صعّد النظام المخزني بشكل رهيب من مضايقة المعارضين والمدافعين عن حقوق الانسان، ليجد الشعب المغربي نفسه بين مطرقة الفقر المدقع وسندان المس الخطير بالحريات والذي طال حتى الأطفال، والأخطر أن القضاء أصبح أداة لتبييض الظلم ومحاربة مناهضي الفساد والاستبداد.
أكد الإعلامي المغربي، رشيد بلغيثي، أن “القضاء أصبح أداة لتبييض الظلم، بالادعاء أن أي شخص يخضع للمحاكمة قد حصل على محاكمة عادلة لمجرد أنه مثل أمام محكمة، ومن ثم تتم مصادرة الحق الأصيل لكل مواطن في مناقشة هذه الأحكام والاحتجاج على القضاء بمناسبة صدورها”.
كما أكد الإعلامي المغربي، سعيد لمرابط، أنه “في مغرب العدالة الآفلة، تتفاوت الأعمار لكن الزنازين تتشابه، ومازالت تتسع للمزيد والمزيد من الظلم والقهر”.
واسترسل قائلا: “تختلف الأعمار في المغرب لكن تتلاقى المصائر بين فؤاد عبد المومني الذي حكم عليه بالسجن 6 أشهر نافذة والطفلة البريئة ملاك الطاهري الموجودة خلف الجدران الشاحبة الموحشة، ليتيقن الجميع أن عدالة ملكة الصمت ضيقة، وقلبها حجر أصم”.
من جهتها، أكدت المحامية المغربية، نبيلة جلال، أنه “لا يمكن لعقل ناضج أن يستوعب التهم الموجهة لطفلة في 13 سنة من عمرها، خاصة وأن هذه التهم لا تتشكل إلا عند بالغ ذي موقف”.
هذا، وقد اهتز الرأي العام المغربي بسبب اعتقال الطفلة ملاك الطاهري، التي لا يتجاوز عمرها 13 سنة، وسط مطالب بإطلاق سراحها وإسقاط المتابعة في حقها.
وشهد محيط المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء (المغرب)، الخميس، وقفة احتجاجية غاضبة، تنديدا باعتقال الطفلة ملاك وإيداعها بمركز حماية الطفولة، في انتظار جلسة محاكمتها المقررة يوم 13 مارس المقبل.
مهزلة قضائية
وتتابع الطفلة بتهم “المشاركة في توزيع ادعاءات بقصد التشهير بالأشخاص” و«المشاركة في التهديد” و«المشاركة في إهانة هيئة دستورية”، وهي تهم ذات طبيعة فضفاضة تستخدمها السلطات في خنق حرية التعبير وإسكات الأصوات الحرة.
بالخصوص، كتب الناشط الحقوقي والسياسي المغربي عبد المولى المروري، يقول: “رغم الطريقة السيئة التي تتعامل بها أجهزة الدولة مع الصحافيين والمدونين والحقوقيين وكتاب الرأي من خلال التشهير بهم، ومضايقتهم، وملاحقتهم، والانتقام منهم، وصناعة ملفات كيدية ضدهم للزج بهم في السجون.. إلى غير ذلك من الأساليب المتصادمة مع القانون والأخلاق.. فلا أحد كان يتصور أن يصل الأمر إلى هذا المستوى الخطير والفظيع من الانتقام الأعمى..
الطفلة ملاك، التلميذة ذات الثلاثة عشر ربيعا، والمريضة بمرض فقر الدم، ودون استحضار هذه الاعتبارات الثلاثة (السن والصفة والحالة الصحية) هي غير مسؤولة جنائيا عما يقوم به الراشدون الذين هي تحت ولايتهم القانونية، ووضعها في السجن هو خرق سافر لحقوق هذه الطفلة، وانتهاك لبراءتها”.
تغوّل أمني
ويضيف “المسؤولية الجنائية منعدمة قانونيا في حالة الطفلة ملاك، حتى وإن أتت هي نفسها تصرفات يجرمها القانون، وإلقاء القبض عليها هو جريمة في حد ذاته.. فلا أدري هل كان هذا المعطى غائبا لدى المسؤولين على هذا الاعتقال، أم تم تغييبه عمدا من أجل تبليغ رسالة ما؟، الدولة بتصرفها هذا تؤكد للرأي العام المغربي وللمجتمع الحقوقي الوطني والدولي، أنها تعيش أزمة حقيقية، أزمة معقدة لا تستطيع الخروج منها، لأنها تفكر بعقلية أمنية إلى حد التغول.
قمع ممنهج
في السياق حذرت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين (هِمَمْ ) “الاتجاه الخطير للقمع المنهجي للرأي والتعبير، وللعقاب الجماعي وعدم مراعاة قدسية حقوق الطفل”، وذلك على خلفية مناقشتها، في اجتماعها الأخير، للقضايا المرتبطة بحرية الرأي والتعبير وحالات الاعتقال السياسي التي تتابعها والحالات الجديدة المعروضة عليها.
وعبرت “هِمَمْ” في بيان لها، عن قلقها بخصوص اعتقال الطفلة ملاك الطاهري، في خرق سافر لمقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادق عليها المغرب سنة 1993.
المخزن جعل القضاء أداة لتبييض الظلم
استنكار واسع لاعتقال الطفلة “مـلاك”
شوهد:57 مرة