تعوّد المتتبّعون للكرة الجزائرية منذ سنوات على ظاهرة أنّ الفريق الذي يتألّق في موسم، يكون ضعيفا في الموسم الموالي، حتى وصل الأمر أنّ بعض الفرق فازت بالبطولة، لكنها غادرت قسم النخبة مباشرة بعد ذلك لأسباب عديدة مرتبطة بالتسيير في المجال المالي والفني، أين تظهر مشاكل أكبر من كفاءة المعنيين بهذا الفريق المعيّن...!
لكن هذا الموسم، أعطى فريق وفاق سطيف درسا كبيرا لكل الذين راهنوا على تراجعه، حيث أنه "يتزعّم" ترتيب الرابطة المحترفة باقتدار، بعد أن كسب الموسم الماضي الثنائية (بطولة وكأس)، حيث أنّ الطاقم المسيّر تحدّى الجميع ووظّف كل طاقاته للحفاظ على توازن الفريق مهما كانت الظروف، وهو الأمر الذي جعل الأمور تسير في استمرارية، رغم التغييرات الكبيرة التي حدثت في الوفاق في الصائفة الماضية.
فيلود ــ ماضوي...ثنائي من ذهب
فقد عرف الوفاق السطايفي نزيفا حقيقيا من خلال مغادرة العديد من لاعبيه صفوف النادي، وكذا المدرب الذي منح الثنائية وهو السويسري غيغر...هذا الوضع وَضَعَ رئيس النادي حمّار في ورطة حقيقية قال البعض أنّها سنة التراجع الرهيب...لكن سارت "السفينة" في الاتجاه الذي أراده المسيّرون، حين قاموا بانتدابات نوعية على غرار قاراوي وشعلالي وخذايرية، والابقاء على بلقايد وعودية،
في حين أنّ السؤال الذي طرحه الجميع كان يتمثل في كيفية تعويض صانع الألعاب "ميسي الوفاق"، جابو، الذي رحل إلى النادي الافريقي التونسي؟ فالخطة الجديدة التي اعتمدها الثنائي فيلود ــ ماضوي تتمثل في اللعب الجماعي والمرونة الموجودة بين الخطوط، الأمر الذي أعطى "روحا" جديدة للفريق دون الاعتماد على "الأسماء" اللاّمعة التي كثيرا ما زادت من الصعوبات للفريق أكثر من أن تسهّل المهمة للطاقم الفني.
ويبدو أنّ هذه الوضعية كانت خليط من الجهود من طرف المسيّرين والطاقم الفني الذين كانت لهم رؤية واحدة في طريقة سير الفريق.
ومنذ بداية البطولة ظهر الوفاق أنّه قادر على الحفاظ على تاجه، مقارنة بالموسم الماضي الذي عاد إلى الواجهة تدريجيا، حيث أنّ خبرة تسيير الأوضاع ظهرت بحق في كسب النقاط وعدم التعثر وإهدار الفوز في عقر الديار، فرغم المزاحمة المستمرة لاتحاد الحراش، تمكّن الوفاق من إحداث الفارق في الوقت المناسب، أين يتعين حاليا مراقبة الملاحقين بعدم ترك الفرصة لفجوات في اللقاءات المتبقية.
فريق متجانس
والغريب في الأمر أنّ كل الاختصاصيين يؤكّدون على أنّ اتحاد الحراش يعتمد على تشكيلة شابة، مقارنة بوفاق سيطف، لكن الظاهر هو أنّ الوفاق سطايفي سار تقريبا في نفس رواق الثنائي العايب، شارف، حيث استقدم العديد من اللاعبين غير المعروفين، سواء من أندية محلية أو مغتربين وتمكّن من تشكيل فريق متجانس، لذلك فإن استراتيجية الوفاق وإ ــ الحراش متشابهة، وهي التي أعطت النتائج الجيدة، عكس الأندية التي تجري وراء الأسماء الرنّانة، التي كثيرا ما تحتاج لوقت للتأقلم، والمثال الحي يأتينا من اتحاد العاصمة الذي تتوالى المواسم عليه ولم يجد الطريقة المثلى للسيطرة الكلية على البطولة والكأس رغم الأموال الكبيرة التي يستثمرها في كل موسم.
فالوفاق، وبعد تجربة النجوم، التي رغم أنّها تجسّدت في الفوز بالألقاب، عرفت نهاية غير متوقّعة بالمغادرة المفاجئة للاعبين وأزمة مالية خانقة، وهذا ما اضطر حمّار ومساعديه على "الضرب بقوة" في منتصف الموسم الحالي، أين تمّ الاستغناء عن العديد من اللاعبين بسبب عدم قدرتهم على فرض مستواهم، وبالتالي إعطاء أريحية مالية للفريق من خلال عدم تسديد الرواتب للاعبين المعنيين، الذين اضطروا للبحث عن نادي آخر لممارسة نشاطهم.
ورغم أنّ المنافسة مازالت شديدة من طرف بعض الفرق الطموحة لكسب لقب هذا الموسم، على غرار إ ــ الحراش وإ ــ العاصمة وم ــ الجزائر، فإنّ الوفاق يبدو في وضعية مناسبة للفوز مجددا باللقب بتشكيلة شابة، فحتى حاج عيسى الذي عاد إلى البطولة الوطنية، لم يتمكّن من "الدخول" مجددا ضمن تشكيلة "الكحلة" نظر للسياسة الجديدة للفريق، كون المفاوضات باءت بالفشل نظرا للمطالب المالية الكبيرة لـ "باجيو العرب" التي كان قد صنع أحلى أيام الوفاق، وكان الكل ينتظر عودته المنطقية إلى صفوف النادي لكن تغيّرت أشياء كثيرة من خلال الاعتماد على المجموعة ككل وليس على أسماء معينة، وهذه هي الطريقة السليمة لصنع فريق تنافسي، لأنّ كرة القدم قبل كل شيء هي لعبة جماعية!!