الاضطرابـات بالمؤسسات التعليمية في الواجهة

تلاميـذ يعيشـون كوابيس الانقطاع عن الدراســة

فتيحة.ك

 تداعيـــات الإضـــراب علــى التحصيـــل المدرســـي تنقلهـــا “الشعـــب”
 أصبح التلميذ اليوم رهينة الإضرابات المتكررة لمعلمين صاروا لا يعون من المهنة النبيلة سوى مردودها المادي، ما جعلهم يضعون مصلحة التلميذ آخر أولوياتهم وهو أمر خطير، لأن المدرسة أو المؤسسة التعليمية هي أول من يبدأ في عجن رجال المستقبل الذين تبنى بأيديهم الأمم.«الشعب”، استقت رأي الأولياء الذين اتفقوا على رفض تحويل أبنائهم إلى ورقة ضغط وابتزاز يؤرقهم يوميا.

زوليخة بن جودي، 35 سنة، أم لطفل يدرس بالسنة الخامسة ابتدائي بمدرسة حسيبة بن بوعلي. برج البحري، سألتها “الشعب” عن شعور ابنها عندما يجد نفسه مجبرا على التوقف عن الدراسة بسبب الإضراب فأجابت: “لأنه يدرس بقسم امتحانات نهاية السنة لا يستطيع إبني تفهم سلوك الأستاذ الذي يفضل التلاعب بمستقبل التلميذ الذي بدأ خطواته الأولى في تحقيق ذاته، لأن التوقف الفجائي للدروس يعني دخول التلميذ في اضطراب نفسي، سببه الخوف من الفشل وعدم القدرة على مواصلة الدروس بنفس الوتيرة التي بدأ بها، ما يؤثر سلبا على تحصيله المعرفي ويحصر تفكيره في الطريقة التي سيكمل بها البرنامج الدراسي، لأن أقسام الامتحانات مرتبطة بتواريخ محددة”.
أضافت زوليخة قائلة: “كذلك ستهتز صورة المعلم القدوة في ذهن التلميذ، لأنه يراه في المرتبة الثانية بعد والديه بل في بعض الأحيان يكون قبلهما، خاصة وأنه منذ أن وعى الحياة وهو يسمع الأبيات الشعرية التي تقول فيما معناه: “قم للمعلم وفّه التبجيلا... كاد المعلم أن يكون رسولا”، ما يجعله يعيش أحاسيس تجاه المعلم لا يعرفها قد تنتهي في الأخير بمحو الصورة الجميلة له وتعويضها بشخص يأتي إلى المدرسة من أجل الراتب لا شيء ولا أقل، ما يحدث شرخا كبيرا في العلاقة النفسية التي اعتبرها ميثاقا أخلاقيا بين التلميذ والمعلم وستكون عواقبه وخيمة على التحصيل المعرفي للتلميذ في مختلف المستويات التعليمية بخلق مشاكل جدية في سلوك المتمدرس”.
أنهت زوليخة حديثها إلى “الشعب” بتأكيدها على أهمية علاقة الثقة التي تربط المعلم بالتلميذ والأولياء وبدل إضعافها بالإضرابات ومختلف السلوكيات التي لا تليق بالمعلم، يجب أن تعزز وتقوى، لأنها عامل مهم في نجاح المتمدرس في مختلف الأطوار الدراسية.
حميدة أوشاشي، 49 سنة، أم لثلاثة أبناء يدرسون في الطورين الثاني والثالث بالقبة، كان لها رأي مميز فيما يخص تأثير انقطاع التلميذ عن الدراسة حين قالت: “عندما كنت تلميذة لم أكن أعرف معنى إضراب أو الدروس الخصوصية، أو أن المعلم يترك مهمته في تعليم التلاميذ على عاتق الأولياء الذين يجدون أنفسهم حائرين بين مختلف البرامج الدراسية.
في الماضي كنا نراجع الدروس فقط في البيت لننجح، أما اليوم فعلى وليّ الأمر أن يعيد الدرس بكل تفاصيله لابنه، ثم يقوم بالمراجعة والتمارين حتى يستطيع ابنه استيعاب المعلومات المعرفية، وهذا أمر متعب جدا، خاصة عندما يكون دوامه المدرسي ينتهي على الساعة الخامسة والنصف مساء. تخيّل معي طفلا في مدرسة ابتدائية يخرج من المدرسة على الساعة الخامسة والنصف مساء، يدخل المنزل في السادسة إلا ربع، يغير ملابسه ويراجع دروسه إلى غاية السابعة والنصف، ثم يتناول وجبة العشاء وينام لينهض مبكرا ليبدأ يومه بالدروس الخصوصية”. وأضافت حميدة قائلة: “كل هذه المعاناة اليومية، زد عليها التوقف الإجباري للتلميذ عن الدراسة بسبب الإضراب الذي سيقلب كل شيء رأسا على عقب، لأنه بالدرجة الأولى سيكون بمثابة ضغط كبير يعيشه التلميذ، خاصة إذا كان يدرس في أقسام نهائية ومقبلا على امتحان حاسم نهاية السنة الدراسية، لأن التوقف سيشتت تفكيره وتركيزه وعوض التفكير في دروسه سيحمل على عاتقه مهمة إنهاء الدروس وكذا مشكل الحشو الذي يلجأ إليه المعلمون من أجل تجاوز التأخر في البرنامج الدراسي”.
منور جمّال، 49 سنة، أب لطالبين بالثانوية، قال عن الإضرابات بالمؤسسات التعليمية: “حتى أتفادى التوقف عن الدراسة بسبب الإضراب أو أي شيء آخر، سجلت إبناي بمدرسة خاصة أين يدرسان بصفة منتظمة دون انقطاع أو توقف في البرنامج الدراسي. فمثل هذا التوقف يخلق لدى المتمدرس شعورا سلبيا يؤثر على عملية استيعابه الدروس الذي يصبح أكثر صعوبة، لأن حبل الأفكار أو الفهم يحتاج إلى تلقٍّ مستمر للمعلومات، لكن دون ضغط. أما عند التوقف تتراكم الدروس ويصبح المعلم مرتبطا بإنهاء البرنامج الدراسي، ما يؤدي به، لا شعوريا، إلى حشو الدروس والمعلومات من أجل الانتهاء من البرنامج في الوقت المحدد، خاصة إذا كانت له أقسام امتحانات”.
وتعجب منور جمّال من ظاهرة التهاب سوق الدروس الخصوصية عند حدوث الإضرابات، خاصة فيما يتعلق بالأقسام النهائية.

مؤكدا أنه في كثير الأحيان يضرب المعلم في المؤسسة التعليمية ولا يضرب عن تقديم الدروس الخصوصية، وهذا خرق حقيقي لأخلاقيات المهنة النبيلة التي

تعكس حالتها تطور المجتمعات وسياسات الدول.
وحمّل المتحدث السلطات المعنية مسئولية وقوع التلميذ أو الطالب ضحية سهلة لمثل هؤلاء المعلمين الذين أصبحوا يرون في العلم وسيلة تجارية لربح الأموال.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024