“ الشعــب” تنقل آراء المواطنين في النـص التشريعـي

قانون العقوبات حماية للمرأة من مظاهر التمييز

فتيحة / ك

 

العنــف الأســري أخطـر تهديــد للتماسـك الاجتماعـي

جاء قانون حماية المرأة من العنف من أجل رفع الغبن عن الكثير من النسوة اللائي تعانين قسوة الأحكام المسبقة للمجتمع التي تجعل منها بمجرد ولادتها قنبلة موقوتة مستعدة للانفجار في أي وقت ...
في هذا الاستطلاع نزلت “الشعب” الى الشارع لتنقل لكم آراء المواطنين بشأن هذا القانون الذي أسال الكثير من الحبر في سنة 2015 ...
...لا لتعنيف المرأة وضربها
أول من إلتقتها “الشعب”، أستاذة متعاونة بجامعة قسنطينة، جاءت إلى العاصمة من أجل أحد المراجع النادرة المتوفر بالمكتبة الوطنية لبحثها في رسالة الدكتوراه، في هذا الصدد، قالت “مليكة – ش« بشأن قانون العنف ضد المرأة المصادق عليه مؤخرا من طرف البرلمان: “محتوى القانون جيد ومعقول، لأنه  أخذ بعين الاعتبار كل ما تعانيه المرأة من مآسي اجتماعية بسبب العقلية المنغلقة لبعض الرجال، وربما يظن البعض أن الأمر ليس بهذه الحدة ولكن النساء لا تعيش في نفس الظروف الموجودة في مدينة مثل العاصمة، مؤكدة في سياق حديثها أنه يوجد اليوم من تمنع من الالتحاق بمقاعد الدراسة أو الاكتفاء بمستوى معين لا يتعدى الطور الثاني أو الثالث من التعليم.
وأضافت “مليكة-ش.” أن الأمر أخطر من ذلك، لأنه هناك من النسوة من تحرمن من الإرث، لأن إخوتهن لا يريدون أن يذهب “تراب” العائلة الى رجل غريب، وهناك من تطلق فقط، لأن بطنها لا تلد إلا إناثا، وهناك من يتزوج عليها زوجها بالثانية والثالثة والرابعة دون علمها، بل يرى الزوج أنها حريته الشخصية ليس لها أي حق في الموافقة أو الرفض، لأنه بكل بساطة هو الرجل المسموح له بفعل كل شيء، وهي المرأة التي تولد عار على عائلتها. “مؤكدة في سياق حديثها أنها واحدة من اللواتي حالفهن الحظ لإكمال دراستهن ولولا طلاق والدتها من والدها لما استطاعت مواصلة دراستها الى درجة الدكتوراه بسبب ذهنية  والدها التي لا تؤمن بتعلم الفتاة، وترى أن دورها لا يتعدى الانجاب وتحمل مسؤولية البيت، لذلك -على حد قولها- هي  تعرف جيدا ما تعانيه المرأة في مجتمع ذكوري لا يعترف بالمرأة كسلاح قوي في معادلة التقدم، بل يراها مجرد وسيلة خلقت لراحة الرجل فقط.
أما “نزيهة – ب«، تعمل كمحامية، فقالت: “جاء القانون من أجل إعادة الامور الى نصابها خاصة بعد الظلم الكبير الذي لحق بالمرأة، فيما يتعلق بعلاقة الزوج بزوجته، لأننا كمجتمع نعتبر ان الصبر هو أهم صفات الزوجة الصالحة، وهذا المفهوم لا يتعلق بالمرض أو الفقر بل  بسوء أخلاق الزوج”، وأضافت نزيهة – ب :  “عندنا الزوجة مطالبة بقبول الزوج، كيف ما يكون سيئا أو لا، حتى و إن كان سكيرا أو مدمنا على المخدرات، وما ينجر عن ذلك من سوء معاملته لها، الذي يصل في أغلب الأحيان الى ضربها ضربا مبرحا وذلك لأتفه الأسباب، ... فيكون رد فعلها على العموم التكتّم على الأمر ومواجهة كل هذا الألم بالصبر، لأن المجتمع يرى أنه من واجبها فعل ذلك”.
