يعدّ قصر تماسخت من أهمّ القصور الأثرية لولاية أدرار، إذ يعبر عن نموذج متكامل من نمط القصور الطينية الصحراوية بما يتميز به من شكل دائري شبيه بالقلاع ذات الأسوار العالية المشيدة من الحجارة بحسب موقع “الأوقاف الجزائرية”.
وله موقع مميز استراتيجي، بحيث يظهر لكل شخص يسلك الطريق بشكل تصميمه العام وتحصيناته الضخمة ومغارته الكبيرة، ويشبه قصر تماسخت القصور المسماة “بالتاوريرت” أو “القلاع المحصنة” المشيدة فوق ربوات وهضبات صخرية.
وتعني كلمة تماسخت في اللهجة الزناتية القديمة “الفجوة” أو “مدخل الجنان”، يقع القصر جنوب مدينة تاسفاوت وفنوغيل بولاية أدرار، ويبعد عن مقر بلدية تامست بحوالي 05 كلم وعن مدينة ادرار بما يقارب 60 كلم.
ويشير بعض الباحثين إلى أنّ أقدم الأقوام التي سكنت القصر تنحدر من قبائل عربية وفدت إليه من منطقة الساحل، كما وصل إليه مرابطون من مدينة مليانة، وفي الأخير جاءت قبيلة من نواحي تلمسان، ومنهم من يرى أن هناك أصولا أخرى لسكان تماسخت بقدوم قوم استقروا في القصر من أحفاد سيدي أحمد بن يوسف الملياني الذي كان له الفضل في إبراز القصر على مسرح الأحداث حيث أعطى للقصر أهميته ومكانته بين قصور الناحية كلها، ويرجع نسب الشيخ إلى أحمد بن علي بن الحسين بن الحسن بن موسى بن معزوز التنلاني الذي ولد ونشأ بأولاد ونقال سنة 1002هـ/1593م وتوفى بتنيلان عام 1078هـ/1667م وعمره 76 سنة.
ويرتكز تصميم القصبة المحصنة خارجة عن القصر وقريبة منه يعني ملتصقة به وتسمى عادة بالقصبة المحصنة وبالزناتية أو الامازيغية “أغرم” وعادة هذه البنايات عبرة عن دور كبيرة تسكنها عائلات ميسورة أو ذوات نفوذ ومشيدة على شكل قلعة تحتل أركانها الأربعة أبراج شامخة. وتحتوي على السور والأبواب المسجد والسوق هي العناصر التي تمر بها الشوارع نجد عموما موضع مركزي تحيط به السكنات مقطوعة بممرات ملتفة والنواة المركزية المسجد أو الرحبة.
ومن بين أهم المواد المستخدمة في تشييد قصر تماسخت الطين الذي يمثل مادة البناء الرئيسية حيث استخدم كمادة إنشائية منذ مراحل مبكرة، ولهذه المادة بطبيعة الحال علاقة وطيدة مع المناخ المحلي، وبخاصة أنّ مناخ المنطقة قاري حار وجاف والصيف فيه طويل وشديد الحرارة ويصنع الطين على شكل طوب التي تخفف من ارتفاع درجات الحرارة.
والمادة الأخرى هي الحجارة وهي من مواد البناء التي لا تقل أهمية عن الطين ذلك أن الحجارة تكون كأساس للجدران الخارجية وأحيانا الداخلية وذلك تقوية لها وتدعيمها وصيانته، ويكون البناء بالحجارة بأحجام متفاوتة الصغيرة والمتوسطة والكبيرة وغالبا ما تستخدم الحجارة الكبيرة للأسوار، وأما المتوسطة تستخدم في تشييد البيوت والمرافق الأخرى.
أما المرافق الداخلية في قصر تماسخت فنجد المسجد الذي صمم على شكل بناء مربع صغير الحجم مقابلا لمسكن الشيخ به مدخل وحيد، له أهمية قصوى بالنسبة للسكان اعتبارا لمركزه في الحياة القصورية ووظيفته مما يفسر وجود أقواس دائرية وللمسجد محراب يبين اتجاه القبلة على شكل نصف أسطواني.
أما دار الشيخ فهي بمثابة الدار الكبيرة التي كان يقيم فيها الشيخ وكبير القوم وصاحب السلطة على الجماعة فضلا عن كونه المكان الذي يحتضن مختلف النشاطات في المناسبات العامة مثل لأفراح وحفظ القرآن، وكما نلاحظ أنّ موقع المسكن كان له أهمية لتسهيل انتقال شيخ القصر من مسكنه إلى المسجد.