تتصاعد أزمة الجوع والعطش بفعل الحصار المطبق الذي يفرضه الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، على وقع مجازر وحشية وإبادة متواصلة.
مع شح الغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية الأخرى وارتفاع أسعار ما تبقى منها، أغلقت بعض المحال التجارية والمخابز ومراكز تقديم الطعام أبوابها، بالتزامن مع أزمة عطش غير مسبوقة، بفعل تدمير الاحتلال محطات تحلية المياه، والبنى التحتية للشبكة التي تمثل عصب الحياة في القطاع.
في حي التفاح شرق مدينة غزة، لم تعد المياه تتدفق كما كانت من محطة “غباين”، بل تحولت إلى ذكرى موجعة بعد أن دمّر القصف الصهيوني هذا المرفق الحيوي بالكامل.
المنشأة الحيوية التي تمدّ الآلاف من سكان شمال قطاع غزة، تحولت إلى كومة من الركام بعد قصف صهيوني متعمد، في حلقة جديدة من حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على البنية التحتية في القطاع منذ 18 شهراً.
هذا الاستهداف الثالث لمحطة تحلية المياه منذ بداية حرب الإبادة، والتي تُعد من المصادر الحيوية التي تغذي منطقة شرق غزة بالكامل، إلى جانب أجزاء من مدينة غزة وامتدادًا حتى جباليا شمالاً.
يأتي هذا القصف ضمن سياسة ممنهجة اتبعتها القوات الصهيونية منذ بداية الحرب، حيث استهدفت بشكل متعمد آبار المياه والبُنى التحتية المرتبطة بها، ما أدى إلى انقطاع إمدادات المياه التي كانت تصل إلى غزة عبر الخطوط الصهيونية .
وضاعف الاحتلال معاناة سكان مدينة غزة، بعد أن أوقف السبت، المياه الواصلة من شركة “ميكروت”، والتي تمثل 70 بالمائة من إجمالي الإمدادات المتوفرة فيها، وسط تحذيرات من أزمة عطش كبيرة بين النازحين الذين يعانون أوضاعا معيشية صعبة.
وفي مارس الماضي، قطعت سلطات الاحتلال الكهرباء المحدودة الواصلة إلى محطة تحلية المياه الرئيسية وسط قطاع غزة، فيما توقفت بعدها بأيام ثاني أكبر محطة في القطاع بسبب نفاد كميات الوقود، حيث يغلق الاحتلال المعابر منذ مطلع الشهر نفسه إمعانا بإبادته الجماعية.
ومنذ 2 مارس الماضي، يمنع الجيش الصهيوني دخول الإمدادات الأساسية من غذاء ومياه وأغذية لقطاع غزة عقب إغلاقه للمعابر ما تسبب في كارثة إنسانية وتفاقم للمجاعة.
تفاقم الأوضاع المعيشية
ويصف المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، الواقع المائي في القطاع بأنه “كارثي”، مشيرًا إلى أن العدوان الصهيوني تسبّب في استهداف أكثر من 40 بئر مياه رئيسي منذ بدايته، ما أدى إلى انخفاض حاد في كميات المياه المتوفرة.
وقال مهنا: “البلدية تعمل جاهدة لتوفير بدائل رغم محدودية الإمكانيات، لكن حجم الأضرار كبير جدًا، ويصعب تعويضه في ظل الحصار والعدوان المستمر”.
وأضاف: “ الاحتلال دمر أكثر من 64 بئر مياه خلال الحرب، وما يزيد عن 110 آلاف متر طولي من شبكات المياه، وهو ما فاقم من الأوضاع المعيشية بشكل خطير.”
وأشار إلى أن أزمة المياه تتزامن مع تفاقم الجوع والحصار، فضلًا عن التدهور الصحي والبيئي الناتج عن تكدس النفايات وتسرب مياه الصرف الصحي، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا على حياة السكان، خصوصًا في ظل غياب المياه الصالحة للتعقيم والنظافة وطهي الطعام.