لكل إنسان شخصيته وأفكاره ونظرته الخاصة للحياة، لذا يختلف الناس عن بعضهم بعضا في الكثير من التفاصيل. نحن نخطئ عندما نرى الآخرين بعين واحدة ومن زاوية محدودة، ونتجاهل أنهم مختلفون، وأن اختلافهم يتطلب الذكاء في التعامل.
ينبغي أن نتجنّب حسن الظن المفرط بالآخرين حتى لا يسهل خداعنا، ولكي تكون علاقاتنا واضحة ومستقرة منذ البداية، من الضروري أن ندرس الأشخاص جيداً قبل الدخول في علاقة جدية معهم لتجنب العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن الثقة بمن لا يستحق.
حميدة (36 عاما)، ترى أن قراءة الأشخاص والتعرف على طباعهم وطريقة تفكيرهم أمر مهم جدا ويتطلب درجة عالية من الذكاء، وتعتقد أن الاختلاف ممتع ويضفي سعادة غامضة بمجرد اكتشافنا شخصية الآخر والتعامل معه على هذا الأساس. وتوضح أن التعامل مع كل شخص على حدة بما يتناسب مع طبيعته ليس تلونا كما يراه البعض، بل هو دليل ذكاء.
هي تحترم الاختلاف وتنظر إليه كفرصة تمنحها اكتشاف ملامح الشخصية التي تتعامل معها، حيث ترى الناس لا يتشابهون، بل لكل منهم قصته وظروفه ورؤيته الخاصة، وليس من العدل أن نقرأهم بالطريقة نفسها.
وتشاركها الرأي خليدة، التي تدرك أن اختلاف الشخصيات يخلق تنوعا مميزا. تقول: «لا يخيفني الاختلاف بقدر ما يخيفني الخداع الناتج عن جهلنا بحقيقة الآخر».
وتشير إلى أن الخطأ يكمن في معاملتنا للجميع على أنهم واحد، قراءتنا للأشخاص من حولنا بذكاء تجعلنا أقدر على تحديد الخطوط العريضة لشكل المعاملة التي تجمعنا بهم. فعندما نفهم طبيعة من نتعامل معه، سنتجنب الكثير من المتاعب وخيبات الأمل، وبالتالي سنعطي كل شخص بقدر ما يستحق، لا أكثر ولا أقل. وأيضًا سنعرف كيف نخفض سقف توقعاتنا من الآخر، وذلك عن دراسة ووعي.
يقول النفسانيون إن الناس يختلفون في شخصياتهم، فليس هناك شخصية تشبه الأخرى. الأنماط الشخصية كثيرة، منها النرجسية والموقفية والتجنبية وغيرها، ولكل نمط صفاته وخصائصه المميزة.
ويلفتون إلى أن الناس ليسوا صنفا واحدا، فهم يختلفون في البيئة والأفكار والظروف والطباع. لذا، يجب على الإنسان أن يتأكد من حقيقة الأشخاص الذين يتعامل معهم، لأنهم قد يكونون خادعين، مثل الشخصية النرجسية. هذا النوع من العلاقات سام ومرهق، لذا من الضروري دراسة الشخصيات التي تتعامل معها وإعطاء فرصة للتعرف عليها، في البدايات، راقب الشخص وتابع تصرفاته بحذر، ثم قرر كيف تكون علاقتك به.
في الصداقة، مثلا، أنت بحاجة لمن ينسجم مع أفكارك وثقافتك وطريقتك في الحياة. أما علاقات العمل، فتتطلب منك فهم طبيعة الأشخاص والتعرف عليها لتنجح عمليا وتتجنب المشكلات داخل بيئة العمل. اجتماعيا، يجب عليك قراءة الأشخاص لتفهم من الكذاب، المنافق، المؤذي، والحقود، مما يستدعي معرفة كيفية التعامل مع كل شخصية.
ويبين المختصون أنه من المهم أن يتمتع الإنسان بالذكاء والفطنة والقوة التي تحميه من الاستغلال أو الخداع، ويؤكد ضرورة التفريق بين الطيبة والسذاجة حتى ينجح في علاقاته ويتمكن من فهم من حوله كما يجب.
قـــدوة حسنــة
إن حاجات الإنسان متعددة سواء اجتماعية أو نفسية أو مادية، وهؤلاء منهم أفراد الأسرة والأرحام والأقارب والأصدقاء وزملاء العمل والجيران وغيرهم. وقد يكون هذا التعامل دائما ويوميا، وقد يكون مؤقتا أو في أوقات محددة أو يكون تعاملا اختياريا.
وتفرض الحاجة على الإنسان أن يتعامل مع شخص أو أكثر في ظرف معين.
والتعامل بحاجة إلى قدر كبير من الحكمة والقدرة والمهارات المتعددة، لأن الناس مختلفون في طبيعتهم وتفكيرهم ونظرتهم إلى الأمور. والمحافظة على العلاقات الاجتماعية واستمراريتها عملية ليست سهلة، وفهم نفسية الآخر وطبيعته من أهم العوامل التي تؤدي إلى النجاح في التعامل.
وهذا بحاجة إلى خبرة وتجربة وعدم التسرع بالحكم على الأشخاص. والتعامل بحاجة إلى قدر كبير من المرونة والتسامح، خصوصا التعامل داخل الأسرة ومع الأرحام لأنه تعامل دائم ومستمر، وهو أيضا مطلوب من الإنسان، وضعف هذه العلاقات أو انقطاعها يسبب مشكلات كبيرة، عدا عن أنه تعامل واجب على الإنسان حتى لو أساء الطرف الآخر، والمهم أن نعرف كيف نتعامل مع هذه المشكلات وعدم تفاقمها وحلها.
إلى ذلك، يؤكد الخبراء أهمية الالتزام بالقيم والأخلاق الحميدة في التعامل مع الآخرين، ويجب أن تترجم سلوكا في حياة الإنسان وليس قولا فقط.
وهذه الأخلاق متعددة منها: الصدق والأمانة والكرم والشهامة والعفة والتسامح والعفو والبر والرحمة واللطف والشجاعة وتوقير الكبير والرحمة بالضعيف والصغير، والفطنة وغيرها من الأخلاق. التسامح والعفو، مثلا، ليسا ضعفا، بل من الصفات التي يجب أن ينعكس أثرها الإيجابي على الآخرين، ولا تؤدي إلى التمادي في الخطأ أو ضياع الحقوق.
وعلى الإنسان، أن يتعامل مع الآخرين بأخلاقه الحسنة بهدف التأثير الإيجابي فيهم، فلا يقابل الإساءة بمثلها، لكنه في الوقت نفسه ليس ساذجا يوجهه الآخرون كما يريدون. وحسن الظن مطلوب، لكنه لا يعني التسليم المطلق الذي قد يسبب له أو لغيره الضرر أو طمع الآخرين به أو يورطه في مشكلات.
ويختم «الناس ليسوا درجة واحدة في طريقة التعامل والثقة، والحكم عليهم يكون بعد التجربة ومعرفة ظروفهم. الفطنة والذكاء والخبرة والتعلم من التجارب تعطي الشخص قدرة أكبر على إدارة علاقاته مع الآخرين. وهو يسعى دائما إلى أن يكون مفتاح خير واسع الصدر مؤثرا مصلحا في عائلته ومجتمعه، قدوة حسنة في أسرته وبين أصدقائه وزملائه يتغافل عن الزلات، لا يقبل الظلم لغيره».