لم يبق منها إلا اسمها، هكذا وصف لنا البعض من الذين ما تزال ذاكرتهم تستحضر المقاهي الشعبية التي كانت منتشرة في القصبة، أو المتاخمة لحدودها ومحل تردّد دائم من قبل روادها بلباسهم المعروف «بلوشنغاي» قميص بحري وقبعة برمز الباخرة أو شاشية إسطمبول لتناول أو ارتشاف القهوة أو الشاي.
وتعود ذاكرة من نشأ في الحي العتيق إلى مرحلة ليست ببعيدة وإن تهاوت الأسوار، فإن ذلك لم يمحها من اللاشعور في كل مرة تسترجع في كامل ديكورها مردّدة قولها «البارح كنت هنا» القائمة طويلة، منها العريش كربابي، البهجة، البساكرة، عرجاوي، موستاش، تليها من هي موجودة في أعماق هذا الصرح، القوراري، التلمساني، الكواكب ولا ننسى هناك، مقهى ملاكوف الأشهر من نار على علم ملتقى لعملاقة الأغنية الشعبية، العنقاء، بوجمعة، العشاب، حسن السعيد أبوابها مغلقة اليوم بسبب خلاف يتعلق بالإرث وقيل أن الهادي ابن الحاج امحمد سيحيى مجدها لكن لم يطرأ أي جديد حتى الآن.
في حين أن «التلمساني» ما تزال مفتوحة إلى غاية يومنا تستقبل زوارها عاديا، لكن ليست بالطريقة القديمة. موقعها استراتيجي بـ «شارع لامارين» في آخر الزاوية، بعيدة عن المارة وضجيج المدينة، وحتى عن الأنظار.
تلك المقاهي كانت ملتقى الأحباب، ومواعيد الأصحاب بعد ضربة «المدفع» وتناول الإفطار وجهتهم المكان المختار للحديث والسمر، وممارسة شتى الألعاب إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، هكذا كانت القصبة بالأمس أو اليوم شغل الناس هو كيفية مغادرتها.. إلا من يملك دويرة قائمة بذاتها أعاد لها الاعتبار.