بساطة اللغة جعلت منه وسيله مهمة للاتصال
أرجع مسعود بكاي، المهتم بالأدب الشعبي والإعلامي السابق بوكالة الأنباء الجزائرية، في حديثه لـ»الشعب»، غياب الأدب الشعبي عن الساحة الثقافية في العقود الأخيرة، إلى عدة أسباب وعوامل، أهمها الغزو الثقافي وتغير النمط الاجتماعي والمعيشي للأسرة الجزائرية، ناهيك عن عدم الاهتمام الرسمي بهذا التراث اللامادي مقارنة بالتراث المادي، ويرى أنه لابد من إعادة بعث هذا النوع من الأدب في الأوساط الثقافية والشعبية، لاستغلاله في البناء الاجتماعي ومعالجة العديد من القضايا كونه أدب مفهوم لدى العامة، لعب دور اجتماعي مهم في تاريخ الجزائر.
أوضح، محدثنا أن القصيدة الشعبية أو ما يسمى في بعض المناطق «القوال»، لعبت دورا كبيرا إلى جانب الأسطورة الشعبية والحكواتي والأمثال والحكم الشعبية، في حياة المجتمع الجزائري عبر التاريخ، في تربية النشء والحفاظ على الهوية الجزائرية في كل المراحل التاريخية، وكان هذا الأدب حاضرا في كل المناسبات الاجتماعية كالأعراس وحفلات الختان، دون أن ننسى القصص الشعبية التي كانت تسردها لنا جداتنا، عندما كان المجتمع الجزائري مؤسس على الأسرة الكبيرة.
وأضاف بكاي، قائلا، أن مرحلة الثورة الجزائرية، شهدت حضورا كبيرا لهذا النوع من الأدب، حيث اعتمد علية المجاهدون، في تمرير العديد من الرسائل الثورية وزرع الحس الوطني في الأوساط الشعبية، نظرا لبساطته وسهولة فهمه من طرف عامة الناس، مثل: أغنية أو طريقة «ياديوان الصالحين» التي استغلها المجاهدون في تمرير الرسائل الثورية ببساطة وإبداع في ذات الوقت، دون أن يفهمها المستعمر.
وكشف مسعود بكاي، أن القطيعة مع الأدب الشعبي، حدثت منذ عقود، لعدة أسباب أهمها الغزو الثقافي بأنواعه، وكذا تطور وسائل الاتصال التي كانت مفقودة في السابق، وبالتالي حلّت محل الأدب الشعبي في العديد من جوانبه لاسيما ما تعلّق بالجانب الترفيهي، هذا إلى جانب تغير النمط المعيشي للأسرة الجزائرية، حيث غابت الجدة التي كانت تحكي في كنف الأسرة الكبيرة للأولاد وتبدع في التأثير عليهم ايجابيا، وحلّ محلها الكمبيوتر وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة.
ويرى ذات المتحدث، أن وزارة الثقافة عملت على تشجيع وإحياء التراث اللامادي الذي يشمل الأدب الشعبي، لكن التراث المادي أخذ الاهتمام الأكبر والقسط الكبير من الميزانيات والمهرجانات، وبالتالي لازلنا نعيش فترة غياب القصيدة الشعبية واندثار الأمثال والحكم الشعبية والألغاز وغيرها.
دعا محدثنا، إلى الاهتمام بهذا التراث اللامادي وضرورة تقييده بالكتابة حتى لا يندثر كليتا، واستغلاله في الإصلاح الاجتماعي والبناء نظرا لبساطته كونه شعبي مفهوم لدى العامة، وبالتالي يعتبر أحسن وسيلة للاتصال وتمرير الرسائل التحسيسية والإصلاحية وغيرها، وهذا مع حتمية جعله متماشيا مع وسائل الاتصال الحديثة والنمط المعيشي المعاصر.
كما ألحّ السيد بكاي، على ضرورة فتح معهد متخصص في هذا الأدب الذي يدرس في الجامعات كمقياس فقط وليس كاختصاص، مع إلزامية إثراء المكتبات به والاهتمام به أكثر من طرف الكتاب وكل الفاعلين في الحياة الثقافية.