 واستطردت نزيهة – ب ، قائلة: “جاء القانون لحمايتها من أشباه الرجال الذين يعتبرون المرأة مجرد شيء لهم الحق في التصرف به كما يشاءون حتى وإن كان ذلك دفعها الى ممارسة الرذيلة من أجل المال، ربما سيصدم القارئ عندما يقرأ هذا ولكن هذه هي الحقيقة المُرة لأنه هناك فعلا من يبيع زوجته وابنته من أجل دنانير قليلة، هذه هي المأساة التي يريد القانون أن يرفعها عن هذه النساء، اللائي لا يجدن من يحميهن من ظلم زوج أو أخ يرى رجولته في ضرب المرأة وتعنيفها ولا يرى أن كرامته قد دنست عندما يأخذ راتبها عنوة، أو عندما ينام طوال اليوم غير آبه بالشقاء الذي تلاقيه زوجته أو أخته أو أمه من أجل تأمين لقمة العيش له”.
تحرّش بي ....وأنا المذنبة
«سجية – ش« طالبة جامعية إلتقيت بها “الشعب” في محطة الحافلات “تافورة”، تبادلنا أطراف الحديث في انتظار قدوم الحافلة، ما شجعني على سؤالها حول القانون فقالت: “أنا طالبة جامعية ، أعدت السنة بسبب أستاذي الذي تعمد منحني علامة متدنية في مادته و السبب أنني رفضت تحرشه بي، ففي السداسي الاول من السنة الماضية منحني علامة 4 ما جعلني أذهب الى مكتبه للاستفسار عن السبب، فكان رده واضحا و وقحا بقوله: “نستطيع الخروج لنتفاهم ولن تكوني إلا راضية”. هذه الكلمات ما زالت تتردد على مسامعي، خرجت من المكتب وأنا محبطة وحائرة في السبب الذي جعله يبتزني هكذا، سكت عن الأمر ولكنه استدعاني مرة أخرى الى مكتبه، وقال إنه يعلم إنني خائفة من الذهاب معه لأنني لا أريد لأحد من معارفي، أن يراني برفقته خاصة وأنني مخطوبة لذلك فكر في شراء وجبة غذاء جاهزة لنتناولها معا في مكتبه،....بعد أن أسمعته وابلا من الشتائم خرجت من المكتب، وأنا مقتنعة أنني لن أنتقل الى السنة القادمة، ولكن الامر لم يتوقف هنا ولم تكن هذه أكبر الخسائر، فعندما عدت الى البيت في تلك الحالة النفسية المتدهورة، ألحت والدتي  علي لمعرفة السبب فأخبرتها، ....فكان أن توجهت إليه  واضعة له النقاط على الحروف وذكرته بأن مهمته الاولى هي تعليم الطلبة وتوجيههم معرفيا وليس ابتزازهم من أجل رغبات منحطة ومتدنية....، وكان رد فعله كالصاعقة عليها بأن اتهمني بأنني أنا من حاول ابتزازه من أجل رفع علامة المادة، طبعا والدتي لم تصدقه لأنها تعرفني جيدا... وبمجرد أن عرف خطيبي القصة من إحدى صديقاتي تركني وكأنني أنا المذنبة و ليس الأستاذ”، وهنا تحسرت سجية قائلة: “لست الوحيدة من تتعرض الى الابتزاز والتحرّش، فهل يستطيع القانون أن يعوضني الخسائر التي لحقت بي وتضررت بسببها؟؟، وهل بإمكان  القانون أن يثبت كل هذه الوقائع بدلائل مادية ؟؟، وهل يستطيع اقناع المحيط أنني بريئة من اتهاماته لي، طبعا لا لأن الفعل ليست له قرائن ملموسة ما يعني أنني متهمة في كل الاحوال، لذلك علينا أن نغير الذهنيات وأن يكون للمجتمع ضميرا حيا لا يفصل بين الرجل والمرأة في الحقيقة، فأنا أفكر جديا في الانتقال الى العيش مع خالتي في دبي لأريح وأستريح”.
لا تعبثوا بالأسرة
«كمال – ر« سائق تاكسي سألته “الشعب” عن رأيه في القانون الجديد، فقال:« لا أرى أن مثل هذه القوانين ستفيد في شيء بل ستزيد الطين بله، لأن الرجال كالنساء فيهم الطيب والسيء و أرى أنه لا يمكن لأي قانون في العالم أن يتدخل بين الزوجين، فأنا مثلا طلقت زوجتي منذ ما يقارب السنة، في الظاهر السبب كان ضربي لها ضربا مبرحا وأكدت الشهادة الطبية ذلك، ولكن الحقيقة أنني لم ألمسها اطلاقا، ففي إحدى المرات طلبت منها عدم الذهاب الى بيت أهلها بصفة دائمة، فغضبت مني وتركت البيت، وبعد شهر أو ما يزيد  وصلني استدعاء من المحكمة وعندما ذهبت وجدت نفسي متهما بالضرب المبرح لزوجي، الأمر كان بالنسبة لي كالكابوس ولم أستطع استيعابه، ولكن الدلائل المادية كلها كانت ضدي، فحتى والدها شهد زورا وقال إنني ضربتها في احدى المرات، المهم طلقتها وأنا غير نادم عليها.”
