يواصل المخزن قمعه الممنهج، من خلال الترهيب وتكميم الأفواه، مستغلا القضاء للانتقام والإعلام للتشهير، والأجهزة الأمنية لإخراس كل صوت يكشف فساده أو يرفض استبداده، في مشهد يؤكد زيف شعاراته عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
حذر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، من “تغول أمني” متزايد يسعى إلى خنق أي تعبير حر، مشيرا إلى أن “القضاء المغربي بات وسيلة لإسكات الأصوات الحرة بدلا من أن يكون سلطة مستقلة تحقق العدالة وتحمي الحقوق”.
وأشار الائتلاف الحقوقي، إلى استغلال القضاء في قمع المعارضين، عبر محاكمات صورية وأحكام قاسية تستهدف كل من يجرؤ على التعبير عن رأيه بحرية، موضحا أن الصحافيين والحقوقيين لم يكونوا وحدهم ضحايا هذه السياسة، بل شملت قائمة المستهدفين المدونين والنشطاء المناهضين للتطبيع، على غرار رضوان القسطيط الذي صدر بحقه حكم بالسجن سنتين، ومحمد بوستاتي الذي اعتقل على خلفية مواقفه المعارضة.
قمــع غير مسبـوق
إضافة إلى ذلك -يضيف البيان- امتدت يد القمع لتطال الفئات الأكثر ضعفا، حيث تم اعتقال الطفلة ملاك الطاهري قبل الإفراج عنها لاحقا، كما تم رفع العقوبة الحبسية بحق سعيد آيت المهدي، رئيس التنسيقية الوطنية لمتضرري زلزال الحوز، إلى سنة سجنا نافذا، وتحويل حكم البراءة بحق المتابعين معه إلى الإدانة بالسجن لأربعة أشهر لكل واحد منهم.
وتابع قائلا: “أما الحقوقي فؤاد عبد المومني، فقد أدين بالسجن ستة أشهر نافذة، مع غرامة مالية، لمجرد مشاركته تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي”، مضيفا بأن هذه المحاكمات “تؤكد أن المخزن لم يعد يكتفي بالمراقبة والتضييق، بل انتقل إلى مرحلة أشد قسوة، تتمثل في الاعتقال الممنهج لكل صوت معارض”.
وأشار الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، إلى أن القمع لم يتوقف عند استهداف النشطاء، بل امتد إلى المواطنين البسطاء الذين يعانون أوضاعا معيشية صعبة، حيث شنّت السلطات حملات هدم واسعة في كل من الرباط وسلا والدار البيضاء، وطالت مساكن المواطنين دون أي احترام للأحكام القانونية الخاصة بنزع الملكية، مما أدى إلى تشريد العديد من الأسر.
اضطـــراب خطــير
في السياق، أكد رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع والباحث في علم الاجتماع السياسي، أحمد ويحمان، أن الدولة المخزنية تحولت إلى “أداة” بيد جهات أجنبية، محذرا من أن المغرب يعرف تحولا خطيرا ينذر بدخوله في مرحلة اضطراب سياسي واجتماعي غير مسبوقة.
وقال ويحمان في منشور له على صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، إن “ما يجري في المغرب اليوم، وفي قلب العاصمة الرباط، لا يمكن إلا أن يوصف بأنه تحول خطير ينذر بدخول البلاد إلى مرحلة اضطراب سياسي واجتماعي غير مسبوقة”.
وأبرز في هذا الصدد، “التهجير القسري لآلاف المغاربة من بيوتهم تحت التهديد، وهدم منازلهم ومصادرة أرزاقهم، وتواطؤ المخزن مع جهات صهيونية، واستغلال القضاء لخدمة لوبيات المال والسلطة، مقابل قمع المناضلين الوطنيين”، مشددا على أن ما يحدث “ليس إلا مؤشرات على دخول المغرب مرحلة الاضطراب الخطير”.
انفجــار محتــوم
وتابع يقول: “إن ما نراه اليوم هو نشرة حمراء بكل المقاييس: انهيار الثقة في الدولة، تفكك المجتمع، تحكم لوبيات خارجية، سياسات تجويع وتهجير، انقلاب على الحقوق الأساسية للمواطنين”.
واستدل في هذا الإطار بتصريحات أحد المنتخبين المحليين بالعاصمة الرباط، فاروق المهداوي، الذي أكد أن عملية التهجير القسري تتم لصالح جهات أجنبية مجهولة، دون الكشف عن هويتها أو عن طبيعة “المصلحة العامة” التي تقتضي تشريد الأسر الآمنة.
وأشار ويحمان إلى أن ما يجري في الرباط اليوم، يعيد إلى الأذهان ما تعرضت له قبائل الرعاة الرحل “إرحالن” في مناطق الرشيدية والأقاليم المجاورة، حيث تم انتزاع أراضيهم الشاسعة التي يعيشون عليها وينتجعون فيها منذ قرون، وتسليمها لصهاينة، “في تواطؤ مفضوح بين السلطات والجهات الصهيونية”.
وخلص ويحمان في الأخير، إلى أن المغرب “يسير نحو انفجار اجتماعي محتوم لن تنفع معه لا الأجهزة القمعية ولا سياسة التعتيم الإعلامي”.