجلة المشاريع الإقتصادية والإجتماعية وخلق مناصب شغل لإنتاج الثروة بمعية المتعاملين وتحريك مبادرات المنتخبين والغرف الصناعية والتجارية والفلاحية التي مازال دورها في مجال إختصاصها متذبذبا في جلب المستثمرين من داخل الوطن وخارج ضمن تحديات تفعيل الواقع التنموي الذي يعتمد في غالبيته على ما تقدمه ميزانية الدولة.
معضلة الواقع الإستثماري المطروحة بحدة ضمن أجندة المشاريع التنموية لم تكن في مستوى التحديات والرهانات التي يفرضها واقع الإحتياجات والمطالب إنطلاقا من القدرات التي تزخر بها الولايتين اللتين صارتا بحاجة إلى ميكنزمات وإجراءات عملية لنفض الغبار عن هذا القطاع الذي يعد فعّالا في اقتصاديات الدول وهذا بتحريك دوالبه لأن ما تحقق حاليا لايعكس الطموح والأمال المعلقة على نجاعته التي لم تساير الإجراءات والحوافز التي منحتها الهيئات الحكومية ضمن قطاعاتها المختلفة بالنظر إلى الإمكانيات المتوفرة والإحتياجات التي تنمو نموا مطردا مع الواقع المعيشي للسكان وحاجة العجلة الإقتصادية بالمنطقتين.
مؤهلات تنتظر الإستغلال
ملف الإستثمار الذي يمتلك أوراقا رابحا منذ البداية لم يتم توظيفه واستغلاله ضمن منظومة المخططات التنموية التي يسطرها المسؤولون المحليون والجهات المشرفة والمصالح المختصة وفق برامج وأنشطة ميدانية لجلب رؤوس الأموال نحو هذا القطاع وتوظيفها لإستغلال هذه الإمكانيات. حيث تحوز ولاية عين الدفلى مساحات فلاحية شاسعة مهيأة للإستثمار الخاص، لإنتاج المواد الغذائية بكل أنواعها، زيادة على الثروة الحيوانية من أبقار وأغنام وتربية الدواجن، وهو ما يِؤهلها لتوفير الإكتفاء الذاتي كما حدث مع مشاريع انتاج البطاطيس التي تشكل 40٪ من المنتوج الوطني، لكن استغلاله لإنتاج مواد أخرى ظل بعيدا وضعيفا عن الإحتياجات والرهانات كخلق مصانع ووحدات انتاجية صناعية. ولعل هذا المؤهل تتبعه مؤهلات أخرى حققتها الدولة ضمن استثماراتها الإستراتيجية لإنعاش القطاعات ضمن مفهوم التنمية الشاملة، كوجود أكبر إحتياط مائي من خلال السدود التي تتوفر عليها كسد سدي امحمد بن طيبة وأولاد ملوك وغريب والمستقبل وحرازة ودردر وكاف الدير الجاري إنجازه بالإضافة إلى المجمعات المائية كسد تيكزال وبوقلي وسدي بوزيان. هذا الكم من الهياكل مازال استغلاله رهين الطرق التقليدية في عمليات السقي وإقامة مشاريع ذات توسع استثماري ناجع، وما يقال عن عين الدفلى نجده في الشلف بالرغم أن حجم السدود بهذه الأخيرة يعد ناقصا بالمقارنة مع عين الدفلى، لكن إعتماد مشاريع تخص القطاع إنطلاقا موفرة هذه المادة بكل من سد سدي يعقوب والكريمية لم يكن بالصفة المنتظرة رغم حجم المساحات الزراعية والأراضي التي يحوزها حوض الشلف الأوسط من أراضي خصبة.
ومن جانب فقد دعمت الدولة هذه الإمكانيات بإنجاز شبكة من الطرقات بالمواصفات الدولية كالطريق السيار شرق غرب الذي يقطع ولاية الشلف عبر مسافة أزيد من 60كيلومترا وعين الدفلى بأكثر من 70كلم حيث يمر هذا الخط عبر أزيد من 18بلدية، ناهيك عن الطرق الوطنية من رقم 14و18 و4 و19و11وهي مسالك حيوية تتصل بالجبهة البحرية عبر ميناء تنس وبني حواء والمرسى، وهو مايغطي الشريط الساحلي الممتد عبر 120كيلومتر أي مايمثل 10٪ من الشريط الوطني، بالإضافة إلى وجود مطار أبو بكر بلقايد بولاية الشلف ومصنع الإسمنت بواد السلي.
