جددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان دقها ناقوس الخطر حول استمرارية موجة الغلاء التي شملت أسعار جميع المواد الاستهلاكية. وعبرت عن رفضها للفوضى التي خلفتها أشغال تنظيم المونديال، ولإصدار أوامر بالإفراغ والقيام بهدم المنازل وتشريد قاطنيها.
انتقدت الجمعية في بيان لمكتبها المركزي، الظرفية الاقتصادية التي تمر بها المملكة نتيجة الفساد وانتشار الريع، محذرة من أن استمرار الدولة في عدم اتخاذها لأية إجراءات لتخفيض الأسعار ومراعاة القدرات الشرائية لأغلب المواطنين، قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي.
تدمــــير الممتلكـات الخاصـة
وعبرت عن قلقها الكبير بخصوص التحضير لكأس العالم، وما يصاحبه من إطلاق مجموعة من الأشغال داخل المدن بشكل مفاجئ، وهو ما ترتب عنه فوضى على الطرقات جعلت سكان المدن يعبرون عن استيائهم بسبب هذه الفوضى.
وقالت الجمعية، إن هناك ملكيات خاصة أصبحت مهددة بالهدم، أو تم هدمها، بحجة توسيع الطرقات، وهو أمر مرفوض، إذ لا يجب أن يكون التحضير لكأس العام مبررا لتدمير البنايات والممتلكات الخاصة.
وأدانت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب الحملة الهوجاء التي تشنها الدولة مؤخرا في العديد من المدن والقرى والدواوير ضد بعض السكان، عبر إصدار أوامر بالإفراغ والقيام بهدم المنازل وتشريد قاطنيها من طرف مصالح وزارة الداخلية، الأمر الذي أخذ أشكالا متعددة وخطيرة، طالت العديد من الأسر المغربية في العديد من المناطق بالمغرب.
بيع العقارات للأجانب يثير سخطا
في السياق، كشفت ندوة نظمها “حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي”، عن التخويف والترهيب الذي يتعرض له سكان عدة أحياء بالرباط، خاصة حي المحيط، لتنفيذ قرارات “غير قانونية” للسلطات بهدم المنازل وإرغام أصحاب العقارات على بيعها، بهدف فسح المجال لمستثمرين خواص لتشييد فنادق واستثمارات خاصة.
وأكد الضحايا خلال الندوة، تشبثهم بعقاراتهم ورفضهم البيع ولو تم الهدم على رؤوسهم، مستنكرين أن يتم إكراه المواطنين على بيع أملاكهم لخواص أجانب، في الوقت الذي تتحجج فيه السلطات بـ«الجهات العليا” وبكون الأولوية للمونديال وليس لشيء آخر، لتنفيذ قراراتها.
الدولــة تبطـش بمواطنيهــا
وقال فاروق مهداوي، المستشار الجماعي عن حزب الفيدرالية، إن بطش الدولة بدأ قبل أسابيع من “دوار العسكر”، الحي التاريخي، حيث تم ترحيل السكان بشكل قياسي وسط الموسم الدراسي، وبمقربة من شهر رمضان، وجرى هدم البيوت على الرؤوس دون أن يستطيع المتضررون جمع كل أغراضهم، وتم ترحيلهم إلى أطراف تامسنا وعين عودة على بعد أزيد من 30 كلم.
وأشار مهداوي إلى أن الدولة مرت بعدها لحي المحيط من أجل هدم منازل الناس بشكل غير مشروع وغير قانوني، ويشكل حالة جد شاذة، خاصة وأن السلطة تضغط على الناس ليبيعوا العقارات بثمن أقل من قيمتها، لجهة مجهولة وخارج القانون.
وأكد المتحدث أن سلب العقارات من أصحابها يتم دون أي مرسوم للمنفعة أو المصلحة العامة، وكل ما يوجد هو قرارات شفهية وتهديد للناس، ويتم فرض البيع عليهم بسعر أقل بكثير من السعر الحقيقي للعقار.
وأوضح مهداوي، أنه لا توجد أي مصلحة عامة في هذا الهدم، بل هناك فقط مصلحة خاصة، حيث يتم الضغط على مواطنين للبيع لصالح جهات أجنبية وشركات خاصة دون التصريح بذلك.
وأبرز المستشار الجماعي، أن السلطات ورغم النداءات لا توضح ولا تكشف عن حيثيات الهدم، وتكتفي بالقول إن هذه “قرارات عليا”. ووصلت غطرسة السلطة، إلى حد إخراج الناس من منازلهم ونقلهم لأماكن بعيدة خارج المدينة ودون تعويض، رغم أنهم ملاك للعقار، ونفس الأمر يطال المستأجرين الذين يتم طردهم دون تعويض ودون سند قانوني، رغم أنهم يؤدون واجبات الكراء منذ عقود.
قمـع تحـت مسمى “قرارات عليــا”
إحدى المالكات للعقارات المعنية بالهدم عبرت عن المعاناة القاسية التي يعيشها المتضررون، حيث لا يوجد قانون ولا حماية للمواطن، واصفة الابتزاز الذي يتعرضون له بالقاسي، ونددت بكون الباشا والأعوان يأتون للملاك في منتصف الليل بشكل غير قانوني ويطالبونهم بالرحيل، لكننا، كما أضافت، “لا نريد البيع نهائيا ومستعدون للموت في منازلنا”.
متضرر آخر قال: “كنا نعيش في سلام وطمأنينة، لنا بيت نؤوي إليه بأمان لكنهم يريدون أن يأخذوه منا، لكننا نقول: “لا” للعبث وسنواصل نضالنا، ولا يمكن أن يقوموا بجرة قلم بأخذ مساكننا ومنحها للوبيات، حتى يزيد الغني غنى والفقير فقرا”.
وبين المتحدث أن لا أحد يجيب على تساؤلات السكان، وأنه يجري قمعهم بمسمى “قرارات عليا” دون الكشف عن الجهات التي تريد اقتلاع واجتثاث بنية اجتماعية من محيطها.