استهجن كثير من الحقوقيين، انتخاب المغرب لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1993، والذي يضم المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ويعنى بتنسيق هذه المؤسسات على المستوى الدولي، ويعزز دورها في جميع أنحاء العالم في مجال حماية حقوق الإنسان، ويسهل عملها مع المنظمات الدولية.
يعود مصدر الاستهجان إلى سجلّ المملكة المغربية الأسود بخصوص حقوق الإنسان، حيث تتوالى التقارير الدولية والمحلية التي تنتقد الانتهاكات والممارسات القمعية التي ينفذها المخزن ضدّ شعبه وضدّ الصحراويين، من خلال تكميم الأفواه والاعتقالات والمحاكمات الجائرة المصحوبة بالتعذيب وسوء المعاملة، دون الحديث عن تحويل حياة المغاربة إلى جحيم حقيقي بفعل الغلاء والتدني المعيشي والبطالة.
في السياق، أوضحت صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن “حملة القمع ضد الأصوات المعارضة في المغرب قد بلغت مستوى جديدا”، مستشهدة باعتقال أربعة أفراد من عائلة مدوّن مقيم في كندا، وينشط على وسائل التواصل الاجتماعي لكشف الفساد المستشري في أوساط شخصيات بارزة ومسؤولين كبار في المملكة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن “السلطات المغربية اعتادت ممارسة ضغوط على محيط المعارضين، لكنها لم تلجأ سابقا إلى اعتقال أفراد عائلة كاملة دفعة واحدة بما فيها فتاة قاصر لا يتجاوز سنّها 13 عاما”.
وأبرزت، أن هذه الاعتقالات جاءت في سياق أوسع يتسم بانتهاكات متعددة للحريات الفردية. وأشارت “لوموند” إلى الحكم الصادر في 3 مارس بالسجن ستة أشهر بحق الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني، لأنه انتقد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب عام 2024.
تقرير “هيومن رايتس ووتش”
وكشفت الصحيفة أن تصعيد القمع يشمل أيضا أحكاما قضائية صارمة، مثل تلك الصادرة ضد سعيد آيت مهدي، رئيس تنسيقية متضرري زلزال الحوز، والذي رُفعت عقوبته من ثلاثة أشهر إلى عام سجنا نافذا، بسبب انتقاده بطء عمليات إعادة الإعمار بعد زلزال الحوز. وأبرزت الصحيفة، أن هذا الحكم، إلى جانب إدانات أخرى بحق نشطاء، يعكس نهجا متزايدا في إسكات الأصوات المعارضة داخل البلاد.
وأكدت الصحيفة الفرنسية، أن هذا النهج الجديد يتماشى مع ما وثقته منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقريرها لعام 2022، حول أساليب السلطات المغربية في قمع المعارضين. ونقلت الصحيفة عن أحمد بنشمسي، المتحدث باسم المنظمة، قوله إن “السلطات لم تعد تلجأ إلى قضايا أخلاقية أو فساد مالي لتشويه سمعة المعارضين، بل باتت تستهدفهم مباشرة بسبب مواقفهم السياسية”.وأشارت “لوموند” إلى أن القمع لا يقتصر على المعارضين السياسيين، بل يمتد ليشمل المحتجين على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. ونقلت عن المؤرخ المعارض معطي منجب قوله: “إن الغضب الشعبي، لا سيما بسبب ارتفاع الأسعار وتفاقم البطالة، يشكل أحد الأسباب الرئيسية لتشديد القيود على حرية التعبير”.
وسلط المقال الضوء على استمرار احتجاز عدد من النشطاء الحقوقيين، مثل وزير حقوق الإنسان السابق محمد زيان، على الرغم من العفو الذي شمل بعض الصحفيين مثل عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين. ووفقا للصحيفة، فإن هذه الإفراجات لم تغير من واقع القمع، حيث لايزال العديد من المعارضين يواجهون تقييدات شديدة، مثل منعهم من السفر أو مصادرة ممتلكاتهم.
الدولـــــة تتغوّل ضـــدّ الشعـــــب
في سياق آخر، كشفت لوموند أن الرباط باتت تتخذ موقفا أكثر صرامة تجاه الأصوات المعارضة لاتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني. وأوضحت، أن السلطات تراقب عن كثب التظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية، مشيرة إلى اعتقال الناشط محمد بوستاتي بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد التطبيع.
من جهة أخرى، نددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمحاكمات التي يتعرض لها مجموعة من الصحافيين والمدونين ونشطاء وناشطات حقوق الإنسان، والتي تندرج في سياق التراجعات الخطيرة في مجال الحقوق والحريات، بسبب تغول الدولة وإمعانها في السعي لإخراس جميع الأصوات الحرة المناهضة لسياساتها المعادية لحقوق الإنسان.