يحلّ شهر رمضان حاملاً معه أجواءً روحانية وموائد عامرة، إلا أن هذه الأجواء تختلف بالنسبة لمرضى السيلياك، الذين يجدون أنفسهم في مواجهة تحديات مضاعفة، فبين نقص الأغذية الخالية من الغلوتين وارتفاع أسعارها، يتحول الشهر الفضيل إلى معاناة يومية بالنسبة لفئة كبيرة من مرضى السيلياك، خاصة ذوي الدخل الضعيف.
يحتاج مرضى السيلياك إلى دعم المجتمع والجهات المعنية، لتوفير الأغذية الخالية من الغلوتين بأسعار معقولة، وتوعية الناس بخطورة هذا المرض، كما أنهم بحاجة إلى دعم نفسي ومعنوي، للتغلب على التحديات التي يواجهونها خلال شهر رمضان وفي حياتهم اليومية.
تحديات غذائية مضاعفة
يواجه مرضى السيلياك تحديات غذائية كبيرة خلال شهر رمضان، حيث يضطرون إلى الالتزام بنظام غذائي خالٍ تمامًا من الغلوتين، وهو بروتين موجود في القمح والشعير والشوفان، ومع ارتفاع الطلب على الأغذية خلال الشهر الفضيل، يزداد نقص المنتجات الخالية من الغلوتين في الأسواق، مما يجعل من الصعب على المرضى إيجاد بدائل غذائية مناسبة، كما أن ارتفاع أسعار هذه المنتجات يزيد من معاناتهم، خاصة بالنسبة لذوي الدخل المحدود.
أعراض مزعجة
تقول “نعيمة - ق«، متزوّجة وأمّ لثلاث أبناء، أنّها اكتشفت مرضها في مرحلة متقدّمة، ولم تكن تتوقّع أنّها مصابة بمرض “العجين” كما يتّفق على تسميته في المجتمع، موضّحة أنه بعد معاناة طويلة مع أعراض مرضية شديدة وفقدان الوزن، أكّد التشخيص الطبي إصابتها بهذا المرض، حيث أكدت المتحدثة، أنه في حال تناول مرضى السيلياك أطعمة تحتوي على الغلوتين، فإنهم يعانون من أعراض مزعجة تؤثر على صحتهم ونوعية حياتهم، خاصة خلال شهر رمضان، وتشمل هذه الأعراض، اضطرابات هضمية مثل الإسهال، الانتفاخ، آلام البطن، والغازات، زيادة على الإرهاق وضعف عام، يفسر طبيا كنتيجة لسوء امتصاص العناصر الغذائية.
وتضيف نعيمة أنّه إضافة إلى الصداع والدوار والآلام المزمنة في المفاصل والعظام، فهي تشعر وكأنّها عالة على أسرتها، التي تحاول بجهد كبير أن تلبي احتياجاتها المتزايدة للغذاء خصوصا خلال شهر رمضان، فهي مجبرة على تزيين مائدة الإفطار بما لذّ وطاب من الأطباق والمأكولات، وفي نفس الوقت، ملزمة على اتباع حمية غذائية قاسية، زيادة على ما يتطلبه تحضير وجبات رمضانية خاصة بها خالية من الغلوتين، حيث تضطر إلى تحضير معظم الأطعمة باستخدام مكونات خاصة وأواني لم تتلوث قبل بمادة الغلوتين الموجودة في طعام باقي أفراد الأسرة، وما يزيد من معاناتها، صعوبة إيجاد بدائل للحلويات والمشروبات الرمضانية التقليدية التي تشتهيها، والتي تحتوي غالبًا على الغلوتين.
مرضى السيلياك في دوّامة نقص الأغذية
وقالت نعيمة قريمد، ربّة البيت المتعلّمة، خرّيجة كلية الحقوق، إن مرضى السيلياك يحتاجون إلى دعم المجتمع والجهات المعنية، لتوفير الأغذية الخالية من الغلوتين بأسعار معقولة، وتوعية الناس بأهمية هذا المرض، كما أنهم بحاجة إلى دعم نفسي ومعنوي، للتغلب على التحديات التي يواجهونها خلال شهر رمضان وفي حياتهم اليومية، أبرزها عدم وفرة الأغذية الخالية من الغلوتين بشكل واسع ومتنوع، وإن وجدت فبكميات تكفي لإعداد وجبة أو وجبتين على الأكثر، ناهيك عن أسعارها المرتفعة باعتبار اغلبها منتجات تستورد من الخارج.
وأشارت المتحدّثة إلى أنّه لا يجب أن يخاطر مرضى السيلياك، بالإخلال بالنظام الغذائي الصارم الموصى به من طرف الأطباء، لاسيما أمام مغريات الموائد الرمضانية، مشيرة أنها فعلا تشتهي رشفة من طبق الحريرة، لكنها جربت هذا النوع من المخاطرة الذي أقعدها فراش المرض طيلة شهر كامل منذ حوالي سنة من الوقت، داعية الجمعيات الخيرية إلى التفكير بجدية في المصابين بهذا المرض لاسيما ذوي الدخل المحدود والمنعدم، من خلال تكثيف جهودهم لتسهيل الحصول على الأغذية الخالية من الغلوتين في شهر رمضان وباقي أيام السنة.