أرض الثـوار احتضنت إعـلان قيـام الدولة الفلسطينيـة
أكد مختصون في العلاقات الدولية، أن الاجتماع الثلاثي الذي عقده وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف، مع نظرائه من تونس وليبيا، ثم لاحقا موريتانيا، على هامش القمة العربية الاستثنائية حول فلسطين بالقاهرة، يؤكد عزم هذه الدول على مواصلة دعم ومساندة القضية الفلسطينية، مع الإشارة إلى حتمية التكتل وتوحيد الرؤى والجهود والإمكانات من أجل إسماع صوتها والتأثير في الأحداث والمواقف، في وقت تخطط قوى من خارج المنطقة والكيان الصهيوني وحلفاؤه إلى تصفيتها.
قال خبير التخطيط الاستراتيجي بالعلاقات الدولية، الدكتور محمد شريف ضروي، في اتصال مع «الشعب»، أمس، إن الحديث عن الاجتماع الثلاثي على مستوى وزراء خارجية الجزائر، تونس وليبيا ثم تحول إلى رباعي بعد أن انضمت إليه موريتانيا، يقود إلى الحديث أولا عن دور كل دولة على حدة وعلاقتها بالقضية الفلسطينية المحورية التاريخية الدولية.
وقال ضروي، «لا أحد يتكلم عن الجزائر دون ذكر دورها المحوري، وهي أرض الثوار التي احتضنت إعلان قيام الدولة الفلسطينية عام 1988 من على أراضيها، بقيادة الراحل ياسر عرفات، الأب الروحي للقضية الفلسطينية».
وأضاف، «لا ينكر أحد أن الجزائر أسس على أرضها، أول مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية سنة 1963، بعد أشهر فقط من استقلال الجزائر، ليعطي دلالة على أنها عندما بدأت بناء نفسها بدأ معها بناء هيكل حقيقي للقضية الفلسطينية».
وأشار إلى أنه وبعد مرور ثلاثة أشهر على العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ومع توليها عهدتها بصفتها عضوا منتخبا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، جعلت من القضية الفلسطينية جزءا من الاستمرار وامتدادا للاستقلال الجزائري، الذي لن يكتمل إلا باستقلال وتحرر الأراضي الفلسطينية.
وأشار المتحدث إلى باقي دول الآلية وقال، إنه عندما نتحدث عن تونس يكفيها أنها قصفت من طرف الكيان الصهيوني وبتكتل استخباراتي وعسكري للدول الغربية حلفاء الكيان الصهيوني، لمقر منظمة التحرير الفلسطينية سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، ولا ينسى أحد مواقف الرئيس الراحل معمر القذافي التاريخية، سواء بالدعم العسكري أو المالي أو حتى الاستخباراتي، وفي كل المحافل الدولية، فليبيا والشعب الليبي كان ومازال يتنفس القضية الفلسطينية، ويريد لها الوصول إلى الحل النهائي والحقيقي، مهما كلف هذا الشعب.
كذلك الأمر بالنسبة لموريتانيا، التي لم تتخلف يوما عن ركب الدول العربية الممانعة لكل شكل من أشكال قبر القضية الفلسطينية، فكانت داعما أساسيا لكل الدول وخاصة سنوات السبعينيات من القرن الماضي، عهد القومية العربية.
قيمة مضافة
واعتبر المتحدث أن الآلية الثلاثية، وبانضمام موريتانيا، سوف تقدم قيمة مضافة حقيقة، من خلال حلول محورية للقضية الفلسطينية، بعيدا عن كل شكل من أشكال المقايضة لمصلحة القضية وغزة خصوصا.
ثانيا، هذه الدول ليس لديها أية زاوية يمكن للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، أن تلوي أذرعها.
ولفت إلى حرص الدول المغاربية على سيادتها الوطنية كميزة خاصة تتسم بها، ولم تسجل يوما أي موقف سيء أو خذلان للقضية الفلسطينية عربيا وإسلاميا ودوليا، لذلك فهي تنطلق من ثوابت قيمة حقيقة في معالجة القضية الفلسطينية، بعيدا عن الإجراءات وعن كل أشكال الترغيب والترهيب لحكامها وحكوماتها، وحتى شعوبها من طرف الأنظمة الغربية القوية اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسية وعسكريا.
وأشار المتحدث إلى أن هذه الدول سوف تطرح المقاربات الكاملة، «في كيفية التعامل مع مساعي التهجير القسري لسكان غزة، وفي تقديم آليات حقيقية فاعلة في الدعوة إلى إعادة إعمار غزة بعيدا عن كل استغلال مادي».
وأشار إلى أن الجزائر ستكون قاطرة حقيقية للوصول إلى تكملة وزيادة قوة دورها على مستوى مجلس الأمن الدولي فيما يخص الأشهر التسعة المتبقية من ولايتها، أين تعمل على إقرار عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة.
مضاعفة التنسيق
من جهته قال المحلل السياسي عبد الحق بن سعدي، إن الاجتماع الثلاثي المنعقد في إطار آلية التشاور التي اعتمدت من طرف الدول الثلاث والتي تقوم في جانب منها على استغلال مثل هذه المناسبات لبحث مختلف القضايا الطارئة وتلك المجدولة ضمن اهتمامات هذه الدول، التي يستعد قادتها للالتقاء في أفريل القادم بليبيا.
وأوضح المتحدث، أن ما طرحته الجزائر بشأن الملف الفلسطيني ومحاولة بعض الدول العربية ممارسة الاحتكار والإقصاء، يؤكد الحاجة الملحة لدول شمال أفريقيا إلى التكتل وتوحيد الرؤى والجهود والإمكانات من أجل إسماع صوتها والتأثير في الأحداث والمواقف. وأوضح، أن ما قامت به بعض الدول العربية بشأن غزة لا يقوم على العامل الجغرافي، بل هو إبعاد الدول ذات المواقف المستقلة والمؤيدة للحق الفلسطيني. ولذلك نلاحظ أن الجزائر فقط من احتجت على كيفية التعامل مع العدوان على غزة في القمة غير العادية التي انعقدت في القاهرة.
والحقيقة، أن «انتفاضة» الجزائر، بحسب المتحدث، لا تتوقف عند ممارسة الاحتكار والإقصاء، بقدر ما تتعلق بحماية الملف الفلسطيني من التلاعبات بتجاوز الطرف الفلسطيني نفسه في قضية تعنيه مباشرة وهو ما ظهر جليا في الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية عطاف في اجتماع القمة.