تشهد اغلب الأسواق الجوارية بعاصمة الأوراس باتنة، منذ مدة حالة كبيرة من العرض والطلب، وربما تعتبر هذه الوضعية من الحالات النادرة بالولاية باتنة، حيث سجلت جريدة “الشعب” خلال زيارة قادتها لعديد أسواق الخضر بالولاية باتنة، إقبالا منقطع النظير من طرف المستهلكين من مختلف الفئات، حيث أكدت السيدة “ل.ن” أنها أحست بأن العائلة الجزائرية بإمكانها القيام بعملية تسوق مقبولة، حيث يكفي مبلغ 800 دج لدخول مختلف الأسواق واقتناء ما تحتاجه عائلة مكونة من 5 أشخاص ولمدة 5 أيام كاملة من الخصر، حيث يقدّر سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا بـ45 دج، في الوقت الذي بلغ سعر البصل 40 دج، أما أسعار الفلفل والطماطم فتجاوزت سعر البطاطا والبصل حيث قدر الكيلوغرام الواحد من الطماطم بـ50 دج والفلفل بـ70 دج.
ونفس الأسعار المنخفضة ميزّت أسواق اللحوم البيضاء، حيث ما يزال سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج لا يتجاوز سقف الـ280 دج، وقد عبّر عيدي المواطنين الذين التقينا بهم عن مخاوفهم من الارتفاع الجنوني للأسعار خلال الشهر الفضيل، حيث تعرف أسعار كل المواد الغذائية خاصة الواسعة الاستهلاك ارتفاعا قياسيا بسبب الاحتكار والمضاربة وغياب فرق الرقابة حسب الحاج “ل.ح” الذي أكد أن غياب الضمير لدى التاجر ونقص الرقابة شجعا سياسة “رفع الأسعار” حسب أهواء الباعة في الوقت الذي يكون الضحية دائما هو المستهلك البسيط الذي يكون مجبرا على اقتناء المواد الاستهلاكية على اختلاف أنواعها من خضر وفواكه وغيرها، خاصة وان العائلة الجزائرية ـ يضيف احد المتحدتين ـ تقدّس الشهر الفضيل وتقوم بكل شيء حتى الاستدانة لتمضية في أحسن الظروف.
وأرغمت، الملحقة البلدية لحي برج الغولة بالتنسيق مع مصالح الأمن أصحاب المحلات التجارية بوسط مدينة باتنة، على إدخال السلع التي كانوا يعرضونها أمام محلاتهم، حيث تأتي هذه العملية قصد إزالة الفوضى السائدة في ممارسة النشاط التجاري وتطهير المحيط الخارجي للمحلات التجارية من تلك السلع المعروضة بطريقة فوضوية بعد تماطل التجار في عرض سلعهم على الأرصفة، حيث يعمد الكثير منهم إلى احتلال الأرصفة المخصصة لعبور المارة، ليحولوها لملكية خاصة لهم ولتكون امتدادا لمحلاتهم ومكانا إضافيا لعرض سلعهم مما شكل إزعاجا كبيرا لدى المواطنين، خاصة وأنها تعرقل حركة سيرهم وتضطرهم للمشي بجانب الطريق المخصص للسيارات ما يعرض حياتهم للخطر، حيث أصبحت هذه الظاهرة تشكل إزعاجا حقيقيا لدى أغلبية المواطنين والتي بدل ان تكون ممرا مخصصا لهم أصبحت مكانا لعرض مختلف السلع التجارية. جدير بالذكر أن العملية شاركت فيها لجنة خاصة لبلدية باتنة ممثلة في مديرية الوقاية وترقية المحيط، إضافة إلى مديرية الشؤون الاقتصادية و الممتلكات.
المدينة تختنق وغياب الرقابة
أصبح التنقل من حي إلى آخر يعد أمرا مستحيلا، خاصة عندما يتعلق الأمر ببعض الأحياء الشعبية الكبيرة التي حتى ساكنو منازلها يجدون صعوبات بالغة في الدخول والخروج بحرية بسبب انتشار شبه أسواق تبيع مختلف المواد الاستهلاكية بدون أدنى رقابة وهذا بسبب انتشار التجارة الفوضوية للخضر والفواكه والأواني عبر الطرقات والأرصفة، لاسيما وسط المدينة بمحاذاة المركز التجاري نجمة.
