كشف رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة و تطوير البحث البروفيسور مصطفى خياطي عن انعدام بوادر الاكتشاف و التطوير لكل ما له صلة باللقاحات بالجزائر في الظروف الراهنة لاعتبارات متعددة تقف في مقدمتها تفشي ظاهرة البيروقراطية و عدم الاعتناء بمنظومة البحث العلمي، المعتبرة كقطاع ثانوي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي و ذلك في الوقت الذي تولي فيه معظم دول العالم أهمية بالغة لهذا القطاع كونه يخص جل الوزارات.
أكّد خياطي على أنّ البحث العلمي في الجزائر يعتبر فرعا ثانويا لوزارة التعليم العالي في وقت تولي معظم دول العالم أهمية بالغة لهذا القطاع كونه يرتبط بجل الوزارات و القطاعات الأخرى، مشيرا الى أنّ مشاريع البحث المعتمدة من طرف المديرية العامة للبحث التابعة لوزارة التعليم العالي و التي تعتبر العضو الدائم للبحث العلمي في البلاد، تنحصر في تلك المقترحة من طرف باحثي الجامعات و مراكز البحث تحت وصاية وزارة التعليم العالي و البحث العلمي مما يجعلها تبقى مقرونة بوزارة التعليم العالي دون وزارة الصحة المعنية الأولى بمشاريع تطوير القطاع الصحي إذ لم تتضح بعد بوادر شراكة قوية بين الوزارتين تمكن المديرية العامة للبحث العلمي من مرافقة استحداث كيانات بحث في القطاع الصحي كما تنص عليه القوانين.
و حينما يتعلق الأمر بتطوير اللقاحات ضدّ مختلف الأمراض المستعصية و المعدية فإنّ الامر يصبح أكثر تعقيدا بالنظر الى انعدام المخبر المرجعي الذي تخزّن به البكتيريا و الفيروسات الخطيرة لغرض استغلالها للتجارب (مخبر ب4) و هو المخبر الذي كان مدرجا ضمن أولويات قطاع الصحة خلال فترة الثمانينات حين تقرّر الحاقه بمعهد باستور الا انّ تجسيده توقف حينها لأسباب تبقى مجهولة، و في غياب هذا المخبر فإنّ مجمل المشاريع المتعلقة بتطوير اللقاحات تبقى مرهونة بمساهمة و مشاركة مخابر عالمية، و تبقى الجزائر بذلك بعيدة كلّ البعد عما هو جار بمختلف البلدان المتقدمة التي تقدّر منظومة البحث على غرار ماهو حاصل بالصين مثلا بحيث تمكن الصينيون مؤخرا من تطوير جهاز متكامل يمكن من تشخيص الاصابة بفيروس كورونا في زمن قياسي. و للعلم، فإن للصين وزارة كاملة للعلوم و التكنولوجيا (MOST) تنسق بين جميع القطاعات الوزارية الأخرى كما هو الحال ايضا في عدة بلدان متقدمة اخرى.
على صعيد آخر أكّد البروفيسور مصطفى خياطي بأنّ الموارد البشرية المؤهلة متوفرة بالجزائر و قادرة على تحقيق المعجزات من خلال تطوير العديد من اللقاحات و الأدوية بالجزائر الا أنّ نقص التجهيزات العلمية على مستوى مخابر البحث و هشاشة منظومة البحث في الميدان الصحي ذاتها و تفشي ظاهرة البيروقراطية في المجال و بروز العراقيل الادارية عند كلّ مبادرة بحث مقترحة يبقى يشكّل عائقا جديا أمام مسارات البحث في المجال الصحي، ضف الى ذلك كون كل مبادرة من هذا القبيل تقتضي دراسة اقتصادية معمقة من حيث إدراج الأسواق الخارجية في المشروع لاسيما حينما يتعلق الأمر بالأسواق المغاربية بالدرجة الأولى و الأسواق الافريقية في الدرجة الثانية الأمر الذي يؤمن البعد الاقتصادي لمثل هذه المشاريع الاستراتيجية ذات الصلة بالأمن القومي.
و عن مبادرة الدواء المحتمل التي اطلقها الباحث في علم الفلك لوط بوناطيرو مؤخرا قال البروفيسور خياطي بأنّ المنظومة الصحية العالمية تقتضي بان لا تقلّ فترة البحث و التجارب لأيّ دواء كان ثلاث سنوات و قد تصل أحيانا الى حدود عشر سنوات كاملة بحيث يمر الدواء او اللقاح في مرحلة أولية بفترة التدقيق العلمي ثم قبول براءة الاختراع قبل تحديد فترة للتجارب الحيوانية تليها فترة أخرى للتجارب على البشر و بعدها يتم الاعلان عن تصنيعه و تسويقه ، الا أنّ هذا المسار لا ينطبق بتاتا على الدواء المصرّح به كما أنّ الباحث الذي اعلن عنه لا صلة له بمجال الطب و الصحة البشرية الأمر الذي يطرح على المعنيين أكثر من علامة استفهام و يفسّر إجهاض المبادرة في مهدها باعتبارها تفتقد لأدنى مقتضيات الأمانة العلمية.