 وواصل “كمال- ر« حديثه قائلا:« لا يمكن للقانون أن يتدخل في العلاقة التي تربط بين الزوج والزوجة لأنها سر رباني لا يمكن لقانون أن يضبطه، حقيقة تقع الكثير من المشاكل ولكن هذا لا يعني أن تصبح المواد القانونية لغة الحوار بينهما، لأن الزوج في هذه الحالة سيصبح تحت التهديد الدائم، الى جانب ذلك فأنا أعتقد أن هذا القانون يخرب البيوت ويهدمها، فالشريعة الربانية وضعت الاصلاح بين الزوجين أول خطوة للإبقاء على بناء الاسرة متماسكا، ولا أرى كيف سيساهم ادخال الزوجة لزوجها السجن في الحفاظ على الحياة الطبيعية للأسرة جراء هذه المواد القانونية، ولا أظن أن هذا الزوج سيستطيع العودة الى زوجته بصفة طبيعية، حتى الاطفال يكبرون بعقلية أن الاسرة مجرد أفراد تربطهم علاقة سطحية يمكن في أي وقت نسفها، .. وكيف سيرى الابن أمه بعد أن أدخلت والده السجن، ... هي أمور معقدة لا يجب أن نعبث بها لأن الأسرة هي أول خلية في المجتمع السوي.”
... وأخيرًا
وبين مؤيد ومعارض يبقى تطبيق مواده على أرض الواقع أمرا صعبا خاصة في الشق المتعلق بالعلاقة الزوجية التي تتميز بتعقيد كبير، لذلك سيكون لتحايل أي طرف منهما عواقب وخيمة على الأسرة ولعل ما نراه في المحاكم من قضايا يعكس الصعوبة الكبيرة في ضبط هذه العلاقة وفق قوانين خاصة، لذلك علينا أن نوظف المودة والرحمة في تعاملاتنا الأسرية والاجتماعية حتى لا يطغى أي طرف على الآخر.
.. من قانون العقوبات
تضمن قانون العقوبات الجديد مواد قانونية توفر الحماية للمرأة المعنفة، سواء بحكم وضعها الاجتماعي أو العائلي أو المهني، حيث استندت وزارة العدل في المشروع الجديد على معطيات من الواقع تشير إلى ارتفاع ظاهرة تعنيف المرأة وتعرضها للتحرش في الوسط المهني، وفيما يلي شرح مفصّل لهذه المواد القانونية الجديدة.
وتنص المادة 266 على سجن الزوج الذي يضرب زوجته، من 12 شهرا إلى 3 سنوات، ويترتب عنه عجز الزوجة لمدة 15 يوما، وترتفع المدة إلى 5 سنوات في حالة ارتفاع مدة العجز عن 15 يوما، وفي حالة ترتب عجز أو بتر لأحد أعضاء الجسم بعد تعرض الزوجة للضرب من قبل الزوج، فتصل مدة السجن إلى عشر سنوات، و20 سنة، كما هو الحال بالنسبة لفقدان البصر، أو عاهة مستديمة، وترتفع العقوبة إلى السجن المؤبد، في حالة أدى العنف المرتكب ضد الزوجة إلى الوفاة.
فيما تتراوح مدة السجن في حالة العنف اللفظي أو النفسي ضد الزوجة، من 12 شهرا إلى 3 سنوات حبسا.
وتحدد المادة 330 من هذا القانون الإهمال الاقتصادي للزوجة، وتقر بعقوبة السجن من 6 أشهر إلى غاية سنتين، وبغرامة مالية من 50 إلى 200 ألف دينار، في حالة ترك الزوج لأسرته لمدة تتجاوز شهرين.
أما المضايقات في الأماكن العمومية، فيترتب عنها السجن من شهرين إلى ستة أشهر، وغرامة تتراوح من 20 إلى 100 ألف دينار، وتشدد العقوبة في حالة القصّر، وترتفع إلى 3 سنوات سجنا وغرامة بـ 500 ألف دينار في حالة تحول العنف لتهديد وإكراه يمس بالحرمة الجنسية للضحية، وفي حالة المحارم والإعاقة والمرض والعجز والحمل، تصل عقوبة المعنف إلى سنتين الحبس وتصل إلى 5 سنوات، مع غرامة مالية بين 200 و500 ألف دينار. 

 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024