القاص زين الدين بومرزوق لـ«الشعب»:

التلاعب بالأحداث والرؤى يشكل عالما استثنائيا يجمع بين الملهاة والمأساة

حوار / نورالدين لعراجي

يحمل متاعه السردي بين جنباته..يغوص في الأسئلة الزمكانية أين يشاء له المكوث.. يصنع من قصصه حياة جديدة.. تؤرخ لحاضرنا وماضينا.. وتستشرف حدود المعنى .. في كل محطة يعرف الجديد.. رغم قسوة الإدارة على الإبداع إلا انه يسير بنفس الوتيرة التي عهدتها فيه منذ عرفته ..وجمعتنا محاسن صدفة الكتابة ...في ثمانينيات القرن الماضي وامتدت الى اليوم ..لتقول كلمتها الشاهدة .. إنها الروح الإبداعية التي لا تمل ولا تكد ...هي روح القاص زين الدين بومرزوق الآتية من سعف النخيل وحبات الرمل..التقته «الشعب» وهو يحتفل بإصداره القصصي الجديد فكانت معه هذه الدردشة.

»الشعب»: هل لكم أن تحدثونا عن إصداركم الجديد؟
القاص بومرزوق زين الدين: «قلب مختل عقليا» هي المجموعة الثانية في مجال الكتابة السردية التي تهتم بالقصة القصيرة جدا بعد تلك الموسومة بـ» شبه لهم» وكلتيهما من تقديم البروفيسور الناقد السعيد بوطاجين بعد النجاح الكبير الذي لاقته المجموعة «شبه لهم» سواء من حيث إقبال القراء أو الطلبة الجامعيين لتناولها كمذكرة تخرج ..والصدى الطيب الذي لاقته أمام المتلقي خلال الملتقيات أو الأمسيات التي أقيمت للتعريف بهذا النوع الجديد من السرد. شجعني على العمل في هذا النوع الجديد من السرد الذي يبدو للمتتبعين سهل تناوله إلا أن تقنيات الكتابة في مثل هذا النوع من الكتابة يتطلب تقنيات وجهد فكري جد صارم لأنه باختصار ليس من السهل قول كل شئ في بضع كلمات.
ماذا عن المجموعة الثانية؟
^^ أما المجموعة الثانية الموسومة بـ «قلب مختل عقليا» فهي تضم 55 قصة قصية جدا والقصة الومضة ..لا أخفي تشجيع البروفيسور السعيد بوطاجين الذي اعتبره وبفخر المتتبع الأول لأعمالي والموجه من أجل بعث هذا النوع الجديد من السرد القصصي لذلك قدما لي المجموعتين سالفتي الذكر في هذه المجموعة تناولت الكثير من المواضيع الاجتماعية الإنسانية الثقافية السياسية التي تمس الإنسان سواء في محيطنا العربي أو العالمي ..أتمنى أن تنال هذه المجموعة حظها من الإعلام للمساهمة في نشر وتشجيع هذا النوع الجديد من الكتابة الذي في الحقيقة لم ينتشر بقوة مثلما هو يتداول عند جيراننا بالمغرب أو مصر وبعض دول الخليج التي لها تجارب كثيرة تناولها الإعلام في ندوات وخصصت لها منتديات وملتقيات كثيرة وحتي جوائز إلا ما يؤسف له عندنا هو اللامبالاة الذي تلقاه القصة القصيرة جدا بالرغم من انها رافد جديد لبعث وإعادة سطوة القصة القصيرة امام الرواية والشعر.
**انتشرت كتابة القصة القصيرة جدا في المشهد الثقافي ما أسباب ذلك؟
^^ أما أسباب انتشار هذا النوع من السرد القصصي هو راجع للظروف المحيطة بالإنسان في وقتنا الحالي الذي يتسم بتراجع المقرؤوية والاهتمام بأشياء أخرى فرضت نفسها على الفرد والسرعة التي طبعت كل سلوكاتنا في التعامل مع ما يحيطنا فكان الاهتمام بالقراءة نصيبه من هذا التأثير إلى جانب تغييب القصة القصيرة من المنتديات ولم تمنح لها فرصة التعريف بها بمنحها وقتا للإلقاء وان كان ذلك منطقيا إذا ما قورنت بالشعر الذي له كل الفرص لاعتلاء المنابر وينتشي بها المستمع لأنها جعلت لتلقى بعكس القصة القصيرة التي لا تلقى وإنما تقرأ.