وقد غيرت هذه الأسواق الفوضوية من الوجه الحضاري لمدينة باتنة، وما زاد من معاناة سكان عاصمة الولاية باتنة، هو عدم استفادتها من مشاريع خاصة بإنشاء محولات وطرق إجتنابية لتسهيل حركة المرور بالرغم من توسعها العمراني الكبير في السنوات الأخيرة، إضافة إلى انسداد الطريق المحاذي للمسجد العتيق الذي تكثر فيه المحلات التجارية المعروفة محليا بـ84، على غرار طرقات وسط المدينة وكذا الطريق الذي يمر أمام السوق المتواجدة بمحاذاة المسرح الجهوي باتنة والذي يتحوّل أحيانا فناؤه أو حوافه إلى سوق موازي بامتياز، يحدث هذا حسب السكان وسط غياب شبه كلي للسلطات المعنية كمديرية التجارة والشرطة ومصالح البلدية
واستلمت، مديرية التجارة بولاية باتنة، المخبر الولائي للتحاليل والخاص بتحليل العينات التي يشتبه في عدم صلاحيتها من مختلف المواد الغذائية، حسب ما كشف عنه مصدر مسؤول بالمديرية، حيث أضاف أن فتحه جاء لتسهيل المهمة على المصالح المختصة التي كانت في السنوات الماضية تضطر إلى إرسال العينات المحجوزة في حملات قمع الغش إلى مخبر سطيف أو قسنطينة وانتظار النتائج لمدة قد تطول.
وقد خصص لذلك غلاف مالي قدر بـ 10 ملايير سنتيم وسيساهم في تطهير الأسواق والفضاءات التجارية من السلع المغشوشة وغير الصالحة واللحوم البيضاء والحمراء والأسماك بعد أن أصبحت مرتعا لتلاعب التجار الذين يسوقون كميات معتبرة منها غير صالحة للاستهلاك، حيث ضبط مؤخرا بأحد محلات القصابة بحي بوعقال 3 قناطير من اللحوم الفاسدة معدة للتسويق.
وكشفت مصادر رسمية من مديرية التجارة لنا عن سعي السلطات الولائية بباتنة مؤخرا لإيجاد حل لمشاكل التجارة الفوضوية والأسواق الموازية التي غزت شوارع باتنة وأصبحت ظاهرة حوّلت بلديات ولاية باتنة إلى سوق فوضوي كبير، حيث فكرت الجهات المعنية بالملف في خلق هياكل تجارية في جميع المناطق الحضرية على شكل أسواق جوارية قصد تنظيم وتأطير السوق من جهة والتكفل بالتجارة الموازية من جهة أخرى، تطبيقا لتعليمات السلطات العمومية في القضاء على هذه الظاهرة، حيث انه يكفي بناء 48 سوقا بدوائر باتنة والتي ستوفر بدورها 2670 منصب شغل جديد لفائدة الشباب البطّال لوضع حد لظاهرة الأسواق العشوائية بباتنة وتطوير وترقية الاستثمار بها وقد تصدرت مدينة باتنة دوائر الولاية من حيث عدد الأسواق المقترحة والمقدرة بـ13 سوق جديد ودائرة مروانة بعدد المناصب المتوقعة والمقدرة بـ1690 منصب شغل.
تحدي كبير توشك السلطات الولائية على رفعه
لا تزال التجارة الموازية منتشرة بشكل رهيب بباتنة، رغم الحملات المتكررة التي استهدفت التجار الموازين، تنفيذا للتعليمات الوزارية الصادرة في هذا الشأن من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية ووزارة التجارة.
وتقدر الفضاءات الموجودة بـ 27 فضاءً، تمت إزالة 10 منها بتنسيق من مديرية التجارة ومصالح الأمن في حملات سابقة، فيما لايزال هناك 17 موقعا تجاريا فوضويا تضم في مجملها 1036 تاجر موازي، ومن المنتظر أن تتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهتهم.
وفي سياق متصل، لاتزال ثلاثة أسواق شعبية بكل من أحياء بوعقال وبارك آفوراج والزمالة تشكل بؤر تلوث تهدّد صحة المستهلكين، حيث يتم عرض البضائع على الهواء الطلق في كل فصول السنة، بما فيها المواد الحساسة مثل اللحوم والأسماك والمخللات، وهو ما يعد خطرا على المواطنين الذين يقبلون بأعداد كبيرة على هذه الأسواق، كما أن هذه التجمعات تخلف واقعا بيئيا كارثيا بسبب بقايا الخضر المتعفنة وأحشاء الدجاج الذي يذبح ويوضب داخل أكواخ قصديرية.
كشف مير بلدية باتنة عبد الكريم ماروك أن هناك برنامجا بالتنسيق مع مديرية التجارة لإعادة بناء الأسواق وتنظيمها وإخضاعها للرقابة الدورية والمنتظمة من طرف المصالح المعنية، كشأن سوق الخضر والفواكه بحي كشيدة.