بشهادة المجموعة الدولية

مكافحة الإرهاب تجربة رائدة للجزائر

جمال أوكيلي

كان الحضور السياسي الجزائري بأشغال الدورة الـ ٤٢ لمجلس وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي بالكويت لافتا وبارزا، خاصة في تجديد المواقف الواضحة تجاه مكافحة ظاهرة الإرهاب.
وجاءت هذه المواقف في سياقها الراهن بعد أن تمدّدت هذه الآفة بشكل لم يكن يتوقعه البعض الذين تساهلوا في انتشارها وأرادوا أن تكون ورقة ضاغطة في أيديهم.. لكن انقلب كل شيء وأخذ منحى أصبح يهدّد بإسقاط دول قائمة بذاتها.

وتكون رسالة الجزائر قوية في هذا الشأن ونعني بذلك الفضاء الذي دعت فيه إلى اعتماد مقاربة شاملة كون البلدان المشاركة في هذا الاجتماع هي المعنية الأولى بكل هذا الزخم من اللاإستقرار الناجم عن العمل الإرهابي.
 لذلك.. فإن الجزائر لا تنطلق من فراغ بل تستند إلى مرجعية مبنية على نظرة فعّالة تدرك إدراكا جيّدا تحرّك هذا الأخطبوط، وشبكاته الجهنمية المتواجدة هنا وهناك والتي تعمل على إيجاد مستقر لها في النقاط الإستراتيجية في مناطق معينة تكون عبارة عن قواعد خلفية لها، من كل النواحي (التمركز، الإمداد...) كما تسعى لأن تكون مقيمة في بلدان معينة، حتى ولو كان في مواقع للأنترنت للتأثير نفسيا على الآخر، وهذه للأسف إستراتجيتهم في المرحلة الحالية.
و«المقاربة الشاملة” تختلف اختلافا جذريا عن “المقاربة الجزئرية” والقصد أن الظاهرة لا تحارب وفق “إذهب أنت وربك...” هذا يضعف كل الإرادات الخيّرة والمبادرات الصادقة التي ترمي إلى استئصال الظاهرة.
وحاليا.. فإن الدول الغربية الأكثر تفهما للموقف الجزائري وهي على علم أن ما ينجز في الجزائر يعد أمرا عظيما يستحق كل التقدير والاحترام وحتى التشجيع وكل القادة في الغرب وإفريقيا ينّوهون يوميا بهذا المسعى المتوجه للشعوب التواقة إلى الأمن.. عن طريق العمل الإستباقي القائم على الفعل السياسي الذي ينشد إلى عامل حسّاس ألا وهو الحوار.. وما حدث مع الفعاليات في المالي والشركاء في ليبيا يترجم بالفعل هذا الاتجاه الذي يمنع تفريخ الإرهاب من أوكار معيّنة.
وعليه.. فإن مكافحة الإرهاب لا يختلف من موقع إلى آخر أو من بلد إلى آخر، لكن الحكمة هنا كيف ينظر إلى ذلك الشخص الحامل للسلاح، والمتفجرات ويريد إلحاق الضرر بالأفراد والجماعات.. هنا الإشكال كل الإشكال.. لا يوجد خلط في التعريف أو في المفهوم وإنما هنا محاولة تكييف تتساوق مع النوايا التي لا نستطيع معرفتها إلا من خلال الممارسة وأحيانا يتحوّل الصراع السياسي الحاد إلى إطلاق نعوت شتى من البعض على البعض الآخر.. هذا ما يسجل اليوم في العديد من الأماكن من العالم العربي باستعمال مصطلحات “دينية” تصنّف هذا وذاك في خانة معينة.. هذا التوجه زاد في خلخلة والمساس الخطير باستحداث الفرق بين المقاومة والإرهاب، وقد ذاب وانصهر ذلك أمام كل هذا الخلط للأوراق ولم يعد أحد يتكلم عن هذا الأمر لتحل المجموعات المسلحة محل من كان يؤمن بإزالة الاحتلال من وطنه كما هو الشأن في فلسطين.. ويدخل حزب الله في لعبة أكبر منه.. يعمل اليوم للخروج منها بأقل الأضرار بعد تكبّده خسائر فادحة في إطاراته وعناصره.
كل هذا التفاعل المسير عن بعد حقّق أهدافه نسبيا كون القيادات فكرت بمنطق ذاتي معين لتجد نفسها مع واقع لم يكن في الحسبان.
ومن الصعوبة أن تدخل البعض من البلدان في دائرة “المقاربة الشاملة” لأن هناك حسابات لا تنتهي زيادة على عدم الالتزام بأي شيء تصريحا أو توقيعا ويظهر أن هناك من لا يرتاح عند سماعه “منع دفع الفدية” لأن هذا يضع حدّا لتمويل الإرهاب ويقطع أوصال تمديد عمر هذه الجماعات إن كان هناك من أقرها وسار على دربها.. إلا أن البعض ما زال يتجاوزها بدليل أنه في كل مرة تظهر “جماعة” هنا وهناك.. دليل أن المال ما زال يتدفّق بكثرة على هؤلاء من كل النواحي لإغراق المناطق بهؤلاء المسلحين.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024