لأسباب منهجية لطول النص والذي يتطلب تركيزا كبيرا من المتلقي وهذا جد صعب لذلك كانت القصة القصيرة جدا الحل الأمثل لأن تكون لها مكانة لها مثلها مثل الشعر في أي منبر وهذا ما أحسست به وعشته بكل فخر  من خلال الأمسيات التي نظمت على شرفها في كل من بسكرة، البيض وبومرداس حيث لقت تجاوبا لا نظير له فاجأني شخصيا لسهولة الإلقاء والاستعاب الكبير للمتلقي الذي تجاوب معها ..إلا أن العدد القليل الذي يهتم بها من الكتاب وصعوبة الكتابة فيها وقلة الاهتمام إعلاميا بها يجعل تطورها في الجزائر على المحك وبالتالي أشكر مسعاكم واهتمام جريدة «الشعب» وقسمها الثقافي بتناول هذا الموضوع وأنا اطمح ان يكون للقصة القصيرة ملتقاها وجوائزها لبعث وتطوير هذا النوع من الكتابة وكذلك اهتمام الجامعة والدراسات بها للوصول بها مثل ما بلغته في الدول الأخرى في ما يخص كتاباتي القصصية التي تمتد علي سنوات طويلة وعريضة كانت بدايتها منذ الثمانينات التي تخللتها إصدارات في القصة القصيرة البداية كانت بالمحموعة الصادرة عن دار هومة الموسومة بـ»ليلة أرق عزيزة» التي تضمنت ما تم نشره في الفترة السابقة سنوات الثمانينات والتسعينات المجموعة الثانية صدرت عن الجاحظية أيام رئاسة الروائي الجزائري الكبير عمي الطاهر وطار رحمه الله بعدها صدرت مجموعة ثالثة الموسومة بـ «الجحر المقدس» عن اتحاد الكتاب الجزائريين بالرغم من انها تناولت الصحراء والإنسان فيها بكل تفاصيلها الجميلة والمثيرة بعد هذه المجموعة كتبت أخيرا أنهار جبل الثلج من خلال العنوان يحيلك إلى بلاد الثلج البيض هذه المدينة التي تحتضن موروث ثقافي وحضاري وتاريخي ثري يلهم من يتناوله بكثير من الجمال والإبداع والكشف والبوح.
كتب لكم الدكتور بوطاجين كلمة التقديم هل لكم أن تمنحونا ماجاء فيها؟
^^ مما جاء في تقديم الناقد السعيد بوطاجين لمجوعتي «قلب مختل عقليا: ..مايلي «أتشرف للمرة الثانية على التوالي بوضع هذا التقديم الموجز لمجموعة قصصية أخرى للكاتب زين الدين بومرزوق بالرغم من علمي المسبق أن هذه الكلمات لن تفيه حقه فلن تستطيع إبراز قيمة ما يكتبه باهتمام ومثابرة. ثم أنني لا أنوي توجيه المتلقي بلعب دور المعلم العارف .......لا يتوقف هذا القاص عن مفاجأيتنا لأي جديد وايقاظ ذوقنا .هو الذي غدا حسب علمي أحد المبدعين الجزائريين المهمين بالقصة القصيرة جدا ان لم يكن أحد روادها.ممن يحاولون تكريسها بشكل لائق، لقد حدث لي أن قرأت له قبل سنة مجموعته الموسومة (شبه لهم) وكانت من أجمل النصوص التي كتبت في السنين الأخيرة دون ان نغفل التجارب الأخرى التي لا تقل أهمية وجودة لأنها تجتهد خارج اهتمامات النقد والبحث الأكاديمي المنسحبين لأسباب كثيرة ........ليس هذا وحسب القاص زين الدين بومرزوق كما أعرفه من أعوام طويلة كائن رائع حباه الخالق بكل صفاة التواضع الخلاق الذي جعله يساوي نفسه لا اكثر يكتب في الهامش عن الضياع .عن القرف والعبث واللاجدوي، عن الذات والأوطان المهزومة عن المحال المتجذر في المجتمعات السائرة في طريق الانقراض بخطى عملاقة، يفعل ذلك بهدوء الرائ العارف عن معرفة وممارسة وبطاقة سردية راقية لا يمكن انكار قيمتها لأنها متجددة، نبيهة وواعية لطبيعتها ودورها إلى حد كبير ....إننا أمام تجربة أخرى وجب الاهتمام بها نقديا وأكاديميا لأنها اجتهدت كثيرا لتكون على هذه الصورة التي تليق بمقامها خاصة إذا عرفنا هذا لأنه حديث النشأة الى حد ما وقليل الانتشار نسبيا مع أنه قائم كخيار سردي ...».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024