توارثوها جيلا بعد جيل

«الداير» فرصة لاستعادة وترميم العلاقات بين الأهل والأصدقاء

ورقلة: إيمان كافي

تجد العائلات بورقلة في عادة «الداير» التي يحرص السكان في مناطق متفرقة بورقلة على غرار «الرويسات»، «المخادمة «و»بني ثور» وغيرها على إحيائها في كل شهر رمضان، متنفسا لقضاء وقتها والاستمتاع بالسهرات الرمضانية، هذه العادة التي ساهمت كثيرا في تعزيز صلة الرحم بين أفراد العائلة وترميم العلاقات الاجتماعية.
تتجاوز «الداير»، التي تجمع بين الأهل والجيران والأصدقاء أيضا، مفهوم العادة الاجتماعية في أيام رمضان، حيث تعدّ فرصة لترميم العلاقات وتوطيد الروابط الاجتماعية وإصلاح ذات البين، سواء بين الأقارب والأصحاب وحتى الجيران.
وبهذا الصدد تقول صليحة حجاج إحدى سكان المدينة، إن لعادة «الداير» عبرة خاصة وقصص ملهمة في نفس الوقت، تحيلنا إلى أهمية مثل هذه العادات في القاموس المجتمعي وحكمة الأجداد في تكريسها.
حيث لا تختصر فكرتها على العادة الاجتماعية في معناها الظاهري فقط بل تتعداه إلى المساهمة في إعادة روح العلاقات بين أفراد المجتمع، خاصة بين الأهل والعائلة، ووسط زحمة الحياة وانشغالات الناس بشؤونهم، تعود هذه العادة لتضع التوازن المطلوب في العلاقات والتعايش ما بين الأقارب والأصدقاء.
فقد سمحت هذه العادة باسترجاع الكثير من العلاقات التي فُقدت بين العائلات والأحباب والمقربين، ولم تكن هذه التجمعات سوى مناسبة سانحة لإعطاء فرصة أخرى لاستعادتها من جديد.      
وتقول صليحة إن لعادة «الداير» قصة خاصة وسط عائلتها، شهدت من خلالها الأثر الجميل الذي يمكن للعادات أن تتركه في النفوس بأن تجعل من رمضان فرصة لتغيير نظرتنا للعلاقات الاجتماعية.
وأعطت محدثتنا مثالا بأبناء عمومتها الذين كانت لقاءاتهم جد محدود، بسبب ضغوطات العمل وانشغالات الحياة، إلا أن عادة «الداير» مكنتهم من استعادة العلاقة فيما بينهم كما كانت في السابق بل وأفضل، وهنا تضيف المتحدثة «شارعنا تغيّر وعدنا جميعا متقاربين أكثر بيننا بسبب هؤلاء الشباب.. لأن رمضان لم يحسن علاقتهم فقط، بل أضحى كل رمضان بعده فرصة للتعاون فيما بينهم على الخير ومساعدة المحتاجين».
وبالعودة إلى عادة «الداير» فمن المهم الإشارة إلى أن تسمية هذه العادة «بالداير» جاءت من منطلق أن العائلات وحتى الشباب الأصدقاء يتداولون فيها على استقبال بعضهم بعضا في شكل دائري في بيوتهم، حيث يكون الاستقبال عادة بعد صلاة التراويح مع تقديم واجب الضيافة وتحضير الأطباق التقليدية وصينية الشاي والحلويات الرمضانية، التي لابد أن تكون حاضرة في مثل هذه الجلسات الرمضانية.
كما لا تقتصر هذه العادة على الرجال فقط، بل حتى لدى النساء والأطفال الصغار، وتعد من بين الأوقات الممتعة في اليوم لما تحمله من أحاديث ونقاشات وفكاهة، حيث تعد مساحة للترويح عن النفس بعد يوم شاق من الصيام.
وتتيح «الداير» في كل مرة لشخص بالتداول استقبال الجماعة، وعلى الرغم من أن هذه العادة تعد من العادات المتوارثة عن الأجداد المقاومة للزمن، بدأت تنحصر، نظرا لأسلوب العيش المعاصر الذي يُفرض على الكثيرين بسبب الانشغالات والالتزامات اليومية للأفراد، إلا أنها مع ذلك تصور أسلوبا متميزا لقضاء السهرات الرمضانية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024