مازال وزير الداخلية في الحكومة الفرنسية، برونو روتايو، يتحامل على الجزائر، وتصدر عنه تنطّعات بلا معنى ولا قيمة، غرضها محاولة تشويه صورة بلد الشهداء، الذي يعرف، هذه الآونة، نهضة حقيقية بالقطاعات السيادية لم ترق له ولباقي أعضاء اليمين في قصر الإليزيه.
منذ تولّيه المنصب، انصبّ اهتمام روتايو المتحالف مع اليمين المتطرّف ورافع لوائه في الحكومة، على الأحداث الداخلية في الجزائر، بدل النظر بإمعان في حلّ مشاكل بلده ومواطنيه الذين باتوا لا يُخفون ضجرهم وخروجهم للشارع رفضاً لسياسة حكومته الفاشلة، حيث بالغ في توجيه سهامه السامّة، إلى الجالية الوطنية في فرنسا من أجل التضييق عليها بما يُخالف ويدوس على القانون في محاكم باريس المتشدّقة بالحريات وحقوق الإنسان، لتأتي قضية توقيف المدعو صنصال بوعلام وفق أحكام القضاء الجزائري السيّد، ليدخل في هيستيريا أقوال وتصرفات عدائية، رفضها الجزائريون تدخلاً سافراً ومشينا في شؤونهم، وتصدّوا لها بلا هوادة.
ثمّ توالت هرطقاته خلال الأشهر القليلة الماضية، إلى أن وقعت حادثة الطعن في مدينة مولوز، أمس الأول، ليخرج مهتزاً على أمواج القناة الفرنسية الأولى تي أف 1، وينفث سمومه مجدّدا، متظاهرا جزافا بتقديم دروس في مكافحة الإرهاب، وهو لا يدري أنّه التلميذ الغبي في حضرة الأستاذ المعلم، الذي يعدّ مزارا للعالم أجمع لتلقي تجربته الملهمة في محاربة هذه الظاهرة الأمنية، بما فيه دول عُظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا الإتحادية، وأكثر من هذا تمتلك الجزائر أفضل مقاربة نموذجية دولية في مكافحة الإرهاب وتقويض التطرف العنيف، اكتسبتها بكفاءة عالية بفضل جهود الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، بحسب مراقبين.
وتعليقاً على الموضوع، أوضح الخبير السياسي والأمني، البروفيسور نور الصباح عكنوش، أنّ برونو روتايو، أثبت عدم قدرته على تمييز الوقائع جيداً، وإلاّ ما كان ليخطأ أمام دولة بحجم قارة مثل الجزائر، تقع أمامه على الخارطة بحجم أكبر من بلده بأضعاف مضاعفة، ولكن ضعف مستواه النظري والفكري جعله يسلك منهجا عدوانيا إزاء أمّة سيّدة مستقلّة، متناسيا أنّها ذات سيادة في 2025 وليست في القرن التاسع عشر.
واعتبر نور الصباح عكنوش، في تصريح خصّ به «الشعب»، تهديد روتايو وعنفه اللفظي ضدّ الجزائريين، إثر حدوث عملية مولوز، يجعل منه مرة أخرى جاهلا بالقانون الدولي، وبالاتفاقيات بين البلدين ناهيك عن ترويجه لكراهية الإسلام والمسلمين، مشيرا أنّ الجزائر تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي كافحت الإرهاب لوحدها وانتصرت عليه وقوّضت أفكاره وانتشاره ووجوده، في نموذج فريد مرجعي تعترف به كبرى دول المعمورة شرقاً وغرباً.
وتابع عكنوش قائلاً: «فرنسا لم تعد دولة كبرى ولا يمكنها أن تعترف للجزائر بريادتها الإقليمية والدولية في مقاربة الظاهرة الإرهابية بفعّالية وقوّة واستدامة، وهو ما عبّر عنه لا شعوراً وزير داخلية الإليزيه المريض بفوبيا الجزائر، إلى درجة تخليه عن مركزه القانوني والأخلاقي والسياسي كوزير، وراح يتصرّف كتلميذ سيء السمعة، يكيل كلّ التهم لأستاذه ومعلّمه حتى يبرّر سقوطه في امتحان التاريخ والجغرافيا.
ومن جهة أخرى، يضيف المتحدّث، تواصل حكومته استعمال لفظ الجزائر كغطاء لإخفاقاتها في تدبير السياسات العامة للمواطن الفرنسي الذي يضحك على خرجات دون كيشوت القرن الواحد والعشرين، وهي التي لم نسمع لها أيّ صوت عندما أهانها الكيان الصهيوني في عملية توقيف دركيين فرنسيين بالقدس، لنجدها «بدون شرف تعلن حربا معنوية على دولة سيدة مستقلّة كافحت الإرهاب بلا هوادة، ونجحت في القضاء عليه، بل كانت وستظلّ مدرسة مرجعية للعالم في محاربته».
الجزائر تقطع خطوات هامّة نحو الأمام وتحوز أسباب التقدّم استراتيجياً وتنموياً، بتعدّد كفاءاتها العلمية البشرية، ومواردها الطبيعية الضخمة، وتنوّع حلفائها، لتبني نموذجها الدبلوماسي والإقتصادي والعسكري.
هذا الأمر أخرج روتايو من عقله، ليجد في المقابل، أنّ بلد الشهداء الذي عاقب منظومته الكولونيالية قبل أكثر من 60 سنة، باستقلال مخضّب بدماء ملايين الشهداء، يختم الخبير السياسي والأمني، البروفيسور نور الصباح عكنوش.