اعتبر النّاقد المسرحي وليد شموري أنّ «الحديث عن مسرح الشارع يقود إلى الحديث عن واقع المسرح الجزائري عموما، والذي لم يعد يلقى ذلك الاهتمام والدعم من الجهة الوصية في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ سنة 2014، أين قلّصت الدولة الدعم المالي للإنتاج المسرحي وكذا المهرجانات المسرحية».
أرجع المتحدّث بالإضافة لما سبق، سبب عزوف المتلقي عن الاهتمام بالفن المسرحي بتلك الطريقة التي كان عليها سابقا في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن أغلب المسرحيات تؤدى في قاعات شبه فارغة، فضلا عن نوعية العروض المسرحية التي تغلب عليها المناسباتية وأحيانا التهريج.
وبالعودة للحديث عن قضية «الستريت شو» أو مسرح الشارع، أشار شموري إلى أن «الأمر لن يكون أقل سوء، وفي الوقت التي تقيم فيه مختلف البلدان العربية والأجنبية مهرجانات تتعلق بمسرح الشارع قد تصل إلى العالمية»، متأسّفا لكون «وزارة الثقافة لم تلتفت إلى مسرح الشارع، ولم تبدي نيّتها في تقديم مهرجانات خاصة به حتى في الوقت الذي كانت فيه الجزائر بإمكانياتها المالية».
ومع ذلك لا ينفي الناقد المسرحي وجود بعض الاجتهادات الخاصة للمهتمين والمنشغلين بالمسرح عموما وبمسرح الشارع خصوصا، من خلال بعض الفرق التي نشطت فيه على غرار التقليد المقام في باب الوادي الشعبي، والذي تؤيه فرقة محلية استطاعت أن تستقطب الهواة والشباب والفضوليّين، وطلبة المعهد العالي للفنون الدرامية أين تقدم عروض ترتبط غالبا بالتراث المحلي. كما حاول ـ حسبه ـ المسرحي الجزائري أحمد بن قارة أن يجسّد مشروع مهرجان مسرح الشارع في مدينة مليانة بعين الدفلى، لكنه لم يحصل حسبه على دعم من الوزارة.
ويقول شموري، في ذات السياق، إنّه «بالرغم من أنّ هذا النّوع من المسرح قد يستقطب جانبا كبيرا من الجمهور، ويعيد للمسرح تألقه في ظل عزوف الجماهير على قاعات العروض، إلا أنّه لا يلقى الدّعم اللازم ويبقى محصورا في بعض المحاولات الفردية»، داعيا وزارة الثقافة إلى إعادة النظر في سياستها اتجاه المسرح، من خلال بعث مهرجانات تتعلق بمسرح الشارع أو مسارح الفضاءات المفتوحة، وتجاوز العلبة الايطالية وكسر الجدار الرابع ذي الصبغة الأوروبية، ممّا يعني حتمية مشاركة المتلقي الحسية ضمن العروض المسرحية، وخلق تماهٍ روحي معها».
ويرى أنّه لا بد أن يلقى هذا الدعم قبولا من طرف المخرجين أولا كونه مغامرة مباشرة جعلتهم يعزفون عنه خوفا من عدم تقبل المتلقي لهذا المسرح في الفضاء المفتوح، رغم ندرة الأماكن المفتوحة على غرار جميلة وتيمقاد التي جعلت لمهرجانات الغناء فقط.
وختم وليد شموري حديثه، كاشفا «وجود رهان آخر يواجه مسرح الشارع ويرتبط بالحرية أي حرية الإبداع والتعبير، حيث يمكن أن توضع قيود من لدن المخرجين أنفسهم تفاديا للمنع أو من الوصاية،وهذا ما يعني ضرورة خلق ديناميكية سياسية منفتحة لا تقيّد الإبداع بأيّ حال من الأحوال».