تعتبر اللغة العربية من أقدم اللّغات السامية، وتمتاز بانتشار واسع وتداول عالميا، وهو ما خوّلها حسب الدكتورة خديجة باللودمو، أن تكون من أكثر اللغات استخداما في الإنترنت والتواصل العالمي، باعتبار الكثير من اللغات التي تترتب بعدها، بغض النظر عن العلاقة الدينية التي تربط المسلمين بها كونها لغة الصلاة والقرآن والجنان.
تطرّقت الشّاعرة والأديبة خديجة باللودمو، من خلال حديثها لـ’ ‘الشعب» بعد تسليطها الضوء على مكانة اللغة العربية من خلال إستعمالها ومميزاتها، إلى «إشكالية الترجمة من وإلى العربية»، والتي حاولت حسبها أن تقطع أشواطا معتبرة لا يمكن غض الطرف عنها وعن إنجازاتها، مع ضرورة الاعتراف أن حال الترجمة من العربية وإليها يعاني الكثير من المشاكل والمعوّقات التي لا يمكن إنكارها، ولا بد من الوقوف عند الجهود الفردية التي قام بها الكثير من المترجمين العرب، فقد أثروا المكتبة العربية بالكثير من المؤلفات المترجمة عن لغات عالمية، واستطاعوا أن ينقلوا مؤلفات عربية للعالمية من خلال ترجمتها للغات عالمية، وبالتالي نقلها من حدودها العربية إلى خارج تلك الحدود في سبيل التعريف بالثقافة والأسماء العربية، لنعود ونصطدم تقول المتحدثة أمام مصداقية هذه الترجمات، ولنستشهد هنا بالعبارة المألوفة «المترجم أكبر خائن»، ذلك أن الترجمة خاضعة للأهواء والسياقات.
نحتاج إلى مؤسّسات تهتم بالتّرجمة
في هذا السياق، أكّدت خديجة باللودمو أنّ «هذه الأمور تبرز حاجتنا العربية لمؤسّسات وهيئات تأخذ على عاتقها مسألة الترجمة وتكون بصورة جماعية ممنهجة، وهو ما رأيناه بصور محدودة في الوطن العربي، كمشروع «كلمة» في دولة الإمارات الذي أوجدته هيئة الثقافة والتراث في «أبوظبي» الذي ينقل إلى العربية أمهات الكتب، وفي مصر هناك المشروع القومي والمركز القومي في لبنان.
وفي نفس الصدد، عرجت المتحدثة على ترجمة الأعمال إلى الأمازيغية والتارقية، أين وصفتها بالمشروع الضخم الذي يسير بخطوات بطيئة لكنها رصينة، وهذا في ظل وجود الجهود التي تقوم بها المحافظة السامية للغة الأمازيغية، التي تعنى بترقية وإدماج اللغة والثقافة الأمازيغية في النسيج التنموي والاجتماعي الجزائري، بترجمة الأعمال الأدبية ــ تحديدا ــ من وإلى الأمازيغية، ذلك أن اللغة الأمازيغية صارت تحاول التموقع في المشهد الإبداعي الجزائري بعدد الترجمات الكبير لمؤلفين عرب وجزائريين، وقد اهتمت أيضا بإصدار مجموعات شعرية لشعراء أمازيغ باللغة الأمازيغية.
من جهة أخرى، عادت ووقفت المتحدثة على التحديات الجسام التي تواجه مسار الترجمة في الوطن العربي، التي ترتبط حسبها بشكل وبآخر بمستوى التطور العلمي والتقني الذي تعيشه البلدان العربية، ومدى إدراك المفكرين العرب لأهمية ما ينشر باللغات الأخرى لدفع عجلة التقدم إلى الأمام، من خلال نقل المعرفة العلمية وتوطينها، فحتى الحديث عن الترجمة يستدعي الحديث عن نوعية الكتب المترجمة ومجالاتها، كما أنّ هناك لغات لا تتم الترجمة منها وإليها، وهذا ما يحرم القارئ العربي ممّا يُنتَج في تلك الأقطار من العالم، وضمن هذه التحديات تكمن العوائق والعراقيل التي تجعل من الترجمة في الوطن العربي مسألة جانبية لا تُطرح كإشكال وكمشروع تنموي كبير، ولكن نعيب هنا على القارئ العربي تأخّره في مسألة القراءة في حد ذاتها.