قال الإعلامي أنس عبد الرحمان، صحفي بيومية الديوان الثقافية، في حديثه لـ»الشعب»، أنه لا يمكن الحديث عن معادلة الإعلام الثقافي دون الحديث عن الإعلام الذي يعد طرفا محوريا في هذه المعادلة، وعنصرا فعالا في تفاصيلها المتداخلة، خاصة وأن الإعلام أضحى يتميز بثقل ووزن كبيرين، يؤثر بشكل جلي في نموذج الإعلام الثقافي.
هذا المصطلح شهد نموا كبيرا في الساحة الإعلامية لاسيما من خلال الانفتاح على التعددية في إطار الإصلاحات الديمقراطية، وهو لا يقلل من دور وسائل الإعلام الأخرى على إختلاف مشاربها قبل هذه الفترة، بقدر ما يزيد من توسع رقعة الإعلام ومعه زخم كبير في الحركة الثقافية بين تطور أدبي ومسرحي وتلفزيوني سينمائي ونشاط في الفن التشكيلي، ما كان سهلا بفعل الإصلاحات التي عرفتها البلاد في فترة الإنتقال الدميقراطي في التسعينيات لكي تتغلغل بسهولة، ومن هذا المنطلق عرفت تجربة الإعلام الثقافي تطورا ملحوظا وككل تجربة إعترضتها صعوبات في أول المشوار، من حيث طريقة المعالجة الإعلامية لزخم المعلومات الثقافية والتظاهرات المتنوعة، تماشيا مع ما يمليه التطور الفني وأيضا المتابعة الإعلامية الموضوعية البعيدة عن كل توجيه .
في بادئ الأمر يبدو الأمر صعبا لكنه تطور بشكل كبير، وتحول إلى أداة يعتمد عليها في عكس الزخم الحقيقي للجزائر الثقافية، وأهم ما يزخر به تاريخها عبر العصور وحتى في عاداتها التي لا تتجزأ عن التراث والثقافة، وتحول الإعلام الهادف إلى خير سفير في تمثيل الجزائر وأكثر من ذلك حجر الزاوية في الرقي و مرافقة التنمية السياحية وتطوير الصناعة التقليدية والفنية، وإبراز التنوع الثقافي وقوة وخصوبة الإبداع الجزائري، بالاعتماد على مختلف الوسائط الإعلامية لتوصيل المعرفة إلى المتلقي، حيث الثقافة والإعلام هدفهما واحد وهو مخاطبة الناس، والاتصال بهم عن طريق الصورة، الصوت أو عن طريق الصحيفة الورقية وحتى الإلكترونية، إذْ لا توجد ثقافة بدون إعلام، ولا يمكننا الحديث على إعلام هادف دون ثقافة تساير متطلباته في القيام بعمل «الإعلام» وبالتالي علاقة بين الثقافة والإعلام علاقة تكاملية وتبادلية، إذ لا ثقافة بلا إعلام ولا إعلام بلا ثقافة، فالثقافة تغذي الإعلام والإعلام وسيلة لإيصال الثقافة للجمهور الواسع، والنشاط الثقافي لا يتطور إلا بإحتضانه إعلاميا، بدليل أن الإعلام أضحى جزءا لا يتجزأ من مراحل المعالجة الثقافية في المجتمع. وعن واقع المشهد الثقافي أضاف ذات المتحدث أنه في كثير من الأحيان يتم تمييع الثقافة وتسطيحها وإختزالها في فنون دون أخرى، وهو لا يعدو أن يكون إقصاءا للكثير من الأمور بعيدا عن المكونات الحقيقية وأهدافه الثقافية، فالمطلع الممحص يبحث عن حقائق أخرى التي يتميز بها المشهد الثقافي، وبمعالجة إعلامية متمكنة لوضع الحلول للكثير من الظواهر التي تفتك بالثقافة، وهذا هو دور الإعلام الهادف ، في التطرق لعدة نقائص أو عورات تؤثر سلبيا على الواقع الثقافي، مثلا أسباب تراجع نسبة المقروئية، هشاشة بعض الملتقيات الفكرية والشعرية، وضعف الإقبال على دور الثقافة ، المسارح ودور السينما، فالفعاليات الثقافية، لا يبرز منها إلا ما يبرزه الإعلام، أما تلك التي يهملها فيهملها المجتمع برمته، وعن دور الإعلام المقروء من صحف ومجلات، إعتبرها المتحدث أفضل ما يولي الثقافة إهتماماً، وهو ما يتجلى في الصفحات الجرائد الثقافية المتخصصة على الرغم من قلتها وكذا الصفحات الثقافية ببعض الجرائد والتي تنشر مساهمات العديد من الأدباء، المفكرين والمثقفين فضلا عن حوارات ومقابلات لمختصين في المجال الثقافي مما يتيح لهذه الفئة مجالا للتعبير عن أفكارها، ومساحة لطرح ما تجود به قرائحهم الأدبية و الفنية، هذا وتمنى من القائمين على مختلف وسائل الإعلام النظر بجدية لتفادي الإسفاف، ومن ثم تقويم وتصحيح المسار الإعلامي في وجهه الثقافي.