إستراتيجية الاتصال يجب أن تتجاوز منطق الفاتورة فقط
بحلول فصل الصّيف وبلوغ درجة الحرارة سقفا عاليا، يتضاعف الطّلب على المادة الحيوية ألا وهي المياه بشكل غير متوقّع يتجاوز أحيانا امكانيات الجهة المسؤولة عن ذلك نظرا لمحدودية نشاطها المادي والبشري في النّطاق الذي تعمل فيه كالمناطق النّائية المتميّزة بالتّجمّعات السّكانية أحيانا، التي كانت محل بناءات ذاتية لم تراع مخطّط مد القنوات، ممّا أدى إلى بروز مطالب حادة فيما بعد تصل في كثير من الأوقات إلى الاحتجاج أمام مصالح الجزائرية للمياه.
وإن كان المشكل قد لا يطرح على مستوى المدن الكبرى خاصة بعد إقامة محطات تحلية مياه البحر مع الاستفادة من الكميات القادمة من السدود، وما يعرف بتقنية الربط المباشر ما بين «الخزانات الكبرى»، غير أنّ الوضع يعد صعبا كلّما ابتعدنا عن ذلك المحيط وتوجّهنا إلى الجزائر العميقة والنّقاط البعيدة هنا ما تزال الأصوات تتعالى، مطالبة باستفادتها من المياه خاصة في فصل الحر للتّخلّص من متاعب هذا العنصر في الحياة اليومية.
في هذا الملف الذي أمامنا نحاول إثارة هذا الانشغال الحاد في عيّنات من ولاياتنا السّاحلية والدّاخلية التي يعاني قاطنوها من نقص حاد في المياه، للأسف ينتقل إلى مواقف غاضبة كغلق مقر المؤسّسة المعنية، أو منع حركة المرور، وغيرها من الأساليب المستعملة حاليا. ويفسّر الكثيرون هذا الرد من قبل النّاس نظرا لغياب التّواصل التّحسيسي مع الإدارة على أنّها في خدمة المواطن وعلاقته بها لا تكون بالإعذارات فقط أو بتلك الفاتورة التي ترسل له في الوقت المناسب بل تتعدّى ذلك إلى مستويات أخرى منطلقها الطّابع الانساني، هذا غير موجود كون الشّعار المتبع أو بالأحرى المطبّق «ادفع ثم احتج»، وضمنيا فإنّ مثل هذا القول يترجم ذهنية إحداث القطيعة مع الآخر، وهذا ما نعاني منه اليوم في إداراتنا.
وبالرغم من هذه الثّغرات في قواعد الاتصال والعلاقات العامة، فإنّ هناك محاولات خارقة من أجل استفادة المواطن من المياه تسجّل في العديد من المواقع الصّعبة في مداشرنا خاصة، ولا يسعنا هنا إلا التّذكير بمشروع القرن المتعلّق بنقل المياه من عين صالح إلى تمنراست.
