أعرب رئيس بلدية القليعة قويدر يوسف عن أسفه من آلية إسناد المشاريع للمقاولين بشكلها الحالي، والذي كثيرا ما ينتهي بتأخّر رزنامة الانجاز لفترات طويلة في كثير من الحالات مرجعا المعطيات التي تقف وراء الظاهرة الى تحايل المقاولين بالدرجة الأولى.
أشار رئيس بلدية القليعة إلى وجود عدّة عوائق تساهم بشكل مباشر في تأخّر استلام المشاريع التنموية، منها ما يتعلق بتغيّر الأحوال الجوية ومنها ما يرتبط بتحايل المقاول باستعمال مواد بناء غير تلك التي تمّ الاتفاق عليها ضمن دفتر الشروط، ومنها ما يتعلق بمصادفة عراقيل تقنية لها علاقة بمرور قنوات الشبكات المختلفة كقنوات المياه وكوابل الكهرباء والهاتف وغيرها، وفي كلّ هذه الحالات يضطر صاحب العمل لتوقيف عملية الانجاز الى غاية تسوية مختلف العقبات التي تعيق عمل المقاول، كما ترتبط حالات اخرى بالوضعية السيّئة للمقاولة والتي تفرز ضعفا لافتا لوتيرة الانجاز ممّا يسهم مباشرة في تأخر المشروع.
وإذا كانت هذه المواقف والحالات تبدو للعيان معقولة ومقبولة، فإنّ الذي يبقى يثير أكثر من علامة استفهام إقدام المقاول على عرض وثائق تثبت حصوله على كافة المؤهلات التقنية التي تتيح له إتمام عمله في ظروف قياسية ومريحة ليتّضح في آخر المطاف بأنّ عديد المقاولين يغشّون، ويتحايلون على القانون من خلال عرض بطاقات ترقيم لآليات مهترئة غير قادرة على مباشرة العمل، وفي بعض الحالات تكون الآليات غير متوفرة أصلا باعتبار القانون الساري المفعول لا يجبر صاحب العمل على التأكد من الحالة الجيّدة للآليات، كما أنّ العديد من المقاولين يعانون من مشاكل مالية قاهرة لا يتم التصريح بها تزامنا والتوقيع على الصفقة مع صاحب العمل ليصطدم هؤلاء أخيرا بتداعيات الصعوبات المالية واضطرارهم للتوقف عن العمل لفترات طويلة، فيما يفتقد مقاولون آخرون للعديد من الموارد البشرية والتنظيمية التي تتيح له مباشرة مهامه في ظروف مريحة.
وتبقى النقطة المتعلقة بالمناقصة واعتماد العرض المالي الأقل قيمة في قانون الصفقات من أهم الأسباب المباشرة التي تؤدي الى بروز العديد من الاختلالات على مستوى سيرورة انجاز المشاريع، حسب ما ذهب اليه رئيس بلدية القليعة قويدر يوسف، والذي أكّد بأنّ هذه الظاهرة ليس مطروحة بتاتا بفرنسا، التي تعتمد في قانونها على العرض الأهم من حيث القيمة على شاكلة مزايدة بدلا من المناقصة، إلا أنّ ذلك يبقى مرتبطا بمدى جاهزية المقاول لأداء مهامه وفقا للآجال المتفق عليها وبالجدية والنوعية المشار اليها بدفتر الشروط، الأمر الذي لا يتوافق اطلاقا مع ما هو معمول به ببلادنا حاليا، ومن هذا المنطلق فقد طالب محدثنا بضرورة تصحيح منهجية اسناد المشاريع للمقاولين من خلال التحقيق في جاهزية هؤلاء للعمل النوعي والمتقن بعيدا عن العوامل الاجتماعية التي تؤخذ في الحسبان حاليا.
عسوس: المقاولون أبرياء والخلل يكمن في منظومة الصّفقات
كشفت رئيسة المكتب الولائي للمنتدى الجزائري للشباب والمقاولاتية كريمة عسوس، عن وجود خلل بارز بمنظومة الصفقات العمومية المعتمدة حاليا، والتي تنتهج معايير تقنية مجحفة في حق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالتوازي مع منح معظم الصفقات لمؤسسات كبيرة تفتقد للعديد من معايير الجدية كعدم احتواء تركيبتها البشرية على عناصر كفؤة قادرة على انجاز المشروع في آجاله وبالنوعية المطلوبة، كما ساهم التأخر الحاصل في تسوية الوضعيات المالية لفائدة المؤسسات المنجزة بشكل مباشر في تأخر الانجاز، بحيث أنّه كثيرا ما تتأخر عملية التخليص لأكثر من شهر ونصف وتزيد عن ذلك أحيانا، فيما يضطر المقاول لتدبير شؤونه للوفاء بالتزاماته. وتساءلت ممثلة المنتدى الجزائري للشباب والمقاولاتية عن الدوافع التي تقف وراء هذا التأخر غير المبرّر بالنظر الى كون كلّ مشروع يتم الاعلان عنه ترصد له ميزانيه منذ البداية وقبل الانطلاق فيه.
أما عن الغش المسجل في الكثير من الحالات في نوعية الانجاز، فقد أشارت ممثلة المنتدى الى أنّ هذه الظاهرة كثيرا ما ترتبط بالرشاوي التي تفاقمت بين المقاولين وممثلين عن الهيئة صاحبة العمل، بحيث يضطر المقاول تحت تأثير صرف امواله لفائدة أشخاص بطرق ملتوية وغير قانونية ولا شرعية الى الغش في نوعية المواد من جهة ونوعية الانجاز من جهة اخرى مما ينعكس سلبا على نوعية المشاريع المستلمة، وتبقى هذه الظاهرة الغريبة والمقزّزة من تداعيات سيرورة قانون الصفقات المجحف، الذي لا يراعي العديد من الحالات في نظام منح الصفقات للمؤسسات المنجزة، والذي يعتمد نظرة الاستهزاء والاستصغار لبعض المؤسسات المسيرة من طرف كفاءات شابة تحوز على نظرة استشرافية ثاقبة للمستقبل بالتوازي، مع تفضيل مؤسسات أخرى ليست قادرة على الوفاء بالتزاماتها على أرض الواقع.