أكد الناقد السينمائي عبد الكريم قادري لـ»الشعب»، أنه من السهل جدا الكشف عن الأسباب المتعددة التي خلقت هوة واسعة بين الرواية الجزائرية، والسينما والتليفزيون، ويمكن تصنيفها على أنها أسباب سياسية، عكستها الأنظمة السياسية المتعاقبة، التي تتوجس خيفة من كل مساحات الحرية، هذه الأخيرة في حالة توفرها بشكل كلي وكامل يمكن أن تُولد التكتلات الفنية، المُشكلة للأقطاب الفنية وعلى رأسها قطب للأدب والسينما والتلفزيون، والذي سيوَلّد معادلة، (إجماع رأي/ قوة تغيير)، من هنا كان من مصلحة الأنظمة أن تبقى الفنون متشرذمة وغير متراصة، وعليه سأطرح سؤالا وهو في نفس الوقت إجابة، في فترة النصف الثاني من الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات كانت السينما الجزائرية قوية جدا، لكن لماذا لم تتحول إلى صناعة؟
أضاف قادري وفي نفس السياق بأن قانون السينما الأخير الذي صدر سنة 2011، تعكس مواده ظاهريا تنظيم هذا الفن، لكن من الناحية العملية وضع اليد عليه، وبواسطته تم حصار صنّاعه، ناهيك عن فتح فضاءات السمعي البصري بقيود وشروط صارمة نوع ما، أما من الناحية الثقافية فإن معظم صناع السينما والتلفزيون في الجزائر، ليست لهم أي دراية بواقع الرواية الجزائرية، أشاد قادري بأن معظم الروايات الجزائرية تملك مقومات تقنية وذهنية كي تتحول إلى السينما والتلفزيون، وتمكن من سرد قائمة طويلة بهذه الروايات، التي ستعكس حتما جميع توجهات المدارس السينما المختلفة (واقعية، سينما الشعر، خيال علمي، موجة جديدة، تعبيرية... إلخ)، حيث اكتفي ببعض النماذج فقط حسب رأيه.
وفي سياق متصل ذكر متحدثنا أن أغلبية روايات الطاهر وطار تصلح للسينما والتلفزيون، كاللاز، عرس بغل، الزلزال، الحوات والقصر، هذه الأخيرة تجسيد فعلي لسينما المغامرات أو سينما التحريك، ناهيك عن أعمال مرزاق بقطاش ومن بينها طيور في الظهيرة، تصلح هي الأخرى لأن تصنف في خانة سينما الأطفال والمراهقين، لما تملكه من آليات متحكمة في ذهن الطفل وميولاته، أوجاعه وأحلامه، بالإضافة إلى العديد من الأعمال الأخرى.
كما ذكر المتحدث بأن من بينها أيضا رواية عيسى لحيلح بجزئيها الأول والثاني، وهي من أكثر الأعمال التي تعرضت إلى العشرية السوداء بتلك التفاصيل، خصوصا وأن كاتبها يملك مرجعية حقيقية وفكرة واسعة عليها، ويمكن أن تتحول إلى فيلم يحاكي هموم الإنسان الموجوع، ومن المؤكد بأنه سيعكس أحداثا أكبر مساحة من الجزائر، وستحاكي الإنسان أين ما كان، رواية «أمين العلواني» لفيصل لحمر، يمكن هي الأخرى أن تتحول إلى فيلم خيالي علمي، وهذا من خلال ما تملكه من أحداث ولعب قوي بالزمن، وهناك أعمال أخرى يصعب سردها في هذا المقال المحدود..
وفي نهاية حديثه اعتبر الناقد السينمائي قادري أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار ابتعاد السينما والتلفزيون عن الرواية الجزائرية بعد تجربة بسيطة بـ» قطيعة»، خاصة وأنه لم يكن هناك تقارب وتلاحم، وعليه لا يمكن لنا أن نطلق عليها كلمة تجربة، ماعدا بعض الأعمال، وهذا على غرار أعمال محمد ديب أو «الربوة المنسية» لمولود معمري التي أخرجها عبد الرحمان بوقروح، وقبلها قد أخرج أحمد راشدي «الأفيون والعصا» لنفس الكاتب.
بالإضافة إلى أعمال أخرى يقول الأستاذ قادري إنه يمكن عدها على أصابع اليد، معتبرا في ختام تصريحه لـ»الشعب» أنه يمكن الخروج بخلاصة مفادها أن الرواية الجزائرية بخير ويمكن أن تتلاقح من الفنون الأخرى، والمشكلة في السينمائي الجزائري الذي يبتعد عنها، إما عن جهل أو يكتب لنفسه لملء جيوبه.