بعد غياب لفترت طوال عاود الأدب الشعبي الثقافي الظهور من جديد لأسباب ارتبطت بالبحث عن الهويةوالانتماء للوطن، باعتبار أن الأدب الشعبي الثقافي جامع لكل الفنون القولية من تقاليد وعادات تنتجها الجماعة الشعبية من قبل مؤلف غالبا ما يكون مجهول ولها قبول لدى الجماعة الشعبية على غرار القصة الشعبية والخرافة والألغاز وغيرها من الأشياء التي ارتبطت بالمجتمع في فترة ما.
في هذا الصدد، أرجع أستاذ الأدب بجامعة محمد بوضياف بوزيد رحمون في حديثه لـ «الشعب» السبب الرئيسي لتراجع الأدب الشعبي الثقافي إلى تعمد المستعمر إلى طمسه بشكل مقصود بحكم أن الأدب الشعبي الثقافي يعتبر حامي لبقاء المستعمر وهذا من خلال الدراسات التي قام بها لفهم عقلية الشعب الجزائري وكيفية تمحور أفكاره، وخلال تلك الفترة يقول المتحدث إن الناس حتى من غير العرب صاروا يبحثون عن الهوية وخاصة في ما يتعلّق بالأصول، خاصة وأن الأدب الشعبي الثقافي مستودع للشعر الشعبي والقصة والمسرحية والأمثال التي تصدر من مصادر الشعب الجزائري، وفي الفترة الأخيرة يقول بوزيد رحمون أن الأكاديميون بدورهم استغلوا الدراسات التي قام بها المستعمر لصالحهم من خلال إنشاء العديد من المعاهد المتخصصة في تدريس مقياس الأدب الشعبي الثقافي وبات يعتبر حاليا بطاقة من بطاقات الهوية للشعب بتقاليد وعادات راسخة مستمدة من الثقافة الإسلامية لتعريف بهذا الشعب بروافد وجداول الأدب الشعبي الثقافي الذي يعتبر نهر الثقافة العربية الإسلامية الجزائرية وحتى التونسية والليبية وجميع أقطار شمال إفريقيا للشبه الكبير من بين هته الشعوب من ممارسات كالأعراس والمآتم وغيرها من الأمور المشتركة.
وأما الشاعر والباحث في التراث عبد الكريم قذيفة فيرى العكس ما ذهب إليه الأستاذ بوزيد لأنه لا يؤمن بوجود قطيعة مع الأدب الشعبي في أي مرحلة من المراحل، خاصة لأن الجهود للاهتمام بهذا التراث لم تتوقف، سواء على المستوى الأكاديمي أو على المستوى العام، وأن الذي يحدث ألان حسبه، مع تطور وسائل الاتصال والتواصل وانتشارها، زادت المساحات المخصصة لهذا الفن، وهو ما زاد اهتمام الهيئات الثقافية والمحلية به من خلال انتشار العكاظيات والمهرجانات عبر جهات الوطن، ويعتقد الشاعر عبد الكريم قذيفة أن هذا الاهتمام المتزايد يعود أيضا لحاجة المجتمع لعودة إلى ذاته في مواجهة الاستلاب الثقافي والإعلامي. الذي يعتبر نوع من الاحتماء والحفاظ على الخصوصية، وملاذ للعامة من الشعب ممن لم يجدوا في أدب الفصحى ما يفهمونه أو ما يعبر عنهم.
وأشار المتحدث في خلاصة حديثه لجريدة لـ» الشعب» حول الموضوع أن الأهم هو استمر هذا الاهتمام وهذه العودة لما تشكله من إعادة تأصيل الهوية والانتماء وربط الماضي بالحاضر باتجاه مستقبل نسير إليه ونحن أكثر تماسكا وتوازنا.