في يوم تحسيســي وإعلامي بورڤلـة

التربيــة الخاصّـة..مــن الرعايــة إلـى الريـــادة

إيمان كافي

لم تعد التربية الخاصة مجرد تخصص أكاديمي هامشي، بل تحوّلت إلى رسالة إنسانية وتربوية ذات أبعاد عميقة، تستدعي منا جميعا إعادة النظر في مفاهيمنا حول التعليم، والإدماج، ودور الفرد داخل المجتمع، مهما كانت التحدّيات التي يواجهها.

وتعدّ المبادرة التحسيسية التي احتضنها المعهد الوطني للتكوين العالي لإطارات الشباب بورقلة، وأطلقها مخبر جودة البرامج في التربية الخاصة والتعليم المكيّف، بهدف تسليط الضوء على فئة هامة من فئات المجتمع وتشجيعها على مواصلة مسارها العلمي والمهني تحت عنوان “من الرعاية إلى الريادة”، تجسيدا صادقا لهذا التحوّل في الرؤية.
هذه الرؤية الجديدة التي تسعى إلى تحويل ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة تحتاج إلى رعاية إلى فئة قادرة على الإنتاج والمساهمة الاقتصادية والاجتماعية ليست مجرد شعار، بل إنها رؤية تتطلب سياسات تعليمية ومقاربات تربوية مرنة، وأساتذة متفهمين ومدرَّبين، ومجتمعا يتعلّم كيف يحتضن التنوّع بدلا من أن يتخوّف منه.
تميز هذا اللقاء بتكريم دفعات من خريجي تخصص التربية الخاصة والتعليم المكثف، من مراحل الليسانس والماستر والدكتوراه، في أجواء احتفالية جسدت معاني الاعتراف بجهود هؤلاء الطلبة، الذين يمثلون شريحة مهمة في النسيج التربوي والاجتماعي، خصوصا من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي كلمة مؤثرة، عبّرت البروفيسور نادية بوضياف، مديرة المخبر، عن اعتزازها الكبير بالطلبة والمؤطرين، مشيدة بما بذلوه من جهود في سبيل ترسيخ أسس هذا التخصص، ومؤكدة أن هؤلاء الطلبة سيحملون مشعل الريادة والتميز في هذا الميدان الحيوي والإنساني بامتياز.
من جهته، أكد الدكتور قاضي هشام، الرئيس المدير العام لمجلس التعاون العلمي العربي ومجلس المرأة العربية للتدريب والتمكين، أن النظرة إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة قد تطورت من اعتبارهم فئة تحتاج فقط إلى الرعاية، إلى إدراك قدرتهم على أن يكونوا عناصر فاعلة في المجتمع ومن محركات الاقتصاد الوطني، لا سيما في ظل التحوّل الرقمي، وأشار إلى التزام المجلس بتقديم برامج توعوية ودعم معنوي، إضافة إلى بناء جسور التعاون بين الهيئات الرسمية وهذه الفئة.
وعلى هامش هذا اللقاء قدمت مديرة مدرسة الأطفال المعوقين سمعيا وبصريا بولاية ورقلة سالمي حميدة في حديث لـ«الشعب”، لمحة عن كيفية تكييف البرامج التعليمية بحسب نوع الإعاقة، وأهمية الوسائل البصرية والسمعية في تسهيل العملية التعليمية، مشددة على دور الأسرة كشريك أساسي في التكفل الفعّال بهذه الفئة وأكدت أيضا على أهمية التعاون مع الجامعة، التي تساهم في التكوين الميداني للطلبة من خلال تنظيم زيارات تدريبية وتوفير بيئة تعلم واقعية.
وشهد اللقاء أيضا كلمات من شخصيات أكاديمية بارزة، أثنت على الجهود المبذولة في هذا التخصص، واعتبرت أن التربية الخاصة لم تعد مجرد فرع علمي بل أصبحت ركيزة أساسية في منظومة تعليمية عادلة وشاملة، كما تمت الإشارة إلى تزايد عدد الحالات الخاصة داخل المؤسسات التربوية، ما يجعل من الضروري توظيف خريجي هذا التخصص بشكل فعّال لضمان إدماج تربوي سليم وشامل.
كما أجمع المشاركون في هذا اليوم التحسيسي الإعلامي على أهمية هذا التخصص، في ظل تزايد ملحوظ في عدد الحالات الخاصة، مما يجعل من خريجي التربية الخاصة حلقة أساسية في أي محاولة جادة للإصلاح التربوي، فهم لا يقدمون دعما فقط، بل يؤسسون لثقافة احتواء، وتواصل، وتدخل مبكر، وتشخيص دقيق.
واختتم اللقاء بتوصيات دعت إلى تعزيز العلاقة بين خريجي التربية الخاصة ومستشاري التوجيه المدرسي، وتكثيف التنسيق بين مختلف الجهات ذات الصلة، بهدف وضع خطط تدخل متكاملة تراعي خصوصية كل حالة، لأن كل طرف يكمّل الآخر في فهم الحالة وتقديم الحل المناسب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19807

العدد 19807

الخميس 26 جوان 2025
العدد 19806

العدد 19806

الأربعاء 25 جوان 2025
العدد 19805

العدد 19805

الثلاثاء 24 جوان 2025
العدد 19804

العدد 19804

الإثنين 23 جوان 2025