في قطاع غزّة الذي ارتكب فيه الجيش الصّهيوني إبادة جماعية، ما تزال المخلّفات الحربية والقذائف غير المنفجرة تشكّل خطرا داهما على حياة الفلسطينيّين، وتهدّد بحصاد مزيد من الأرواح وإحداث إعاقات دائمة، وسط غياب أي معدات أو إمكانات للتعامل معها.
ورغم توقّف العمليات العسكرية نسبيّا، إلاّ أنّ آلاف الأطنان من القنابل والمتفجّرات التي أسقطت على المدنيّين خلال أكثر من خمسة عشر شهراً تحوّلت إلى قنابل موقوتة مدفونة بين الركام، ما يزيد من معاناة الناس الذين اضطروا لنصب خيامهم بين أنقاض منازلهم المدمّرة.
وقد شهد قطاع غزّة منذ بدء وقف إطلاق النار في 19 جانفي الماضي، العديد من حوادث انفجار مخلّفات الحرب، ما أدى إلى ارتقاء شهداء وإصابة كثيرين في عدة مناطق، وفق تقارير طبية. من بين المصابين، كان الضابط بلال المبحوح (37 عامًا)، أحد أفراد إدارة هندسة المتفجّرات بشرطة غزّة، الذي فقد بصره نتيجة انفجار جسم متفجّر أثناء مهمة عمل في جباليا شمال القطاع.
غياب معدات السلامة
المبحوح قال إنّ إدارته تتلقى يوميا عشرات البلاغات حول وجود قذائف وأجسام غير منفجرة في الشوارع والمنازل والمنشآت التي تعرضت للقصف.
وأشار إلى أنّ قوات الاحتلال استخدمت أنواعا مختلفة من الذخائر، بعضها لم يكن مألوفا لدى خبراء المتفجّرات في غزّة، مضيفا: «لم يتوقّف عملنا طوال شهور الحرب، رغم القصف والاستهداف المتكرّر». وأكّد الخبير الفلسطيني أنّ عناصر هندسة المتفجّرات يعملون بصدور عارية مع انعدام معدّات السلامة، حيث يمنع الاحتلال إدخال أي تجهيزات أو معدات متخصّصة.
30 ألف قنبلة موقوتة
من جانبه، كشف العقيد محمد الزرقة، المتحدث باسم الشرطة بغزّة، أنّ هناك تقديرات بوجود أكثر من 30 ألف جسم متفجّر من مخلفات الحرب منتشرة في القطاع، تشكّل خطرًا كارثيًا على حياة المدنيّين.
وقال الزرقة إنّ تلك الأجسام تشكّل قنابل موقوتة تهدد حياة المواطنين، وتحتاج إلى إمكانيات كبيرة لإزالتها وتحييد خطرها. وأضاف أنّ طواقم هندسة المتفجّرات بالشرطة يعملون بإمكانات بسيطة للغاية، ومع انعدام تام لإجراءات ومعدات السلامة، وحتى للمركبات لنقل الأجسام الخطرة من أماكنها.
وأوضح أنه «يتم إزالة الأجسام صغيرة الحجم، أما القنابل ذات الأوزان الثقيلة فيتم الاكتفاء بتأمين محيطها ومنع اقتراب المدنيّين منها، لحين توفر إمكانية إخلائها من المكان». وطالب متحدث الشرطة المجتمع الدولي والمؤسسات ذات العلاقة إلى التدخل العاجل من أجل إمداد قطاع غزّة بالمعدات الخاصة لعمل هندسة المتفجرات، لتحييد خطر الأجسام والمخلّفات غير المنفجرة على حياة السكان.