يقضـون سنوات طويلـة في الحبـس الإنفـرادي

المعتقلــون الصّحراويّــون يُقتلــون ببطء في الزّنازيـــن المظلمـــة

 يقبع السّجين السياسي الصّحراوي وعضو مجموعة “أكديم إزيك”، سيدي عبد الله أبّهاه، في الحبس الإنفرادي داخل السّجن المغربي، تيفلت 2 السيئ السمعة منذ سبع سنوات، بحسب ما أفادت به الدكتورة إيزابيل لورينسو في تصريح لوكالة الأنباء الصّحراوية، معتبرة أنّ وضعه يشكّل عقوبة تعرفها الأمم المتحدة بأنها “تعذيب”، في حين أنّ جريمته هي: الدفاع السلمي عن حقّ الشّعب الصّحراوي في تقرير مصيره.
وخلال هذا الأسبوع، وبعد إبلاغه إدارة السّجن رسميًا بنيّته ببدء إضراب عن الطعام كاحتجاج، حُرم أبّهاه من هذا الحق — وهو حقٌ مكفول حتى وفقًا للوائح السّجون المغربية نفسها. وخلال الساعات الثماني والأربعين التالية، بدأت تظهر ملامح حملة تهديد ومضايقات ممنهجة، حيث دخل حرّاس السّجن زنزانته الواحد تلو الآخر، موجهين له تحذيرًا موحّدًا: “توقّف عن قول إنك سجين سياسي. أنت مجرّد مجرم مدني لا أكثر”.
وترى الدكتورة لورينسو المختصة في الدراسات الإفريقية وحقوق الإنسان والقانون الدولي، أنّ هذه ليست مجرّد كلمات بل هي محاولة محسوبة لمحو هويته السياسية وتهميش النضال الصّحراوي الأوسع. ويقول خبراء في حقوق الإنسان، إنّ هذه الحملة من الضغط النفسي، والعزل، والحرمان من الوصول إلى الدعم القانوني، تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
جدير بالذّكر أنه في عام 2016، لم تكتفِ لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب بالنّظر في قضيته فحسب، بل أكّدت أنه تعرّض للتعذيب أثناء احتجازه لدى السّلطات المغربية. وذهبت مجموعة الأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي إلى أبعد من ذلك، معتبرة أنّ اعتقاله يشكّل خرقًا لإجراءات المحاكمة العادلة ودعت إلى الإفراج الفوري عنه. إلّا أنّ المغرب تجاهل كلا القرارين.
وما هو أسوأ من ذلك، أنّ أبّهاه ما يزال مقطوعًا تمامًا عن محاميته، السيدة “ماتير ألفا أوليد”، التي مُنعت من التواصل معه في خرق فاضح للأعراف القانونية، ممّا يعمّق من عزلته.
من جهة أخرى، تؤكّد الدكتورة إيزابيل لورينسو أنّ معاملة الدولة المغربية لأبّهاه ليست مجرّد حالة تعذيب داخل السّجن، بل هي عملية محو سياسي ممنهجة. فمن خلال حرمانه من الحقّ في الاحتجاج، وإنكار صفته السياسية، وإسكات صوته، لا تنتهك دولة الاحتلال المغربية حقوق الإنسان فقط، بل تحاول إعادة كتابة التاريخ.
وتحذّر منظمات حقوق الإنسان من أنّ استمرار غياب الضغط الدولي سيؤدي إلى طمس قضايا مثل قضية أبّهاه. وفي هذا السياق قال أحد النشطاء القانونيّين المطّلعين على القضية، أنّ “هذه ليست قضية رجل واحد، بل هي قضية تدمير ممنهج لحق شعب بأكمله في المقاومة”.
وفي الوقت الذي ينشغل فيه العالم بصراعات أخرى، يتواصل التضييق على السّجناء السياسيّين الصّحراويّين الذين يقتلون ببطء خلف الأبواب المغلقة، تحت أضواء خافتة، وبعيدًا عن عناوين الأخبار العالمية التي يستحقون أن يكونوا على صفحاتها الأولى.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19767

العدد 19767

الخميس 08 ماي 2025
العدد 19766

العدد 19766

الأربعاء 07 ماي 2025
العدد 19765

العدد 19765

الثلاثاء 06 ماي 2025
العدد 19764

العدد 19764

الإثنين 05 ماي 2025