هذه المؤهلات لم ينتبه إليها رؤساء الأموال والمتعاملون الإقتصاديون إلا القليل منهم.
هذا الإختلال الحاصل في المنظمة الإستثمارية التي لم تحقق واقعيا إلا الشيء القليل، قد أرجعه المختصون والعارفون بأبجديات القطاع وتموقعه في الخريطة التنموية إلى التحرك المحتشم والمتذبذب إلى درجة الغياب من طرف غرفتي الفلاحة في ظل اختفاء إتحاد الفلاحين بالولايتين، حيث لم تساهم غرفة عين الدفلى في دفع عجلة الإستثمار إلا بالقدر الضعيف من البادرات في استقطاب المستثمرين بإستثناء مستثمر من سدي بلعباس لم تدم مشاريعه إلا 3 سنوات ليغادر منطقتي العبادية وبئر ولد خليفة في ظروف غامضة.
مشاريع استثمارية بعيدة عن التوقعات
ما تحقق في السنوات المنصرمة ويجري تحقيقه لم يكن في مستوى التطلعات، حيث تم تجسيد مشاريع وحدات صناعة اليجور والمواد الحمراء بكل من الشلف وعين الدفلى بمنطقتين الصناعيتين، وانتاج المواد الغذائية للحيوانات والأنعام وصناعة مواد التنظيف والمطاحن بكل من العطاف، عين الدفلى وبلدية الأبيض مجاجة والشطية وصناعة القرميد والرخام والملبنات والبطريات والكوابل الكهربائية لمتعامل أجنبي. وهو ما يوفر مناصب شغل مؤقتة ودائمة مصنع البطريات بـ 56عاملا والمواد اليدلانية بـ 72عاملا وملبنة ونيس بـ 107عامل والكوابل بـ 631عامل وتحويل الرخام بـ87عاملا وإنتاج الأجور بـ 146عامل وتركيب المعادن بـ 421 عامل والمطاحن الظهرة وسيم بـ 136عامل، بالإضافة إلى مرملة الحاج شاشو بأزيد من 70عاملا ومشاريع أخرى في التبريد لذات المستثمر بأكثر من 40عاملا، في انتظار مصنع بلاط بمنطقة حمام ريغة الجاري إنجازه. لكن هناك أزيد من 200مشروع يجري تحقيقه خلال هذه السنة، يضاف إلى مشاريع قيد الدراسة لدى المصالح المعنية والتي يفوق عددها 250مشروع.
زيادة على المؤسسات الفندقية بالشلف فندق لافالي بالطريق الوطني رقم 4 وفندق المحطة ومركز الأعمال بوسط المدينة وفندق الهادف.
كما حققت مشاريع الشباب الإستثمارية نموا مطردا فمن 2011 أين وصلت إلى 828مشروع، مما مكن خلق 2000 منصب شغل بعين الدفلى والشلف 1473مشروع مكن من تحقيق 2580منصب شغل، زيادة على القرض المصغر بـ 3731منصب، الأمر الذي جعل معدل البطالة يحقق بعين الدفلى 9.29 ٪ خلال 2014 حسب تقرقر المجلس الشعبي الولائي الذي تحدث عن تحقيق 34056 منصب شغل بالولاية منها 7424 منصب شغل دائم.
لكن وبالرغم من هذه النسب إلا أن قوة المشاريع الإستثمارية بالولايتين لم تصل إلى المستوى المطلوب رغم الإجراءات التحفيزية التي كان قد أعلن عنها وزير القطاع خلال وقوفه بالشلف، لتبقى دور الغرف الفلاحية والصناعة والتجارة مهمة في تحريك هذه الآلة الإقتصادية التي تمتلك كل المؤهلات لتكون ولايتي الشلف وعين الدفلى رائدتين في المجال الإستثماري خاصة الفلاحي منه.