استطاعت جمعية «شباب مواهب وآفاق»، بمرور الوقت، أن تفرض نفسها في المشهد الثقافي العاصمي خاصة، والوطني عامة، من خلال نشاطاتها الثقافية الميدانية، التي كانت تظاهرة «فن في الشارع» بالبريد المركزي السبت الماضي واحدة منها. اقتربنا من رئيسة الجمعية السيدة نصيرة دواغي، ووجدنا فيها مثابرة على النشاط وحرصا على العمل القاعدي والتكوين: «التظاهرات ليست كل شيء، والعمل الميداني هو الأهم»، تؤكد السيدة دواغي.
في حديثها إلينا، عمدت السيدة دواغي على التذكير بأن أول طبعة لـ «فن في الشارع» كانت في جانفي 2016، وأن هذه هي ثالث مرة تحتضن فيها ساحة البريد المركزي هذه التظاهرة، إلى جانب طبعة في «دنيا بارك»، ومنتزه الصابلات بالتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة، خاصة وأن الجمعية تتعامل كثيرا مع ديوان مؤسسات الشباب لولاية الجزائر: «هذا الديوان هو الذي يوفّر لنا الوسائل المادية، لأننا لا نعتمد على الدعم وننشط فقط بإرادة أعضاء الجمعية»، تقول محدثتنا.
سألنا السيدة دواغي عن سبب عدم الاعتماد على الدعم، فقالت إنّه «قرار ذاتي، لأنّنا قررنا انتظار هيكلة الجمعية بشكل مكتمل، لأننا ارتأينا الاستثمار في العنصر البشري، وجمع المهتمين الذين يريدون العمل، والآن نحس بأننا مستعدّون».
مثلا عادة ما يتم تنظيم تظاهرات الجمعية بطريقة تراتبية، ولكن هذه المرة أوكِل تنظيم «فن في الشارع» إلى الشباب..»هو هدفنا منذ البداية، لأن جمعيتنا جمعية شباب، وهؤلاء يجب تأطيرهم لأن لديهم الكثير من المواهب والطاقات، ولكنهم يشعرون بشيء من التردد بسبب نقص الخبرة، لذلك فنحن نقدّم لهم خبرتنا وهم يقدّمون لنا طاقتهم الشبانية»، تقول دواغي، مضيفة: «صحيح أن جمعيتنا موجّهة للشباب، ولكننا لا نعترف بالحدود العمرية. لذلك فإن الجمعية تضم أعضاء من مختلف الأعمار، وما يربط بينهم هو الاحترام المتبادل».
ومن مزايا تظاهرات مثل «الفن في الشارع» تذكر دواغي ميزة الجوارية، فالشباب يحب أن يعبّر عن نفسه في الشارع، وكان هنالك الكثير من الكبت في هذا الصدد. ومن الأمثلة على ذلك، ما حدث في تظاهرة الصابلات، حيث كان أحد الشباب على الركح يردّد اسم فريق كرة قدم عاصمي، ما أثار حفيظة شباب يناصرون فريقا عاصميا آخر، وبدؤوا في الشوشرة، «فاقتربت من أحدهم وسألته لماذا يفعل ذلك مادام بإمكانه الصعود إلى المنصة والغناء والتعبير عن نفسه هو أيضا..فتعجب وسألني: فعلا بإمكاني الصعود إلى المنصة؟»..لم يكن هذا الشاب يتوقع أنه بإمكانه التعبير عن نفسه بشرط احترام القواعد.
ولم تقتصر المشاركة على شباب العاصمة، بل هناك من قدم من غليزان وتبسة، والتظاهرة مفتوحة للجميع، إذ بإمكان الشباب باختلاف ولاياتهم وهواياتهم وميولاتهم التسجيل من أجل المشاركة، وحتى عملية التسجيل هذه هي تنظيمية فقط لا غير.
كما لم يقتصر برنامج «الفن في الشارع» على الموسيقى، بل تضمّن أيضا ألعاب الخفّة (السحر) والـ «وان مان شو»، وغيرها من أشكال التعبير الفني. وقد جاء برنامج هذه الطبعة مقتضبا بسبب مباريات كأس العالم التي تنطلق على الثالثة زوالا.
إضافة إلى ذلك، ينصب اهتمام الجمعية على التكوين، على غرار التصوير الفوتوغرافي، وكذا الرسكلة، لأن الجمعية تركز كثيرا على قضايا البيئة والمحيط. وأكّدت رئيسة «شباب مواهب وآفاق» أن الجمعية لا تهدف إلى تنظيم التظاهرات، بل التكوين وعمل الثقافي الميداني، وقد تجسدت ثمار هذه الرؤية في تأسيس فرق فنية مثلا.ولعل الرسالة التي ردّدتها محدثتنا في أكثر من مناسبة، هي أن أبواب الجمعية مفتوحة للجميع، ويمكن التواصل معها بمقرها الكائن بـ 17 شارع حريشان بالجزائر الوسطى، وحتى وإن كانت الجمعية ولائية، «إلاّ أنّنا ننسّق ونتبادل مع جمعيات أخرى في مختلف ولايات الوطن»، تؤكّد نصيرة دواغي.