مقابل التوافق على تغييب الأعمال الروائية والأدبية لرشيد ميموني من الناحية الأكاديمية وحتى لدى القارئ العادي الناجم عن قلة الترجمة، تمكّن الكاتب مقابل ذاك عن تحقيق إجماع من شكل آخر في مداخلات اليوم الدراسي الذي احتضنته ولاية بومرداس، وهو «أنّ الرّوائي استطاع أن يحقّق التواصل مع يوميات الإنسان الجزائري، وجعل الرواية بشخصياتها المستوحاة من الواقع تعبر عن هموم المجتمع بايجابياته وسلبياته».
في قراءة متأنّية ومعمّقة لرواية «اللّعنة»، نقلت الباحثة حياة أم السعد جوانب أخرى من شخصية الروائي وطريقة تفكيره ومعالجته للواقع الجزائري المعاش في التسعينيات أو فترة اللاّأمن وزمن العشرية السوداء كما اصطلح عليها التي شكّلت إرهاصات حقيقية للروائي دفعته لتقديم رواية اللعنة، وهي حسب الأستاذة «عبارة عن مرآة عاكسة للواقع المعاش بسبب قلة الوعي، تسلّط الخوف وغياب الحب وهو ثالوث صنع هذا العمل الإبداعي المتميز»، كما قالت عنه «أنّه الروائي الوحيد الذي لم يتحدث عن البطل الملحمي في رواياته بل حاول البحث في منابت الأزمة وأسبابها دون تحميل طرف المسؤولية من بين الأطراف المتخاصمة في تلك الحقبة السوداء»، مفضّلا لغة التعايش السلمي التي صنعت الروائي وفكرة «أنّ الشعوب لا تنتظر حلولا مستوردة من شعوب أخرى لمعالجة كبواتها الداخلية».
كما حاولت الأستاذة الباحثة تصنيف أعمال الروائي ضمن خانة الأدب الاستعجالي كونها واكبت فترة غير عادية، وهي الفكرة التي عارضها أستاذ الأدب الشعبي عبد الحميد بورايو، كون رشيد ميموني قدّم أهم أعماله وهي روايته الأولى «النهر المحوّل» سنة 1982 ثم رواية طومبيزا سنة 1984، شرف القبيلة 1989، في فترة كانت تتسم باستقرار سياسي
واجتماعي، وبالتالي لا يمكن تصنيفها ضمن هذا النوع الأدبي الذي ظهر في تلك العشرية، إنما حاول نقل الواقع المعاش بإيجابياته وسلبياته أو ما أسماها بالتناقضات الجديدة لمجتمع ما بعد فترة الاستعمار.
لكن المؤكد في أعمال ميموني حسب بورايو «أنّها تصنّف ضمن الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية التي بدأت مبكّرا في نهاية القرن الـ 19»، كما أنّ الروائيين الجزائريين كان لهم ميراث اعتمدوا عليه وظروف تاريخية كذلك، لأن المثقفين الجزائريين كانوا منغمسين أكثر في الوسط الاجتماعي، وبالتالي علاقة هذا الأدب قوي جدا بالمجتمع الجزائري مثل محمد ديب وعلاقته بالثورة الجزائرية والحركة الوطنية، كاتب ياسين في نجمة أيضا، فهو أدب له علاقة قوية بالمجتمع ويطرح قضايا جزائريين وليس موجّها للأجانب أو وفق ما يريده الغرب على غرار كتابات بعض الروائيين في المشرق هؤلاء يقدمون مجتمعاتهم وفق ما يريده الغرب، وهذا الأدب ليس غرائبيا ولا يمكن تجاهله فهو موجّه للجزائريّين وليس للأجانب وبالتالي يحتاج للترجمة، لأنّه يتكلّم باسم المجتمع وفيه شيء كبير من الصراحة والتمرد، وهي أشياء موجودة في الواقع الجزائري.
بالمقابل وصفت الباحثة نوال كريم رشيد ميموني بأنّه الأكثر قراءة في المغرب العربي وفرنسا والأكثر تتويجا نظرا لأسلوبه في الكتابة، «فهو شخص يحب الحياة لكنه وجد نفسه يكتب عن البؤس والمعاناة، ومشكل اللاّعدالة اجتماعية التي تحدّث عنها في رواية طومبيزا، بالإضافة إلى مشكل العصرنة داخل المجتمع الجزائري، الذي تناوله في رواية شرف القبيلة، لكنّها تبقى كلها أعمالا نابعة من الواقع اليومي ومعبّرة عن هموم المواطن».