كشفت وثائق شحن حصل عليها حصريا كلّ من موقع “ديكلاسي فايد” البريطاني ومنصة “ذا ديتش” الإيرلندية، أنّ شركة الشحن الدنماركية العملاقة “ميرسك” تشارك حاليا في نقل مكوّنات لطائرات مقاتلة من طراز “إف 35” إلى الكيان الصهيوني، عبر ميناء طنجة المغربي، في إطار سلسلة شحنات انطلقت من منشأة تابعة لسلاح الجو الأمريكي في فورت وورث بولاية تكساس.
وأوضح التقرير أنّ السفينة الأمريكية “ميرسك ديترويت”، التي ترفع العلم الأمريكي، انطلقت في الخامس من أفريل من ميناء هيوستن، وهي محملة بمكونات تخص طائرات “إف 35” الحربية، المصنعة من قبل شركة “لوكهيد مارتن”.
وتُشير بيانات الشحن إلى أنّ السفينة ستصل إلى ميناء طنجة خلال الفترة من 20 إلى 22 أفريل، حيث ستُنقل الحمولة إلى سفينة أخرى تحمل اسم “نيكسوي ميرسك”، قبل أن تتابع طريقها إلى ميناء حيفا بفلسطين المحتلة، ومنه إلى قاعدة “نيفاتيم” الجوية، التي تُستخدم كمنصة لانطلاق الطائرات المقاتلة الصهيونية المشاركة في الهجمات على غزّة.
ويمثل هذا المعبر البحري عبر المغرب تغيرًا ملحوظًا في مسار الإمداد المعتاد للمكونات العسكرية، حيث كانت الولايات المتحدة تعتمد سابقًا بشكل أساسي على النقل الجوي لشحن مكونات طائرات “إف 35” إلى الكيان الصهيوني، وهو ما يرجّح أنّ الشحنة الحالية تحتوي على معدات أثقل أو أكبر حجمًا لا يمكن نقلها بسهولة عبر الطائرات.
ويعد ميناء طنجة نقطة مركزية في هذا المسار الجديد، إذ يتم فيه تفريغ ونقل الحمولة من السفينة الأمريكية إلى سفينة أخرى متجهة إلى الكيان الصهيوني، ما أثار استياء شعبيًا واسعا في أوساط الناشطين المناهضين للتطبيع وداعمي القضية الفلسطينية في المغرب، الذين يندّدون بموقف المخزن المخزي الذي تحول إلى شريك مباشر في العدوان على الشعب الفلسطيني.
المخزن لا يبالي بموقف الشعب
وفي هذا السياق، شهدت مدينة طنجة احتجاجات شعبية واسعة، خلال الأشهر الماضية، ضدّ استخدام مينائها كنقطة عبور للشحنات العسكرية المتجهة إلى الكيان الغاصب. ويشير التقرير إلى أنّ هذه الاحتجاجات جاءت نتيجة جهود منظمة “حركة الشباب الفلسطيني” التي تقود حملة دولية ضد شركة ميرسك، مطالبة بفرض حظر شعبي على تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني.
وأكّدت الحركة أنّ هذه الشحنة من مكونات الطائرات المقاتلة التي تم تحميلها في منشأة “بلانت 4” التابعة لسلاح الجو الأمريكي والمشغلة من قبل شركة “لوكهيد مارتن”، ستُستخدم في صيانة وإصلاح الطائرات الحربية الصهيونية من طراز إف 35، والتي تلعب دورا مركزيًا في القصف الجوي على قطاع غزّة.
وسلّط التقرير الضوء على أنّ قاعدة “نيفاتيم” الجوية في الكيان الصهيوني، التي ستُسلَّم إليها الشحنة العسكرية، تضم سربا من طائرات “إف 35” المستخدمة في حرب الإبادة بغزّة، والتي تورطت في ارتكاب انتهاكات جسيمة، من بينها قصف مناطق سكنية ومدنية، كالهجوم على منطقة “المواصي”، التي كانت مصنفة “منطقة آمنة”، واستشهد فيها أكثر من 90 مدنيا إثر إسقاط قنبلة تزن 2، 000 رطل من طائرة “إف 35”.
تواطؤ واضح في تنفيذ الإبادة
التقرير أشار أيضا إلى أنّ شركة ميرسك شحنت خلال الفترة بين سبتمبر 2023 وسبتمبر 2024 أكثر من 2، 000 شحنة عسكرية إلى الكيان الصهيوني، بما في ذلك شحنات تتعلق بمركبات مدرعة وأنظمة أسلحة ومكوناتها.
في ضوء هذه التطورات، صرّحت “حركة الشباب الفلسطيني” في بريطانيا أنها ستواصل العمل مع القوى اليسارية والنقابات العمالية وكلّ الأحرار حول العالم لفرض حظر شعبي شامل على تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية للكيان الصهيوني، معتبرة أنّ أي مساهمة في هذه السلسلة اللوجستية تمثل دعمًا مباشرًا للتطهير العرقي” والإبادة الجماعية الجارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في الأخير، يجب الإشارة إلى أنّ تأييد السلطات المخزنية للاحتجاجات والوقفات الداعمة للفلسطينيين والمندّدة بالجرائم الصهيونية، ماهي إلا وسيلة للتغطية على حقيقة أنّ المغرب هو شريك في هذه الجرائم، من خلال فتح موانئه لنقل السلاح الذي يبيد به الصهاينة أطفال ونساء فلسطين.