توفّي أمس بعد معاناة مع المرض.. البابا فرانسيس في خطاب الوداع

أوقفوا الحـرب على غـزّة وأطلقـوا سراح الأسـرى

مع إعلان الفاتيكان أمس وفاة الحبر الأعظم فرنسيس عن عمر يناهز 88 عامًا، تنطوي صفحة من حياة رئيس للكنيسة الكاثوليكية اتّسمت بالتعاطف مع المحرومين وضحايا الحرب حول العالم واللاجئين.
في عيد الفصح، الأحد، دخل البابا فرنسيس ساحة القديس بطرس، في سيارة مكشوفة لأوّل مرّة منذ علاجه من التهاب رئوي مزدوج، ليحيي عشرات الآلاف من الكاثوليك في آخر ظهور له.
لم يرأس البابا فرنسيس، قداس عيد الفصح في الفاتيكان لكنه ظهر في نهاية الحدث لفترة وجيزة في الشرفة الرئيسية لكاتدرائية القديس بطرس لتوجيه رسالة إلى العالم.
 وفي رسالته الأخيرة، لم ينس غزة، والإبادة التي تتعرّض لها على يد الآلة الصهيونية. وقال: “أدعو الأطراف المتحاربة إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، وتقديم المساعدات للشعب الجائع، والذي يتطلع إلى مستقبل سلام”. وأضاف: “أمام قسوة الصراعات التي تشمل المدنيين العزل، وتهاجم المدارس والمستشفيات والعاملين في المجال الإنساني، لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن ننسى أن الأهداف التي يتم استهدافها ليست أهدافًا، بل هي أشخاص لهم روح وكرامة”.
وكان البابا فرنسيس كثّف، قبل دخوله المستشفى حيث مكث 5 أسابيع للعلاج من الالتهاب الرئوي، انتقاداته لحرب الإبادة الصهيونية على غزة، ووصف في جانفي الماضي الوضع الإنساني في القطاع بأنه “خطير للغاية ومخز”.
وكان الفاتيكان أعلن، في بيان مصوّر صباح أمس الاثنين، وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما، بعد معاناة من أمراض مختلفة خلال فترة بابويته للكنيسة الكاثوليكية التي استمرت 12 عاما.
وبالمناسبة، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن البابا فرنسيس كان “صديقا مخلصا للشعب الفلسطيني” وكان “مدافعا قوّيا عن قيم السلام والمحبة والإيمان في العالم أجمع “ واعترف بدولة فلسطين ورفع العلم الفلسطيني في حاضرة الفاتيكان” مقدّما تعازيه بوفاته.
ابــــن المهاجريـــن وأبــــو الفقــراء
ولد البابا فرنسيس في 17 ديسمبر 1936 في العاصمة الأرجنتينية، باسم خورخي ماريو بيرغوليو، كان والده محاسبا يعمل في السكك الحديدية، ووالدته ريجينا سيفوري ربة منزل كرسّت حياتها لتربية أبنائها الخمسة.. حصل على شهادة فني كيميائي من مدرسة تقنية ثم اختار طريق الكهنوت، حيث أصبح كاهنا في 13 ديسمبر 1969، وفي 20 ماي 1992، عينه البابا يوحنا بولس الثاني أسقفا مساعدا في بوينس آيرس، وبعد وفاة الكاردينال كواراشينو، أصبح كبير أساقفة الأرجنتين.
في عام 2001، تم تعيينه كاردينالا، وبرز كأحد الشخصيات المؤثرة في الكنيسة الكاثوليكية في أمريكا اللاتينية.
انتخابــــه بــابـــا للفاتيكــــان
في 13 مارس 2013، وبعد يومين من التصويت، تم انتخابه بابا للكنيسة الكاثوليكية في اجتماع الكرادلة، عقب استقالة البابا بندكتوس السادس عشر.
وقد اختار بابا الفاتيكان، الذي كان أول بابا من أمريكا اللاتينية، اسم “فرنسيس” تكريما للقديس فرنسيس الأسيزي، الذي اشتهر بتواضعه وحبه للفقراء.
منذ اللحظة التي انتخب فيها، أظهر البابا فرنسيس رفضا لبعض التقاليد المترسخة في الفاتيكان، مثل استخدام السيارات الرسمية الفاخرة، وأبدى رغبة في العيش ببساطة أكبر، مما أكسبه إعجابا واسعا من العديد من الأشخاص.
وقد اختار العيش في شقة بسيطة مؤلفة من غرفتين، عكس التقليد الذي يقتضي عيش الباباوات في منازل خاصة. وقال أكثر من مرة: “شعبي فقير وأنا واحد منهم”، مفسرا بذلك قراره بالعيش في شقة وطهي طعامه بنفسه.
وقد عرف البابا فرنسيس خلال جلوسه على الكرسي الرسولي بمواقفه الإنسانية في قضايا حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، ونبد العنف، والاهتمام بالفقراء والمهمشين.
ناضل من أجل التقارب بين الأديان وانتقد الرأسمالية المتوحشة والجشع الاقتصادي ودعا إلى أن يكون الاقتصاد في خدمة الإنسان، وليس العكس.. عام 2016 زار جزيرة ليسبوس اليونانية حيث التقى اللاجئين السوريين، ثم اصطحب 12 لاجئا مسلما معه إلى الفاتيكان، في رسالة تضامن قوّية. وانتقد بقوة سياسات إغلاق الحدود أمام اللاجئين، معتبرا أن الإنسانية تقتضي استقبالهم ومساعدتهم.
دعـــا للســـلام ونبــــذ الحــــروب
كما دعا للسلام ونبذ الحروب، وحثّ مرارا إلى إنهاء النزاعات المسلحة، لا سيما في أوكرانيا وسوريا واليمن والأراضي الفلسطينية، ودعا القوى الكبرى للسعي لحلول دبلوماسية بدلا من الحروب. وانتقد تجارة السلاح واعتبرها “إحدى الجرائم الكبرى ضد الإنسانية”، كما انتقد صعود الأحزاب الشعبوية في أوروبا وأمريكا، محذرا من خطابات الكراهية ضد المهاجرين والأقليات.
وأجرى البابا فرانسيس إصلاحات في الكنيسة الكاثوليكية، حيث عمل على التخفيف من صرامة القوانين المتعلقة بالطلاق والزواج، ودعا إلى جعل الكنيسة أكثر قربا من الناس وأقل بيروقراطية.
وعيّن نساء في مناصب قيادية داخل الفاتيكان لأوّل مرّة في تاريخ الكنيسة، كما دعا إلى تعزيز دور المرأة داخل الكنيسة، لكنه لم يصل إلى حد الموافقة على منحهن رتبة الكهنوت.
وأطلق البابا الراحل إصلاحات داخل الفاتيكان لمحاربة الفساد المالي، وأقال عددا من المسؤولين في إدارة الكنيسة بسبب قضايا مالية مشبوهة، وكان يشدّد على ضرورة أن تكون الكنيسة نموذجا في الشفافية والنزاهة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19753

العدد 19753

الإثنين 21 أفريل 2025
العدد 19752

العدد 19752

السبت 19 أفريل 2025
العدد 19751

العدد 19751

الجمعة 18 أفريل 2025
العدد 19750

العدد 19750

الأربعاء 16 أفريل 2025